...

كلام عن الإرهاب (2)


أسامة عبدالستار موسى الفرا 


التفاصيل

كلام عن الإرهاب (2)

   11-3-2010  

 بقلم: أبو يسار

 

 

لا زال الحديث عن إرهاب الدولة، والذي تمارسه دول تمتلك القوة ضد دول وشعوب ضعيفة، ولدينا نموذجان صارخان لكيانين مارسا منذ أن وجدا في هذا الكون كل أشكال الإرهاب على شعوب ودول ضعيفة، والإرهاب من صناعتهما بامتياز، ولم يظهر الإرهاب بوضوح في عصرنا الحديث إلا بعد ظهور هذان الكيانان المارقان، النموذج الأول هو الولايات المتحدة الأمريكية وهي أول دولة مارقة في تاريخنا المعاصر، وقد يتساءل البعض كيف تكون الدولة الأعظم في عالمنا هذا مارقة وإرهابية؟، هي مارقة كونها لا تمتلك تاريخ أو حضارة أو ثقافة ولم يمضي على تأسيسها خمسة قرون، وهي لمامة من الشعوب الأوروبية والأفريقية والأسيوية المهاجرة، والتي حلت محل السكان الأصليين في أمريكا الشمالية وهم الهنود الحمر، وقد تأسست على أنقاض شعب جرى استئصال معظمه ولم يتبقى منه إلا أقلية ضئيلة ذابت في هؤلاء المهاجرين الجدد الذين كونوا ما يعرف الآن بالشعب الأمريكي والعائد في أصوله إلى ايرلندا وألمانيا وأسبانيا والبرتغال وإيطاليا وبولندا والصين والهند وأفريقيا، هذه الدولة الأعظم والتي قادها منذ أن تأسست المهاجرون البيض اعتمدت سياسة القتل والعنف لتثبيت كيانها محلياً ودولياً، وكانت إستراتيجية البطش والقتل والتمييز العنصري هي السائدة ولا زالت، فالولايات المتحدة الأمريكية لديها إستراتيجية تعتمد على القوة في فرض ما تريد من سياسات دولية حيث تمارس البطش المفرط بقوة ضد من يعارض سياسة الهيمنة التي تفرضها في هذا العالم تارة بالجيوش والسلاح وتارة أخرى بالعقوبات وفرض الحصار والمال، وشعوب العالم كلها تعرف مدى وحجم الإرهاب الذي مارسته الإدارات الأمريكية المتعاقبة عليها، إرهاب القوة والقتل والتدمير والحصار والتجويع والعقوبات الاقتصادية بدءً من مجازر الهنود الحمر داخل أمريكا نفسها ومروراً بهيروشيما وناجازاكي وفيتنام وكوبا ونيكاراجوا وليبيا ويوغسلافيا والصومال وأفغانستان وانتهاءاً بالعراق، حيث مارست الولايات المتحدة الأمريكية أبشع أشكال الإرهاب ضد تلك الدول وشعوبها تدمير شامل وقتل فظيع وتجويع شديد وحصار شمل حتى الدواء والمعدات الطبية، والأنكى من ذلك ما تمارسه من أكاذيب وعلى العالم أن يجاريها ويصدقها بل ويشاركها في تنفيذ سياساتها القهرية ضد الشعوب الضعيفة والمتطلعة إلى الحرية والنمو والتقدم، وتحت ستار الديمقراطية.. ديمقراطية القوة.. ديمقراطية الإرهاب الأمريكي.. ديمقراطية القطب الواحد.. ديمقراطية أمريكا يمارس أشد أشكال الإرهاب وتُقهر دول وشعوب كونها عارضت الهيمنة الأمريكية، جرائم بشعة مارسها الأمريكيون ضد اليابان عندما ضربوا مدنها بالقنابل الذرية، وضد فيتنام عندما أحرقوها بملايين الأطنان من القنابل الفسفورية، وضد الصومال عندما حولوها إلى أرض محروقة، وضد يوغسلافيا عندما دمروها على رؤوس سكانها وقطعوها إلى دويلات صغيرة، وضد أفغانستان التي حولوها إلى محرقة، وضد العراق التي دمروا فيها كل شيء وحولوها من جنة إلى جهنم، ديمقراطية أمريكا الفريدة التي تفرضها على الشعوب الغلبانة بأفظع أشكال الإرهاب وتحت ستار مقاومة الإرهاب؟! الإرهاب الذي خلقته أمريكا وتأسست عليه وبات بالنسبة لها إستراتيجية لا يمكن التخلي عنها.

يشارك أمريكا في كل تفاصيل مكوناتها وبنفس ظروف تأسيسها وهو الوجه الآخر لها ككيان مارق وإرهابي عنصري.. الكيان الصهيوني الذي لم يتجاوز عمرة الستة عقود، شعب لمامة لا تاريخ ولا حضارة ولا ثقافة ولا أرض تجمعه، عصابات مهاجرة من كل بقاع الأرض(روسيا وبولندا وألمانيا وبريطانيا وأفريقيا وأسيا) حلّت بأرض فلسطين وعملت منذ قدومها على استئصال السكان الأصليين بالقتل والعنف تارة والنصب والاحتيال تارة أخرى مستغلة ظروف الانتداب البريطاني الذي سهل لها تحقيق أهدافها في تأسيس كيانها الصهيوني العنصري على أرض فلسطين، هذا الكيان الذي تأسس صهيونياً على قاعدة إرهابية، فالحركة الصهيونية حركة إرهابية عنصرية مارست الإرهاب منذ تأسيسها ضد اليهود أولاً في العديد من الدول لترويعهم وتخويفهم ودفعهم للهجرة إلى فلسطين، والتاريخ سجل العديد من عمليات القتل والتفجير التي خطط لها ونفذها قادة الحركة الصهيونية في روسيا وبولندا وألمانيا وهنغاريا وفرنسا ومصر والعراق والمغرب لترويع اليهود المقيمين وتخويفهم ودفعهم للهروب إلى فلسطين حيث الكيان الصهيوني، هذا الكيان الذي تأسس على يد عصابات صهيونية عملت على أرض فلسطين في الثلاثينات والأربعينات من القرن الماضي واستهدفت السكان العرب الأصليين في قراهم ومدنهم كما استهدفت مؤسسات وقوات الانتداب البريطاني، ولا يفوتنا أن نذكر أن المنظمات الصهيونية المسلحة (شتيرين، الأرغن،الهجانا) هي التي شكلت في أواخر الأربعينات أساساً لجيش الكيان الحالي، وهذه المنظمات الإرهابية المعروفة مارست القتل والتفجير والترويع ضد الفلسطينيين وضد البريطانيين معاً، كما مارست عمليات الاغتيال ضد قادة من العرب وغير العرب، كما أن قادة هذه المنظمات عاشوا وماتوا وهم مطلوبون في قضايا إجرامية للقضاء البريطاني كون بريطانيا آنذاك هي دولة الانتداب على فلسطين.

يضاف إلى ذلك أن قادة تلك المنظمات الإرهابية هم الذي أصبحوا فيما بعد قادة للكيان الصهيوني (ديفيد بن غوريون، غولدمائير، موشيه أرينز، ميناحيم بيغن، اسحاق شامير، موشيه ديان، اسحاق رابين، شمعون بيريز، موشيه شتريت، أيسر أرئيل، شارون، وكثيرون) كانوا قادة وكوادر في المنظمات الإرهابية الصهيونية التي أسست للكيان الصهيوني وجيشه الحالي.

مارس الكيان الصهيوني المارق سياسة الإرهاب وإستراتيجيته بنفس أسلوب تلك العصابات كالقتل الجماعي للمدنيين في فلسطين والأردن وسوريا ولبنان ومصر والعراق، أطكما مارسه أيضاً في الخمسينات وبعد إنشاء الكيان الصهيوني وعبر جهاز استخباراته الموساد ضد التجمعات اليهودية في الدول العربية عبر عمليات تفجير استهدفت التجمعات اليهودية في القاهرة وبغداد ودمشق والرباط لترويعهم ودفعهم للهجرة والهرب إلى فلسطين.

الإرهاب الذي مارسه الكيان الصهيوني الذي نشأ أصلاً على قاعدة نظرية الأمن والقوة (الإرهاب) منذ العام 1948 والذي جرى تسجيله وتوثيقه لدى الإدارة البريطانية وهيأة الأمم المتحدة وبات امتيازاً صهيونياً يمارس بشكل يومي على الفلسطينيين العرب في الضفة الغربية وغزة، وما طال العرب اللبنانيين والسوريين والأردنيين والمصريين وعلى مرأى قوات الطوارئ الدولية التابعة للأمم المتحدة وما طال مؤسسات الأمم المتحدة نفسها دون أن تحرك ساكنا ودون أن يجرؤ المجتمع الدولي على إدانة هذا الكيان ومحاسبته.

وما زال مسلسل الإرهاب الصهيوني مستمراً لأن الإدارة الأمريكية والتي تمارس الإرهاب نفسه في مناطق متعددة وبوسائل متعددة الآن كالقتل الجماعي للمدنيين في العراق وأفغانستان وباكستان وبأساليب لا تختلف في وحشيتها عن أساليب الكيان الصهيوني، لا زالت تشكل الدرع الواقي والحامي والمدافع عن سياسات وجرائم العدو الصهيوني، فكلاهما (الإدارة الأمريكية والعدو الصهيوني) وجهان لعملة واحدة إدارتان لكيانان مارقان بنيا على فكر ونظرية الأمن و الإرهاب، ويتغطيان بشعار الديمقراطية الزائف الذي صدقه البعض ويتشدق به الآن، وتستخدمه الإدارة الأمريكية والكيان الصهيوني سلاحاً مضافاً لأسلحة الإرهاب الممارس ضد الشعوب والدول الضعيفة.