المرسوم الرئاسي للانتخابات ..استحقاق وطني
أسامة عبدالستار موسى الفرا
التفاصيل
المرسوم الرئاسي للانتخابات ..استحقاق وطني
29/10/2009
بقلم:أبو يسار
أقدم الرئيس المناضل أبو مازن على إصدار المرسوم الرئاسي الخاص بالانتخابات الرئاسية والتشريعية في كل مناطق الوطن ( الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة ) بصفته رئيساً للدولة وللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وللسلطة الوطنية الفلسطينية ، وهو بهذا ينفّذ الدستور والقانون الأساسي المؤتمن عليه والمسؤول عنه أما الشعب الفلسطيني ، وقد خيّب الرئيس ظنون أولئك الرافضين للاحتكام للشعب ، والذين أرادوا تفويت موعد اتخاذه للقرار بحجة الحوار والمصالحة ، لينقضوا عليه بسهام الاتهام والافتراء فيحملوه مسؤولية عدم إصدار المرسوم الخاص بالانتخابات ليظهروا بأنهم أصحاب الحل الديمقراطي والاحتكام للشعب ، وما كان على الرئيس الانتظار للعبة الحوار المزعوم الذي يستخدمه البعض لكسب الوقت وتثبيت الوقائع على الأرض ، لأنه مُلزم بالقانون الأساسي بالإعلان عن موعد الانتخابات قبل 3 أشهر من موعدها ، ولو تأخر عن ذلك يوماً واحداً فإنه يخالف القانون من جهة ، ولا يجوز له الإعلان عنها بعد انتهاء الموعد المحدد من جهة أخرى ، وحينها سيصبح الرئيس هو المعطِّل للانتخابات والرافض للاحتكام للشعب وهذا ما يريده الآخرون الهاربون في الحقيقة من الاستحقاق الوطني ، والرافضون للحل الديمقراطي وحكم الشعب.
والجدير ذكره أن من يلجأ للاحتكام للسلاح والانقلابات العسكرية لا يعنيه الخيار الديمقراطي والاحتكام للشعب وبالتالي لا يحق له الحديث عن الشرعية وعن الديمقراطية وعن الشعب ، لأنه اغتصب الشرعية وإرادة الشعب معاً بفوهات البنادق ، هذه حقيقة كالشمس لا يستطيع أحد حجبها بغربال.
كما أن الإدعاء بوجوب إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية بعد إتمام عملية المصالحة التي باتت شيئاً مملاً وأمراً ممجوجاً ومقرفاً بالنسبة للشعب الذي أدرك تماماً أن البعض يستخدم هذه اللعبة لكسب الوقت فقط لتمرير وتثبيت ما يريد على الأرض ، أكثر من عام ونصف مضى ولعبة الحوار مستمرة والحصاد صفر ، هذا البعض يريد أن تستمر لعبة الحوار لأطول وقت ممكن فيقف عند النقطة والفاصلة والحرف شهوراً مطوّلة معتقداً أنه الشاطر الوحيد ، ولا يدرك أن شعبنا الفلسطيني يلعب بالبيضة والحجر ، وأن عملية الصراع اليومي لهذا الشعب والممتدة منذ قرن من الزمان قد أكسبته الخبرة والمعرفة ومكنته من التفريق بين ما هو غث وما هو سمين ، وبين الجد والهزل ، وبين من يريد الحوار للوصول إلى اتفاق وحدة وطنية ومن يريد الحوار للحوار فقط .
باختصار الشعب قرف من كلمة حوار أو مصالحة ، وهذه الفصائل التي تدّعي تمثيلها للشعب ولا تحرص على مصالحه الوطنية وتريد فرض رؤيتها الفئوية الضيقة حسب أجنداتها المحلية والإقليمية والتي تتناقض مع مصلحة الشعب المحاصر من العدو ومنها معاً ، باتت مكشوفة أمام الشعب الفلسطيني بكل فئاته ولم بعد التضليل الذي تمارسه ممكناً أو مفيداً .
ويبرز تساؤل موجه لأولئك الرافضين لعملية الانتخابات ، إذا كنتم تدعون تمثيلكم للشعب الفلسطيني لماذا تخشون الاحتكام له عبر صناديق الاقتراع؟، ولماذا تحرمون الشعب من أبسط حقوقه الديمقراطية ؟،إذا كنتم تمثلون إرادة الشعب أعيدوا إليه حقه المسلوب ليقرر ماذا يريد والبديهي وفي تجارب كل الشعوب عندما يختلف الساسة يرجعون لشعوبهم عبر صناديق الاقتراع والاستفتاء ونحن كشعب فلسطيني لا نعترف بالنُخب السياسية لأننا شعب كله نخبة يمكنه اتخاذ القرار الحاسم والمناسب ولم يخلقكم الله لتكونوا أوصياء على هذا الشعب.
يضاف إلى ذلك أن الشعب بات يدرك أن بعض الفصائل تريد الاستمرار فيما يسمى بعملية الحوار لزمن غير محدد ، ولا نية لها في مصالحة وطنية ، لأن المصالحة تعني حرمانها من المكاسب الفئوية المحدودة القائمة على حساب المصلحة الوطنية العامة ،كما بات يدرك أن الجهد المكرّس من تلك الفصائل لتحقيق مكاسب فصائلية ضيقة يأتي على حساب الجهد المفروض توجيهه لاستمرار ديمومة الصراع مع العدو لتثبيت حقوق الشعب الفلسطيني المتمثلة في إنجاز دولته المستقلة على حدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين وتقاسم المياه،العدو الآن في حالة استرخاء يتفرج علينا ونحن مشغولين بصراعات ثانوية فئوية بينما هو يقضم الأرض ويستمر في الاستيطان ويهوّد في القدس..أي خدمة نقدمها للعدو؟!.
وللإنصاف فإن الرئيس المناضل أبو مازن الذي يتعرض يومياً لمؤامرات العدة الصهيوني والذي نشط أخيراً في بث سمومه عبر وسائل إعلامه المتعددة ليصيبه في مقتل اعتقاداً منه أنه قادر على كسر الرئيس الذي يتعرض في الوقت نفسه لسهام الشقيق ، لازال صابراً صامداً قابضاّ على مهماته كمن يقبض على الجمر ، مدركاً دوره كمناضل وطني تاريخي وكقائد سياسي اختاره الشعب رئيساً وأتمنه على مصالحه الوطنية،يواجه مؤامرات العدو الخبيثة بشجاعة ولا يرد على سهام الشقيق ويكظم غيظه من واقع إدراكه لمسؤولياته الوطنية تجاه شعبه،ولهذا فقد ظل حافظاً خط الرجوع لكل من يرغب من تلك الفصائل المناكفة للالتحاق بركب الانتخابات حتى يوم 24/1/2010 ليتم ترحيل الموعد النهائي للانتخابات الرئاسية والتشريعية (في حال عودة أولئك المناكفين الرافضين للاحتكام للعشب ) حتى 25/6/2010 ، وهذا هو التصرف المسؤول الذي يراعي المصالح الوطنية والبعيد عن القذف والذم والشتائم الذي يمارسه هؤلاء المفترين ضده ( أي الرئيس أبو مازن ).
وتبقى نقطة يجب الإشارة إليها تتمثل فيما يصدر عن ما يسمى بفصائل دمشق الذين تتحكم الجغرافيا في مواقفهم وتصريحاتهم ، والذين لا نرى منهم إلا كلاماً وقعقعة بعيداً عن أي فعل ، ومن أين لهم الفعل وهم محصورون ومحاصرون في دمشق لحسابات في عقل النظام السوري الذي يقرر متى يتكلمون ومتى يصمتون ، هذه الفصائل التي لا تملك إلا اسمها فقط تتحدث عن الانقسام وأن المرسوم الرئاسي الخاص بالانتخابات الصادر عن الرئيس أبو مازن يكرس الانقسام!!،ألا تدرك هذا الفصائل المغلوبة على أمرها أن الانقسام واقع عملي مكرّس وموجود منذ 14/6/2007،ولم يوجده ولم يؤسسه المرسوم الرئاسي الصادر منذ أسبوع فقط؟!، ألا تدرك هذه الفصائل أن الانتخابات بشقيها الرئاسي والتشريعي والمتزامن معاً هي المخرج الوحيد من هذا الانقسام ؟،ألا تردك هذه الفصائل أن تأجيل الانتخابات أو إلغاءها يعني استمرار الانقسام وفصل الوطن بعضه عن بعض ، والسماح للعدو بالاستفراد بالضفة وقضم أراضيها والاستمرار في الاستيطان وتهويد القدس ؟!.
ألا تدرك هذه الفصائل أن رفض الانتخابات يعني حرمان الشعب من حقه في ممارسة خياراته الديمقراطية وحرمانه أيضاً من دور الحكم العادل الذي يفصل في عملية الخلاف الدائر في الساحة الفلسطينية؟،وإذا كانت هذه الفصائل تدرك أنه تمثل هذا الشعب وتناضل من أجل استعادة حقوقه فلماذا تصّر على حرمانه من أهم حقوقه ؟!.
ربنا اغسل قلوبنا ونقها من الغل والأحقاد وأهدنا إلى طريق الصلاح والفلاح ، ربنا إنك على كل شيء قدير.