الوجه الآخــــر للــســيـاســـــــــــــــة
أسامة عبدالستار موسى الفرا
التفاصيل
لقاء السبت
الوجه الآخــــر للــســيـاســـــــــــــــــــــــــــــــة
بقلم : أبو يسار
تنويــه : سألني بعض القراء الأعزاء عن سبب غياب مقالي في الأسبوع الماضي ، وإجابتي ببساطة أن حرية الرأي في بلادي معدومة ، وأن لا كرامة لمعارض ، وأن من يزعمون أنهم ولاة الأمر لا يتحملون أي رأي معارض ، لهذا احتجب المقال بعد أن كان جاهزاً للنشر واحتجب مني قبل أن يحجبه الآخرون لذا لزم التنويه.
قد يستغرب القراء الأعزاء مقالي اليوم ، وقد يعتبره البعض بعيداًُ عن الهم العربي ، ولا يعني الكثير من أبناء هذه الأمة المغلوبة على أمرها والمطحونة بالهموم اليومية للحياة كغلاء الأسعار الفاحش ، وسوء التعليم ، وتردي الأوضاع الصحية ، وزيادة عدد الفقراء والعاطلين عن العمل ، وعجز الميزانيات في العديد من الأقطار العربية بالإضافة إلى الوضع السياسي العربي المنحدر باتجاه المزيد من الانقسام والشرذمة.
وسائل الإعلام العربية الرسمية والخاصة والتي نادراُ ما تحاول معالجة قضايا الهم العربي باستثناء القليل منها ( وهذا القليل يخضع دائماُ للملاحقة والحصار ) تتسابق في نشر وبث الأخبار أو النشاطات التي لا تزيد المواطن العربي المطحون أصلاً بهمومه إلا قهرا وغضباً وقرفاُ.
يوم الجمعة الماضي الموافق 24/4/2009 بثت بعض الفضائيات العربية حفل زفاف عاهرة لبنانية ( فنانة ) على حرامي مصري ( رجل أعمال ) ، بلغت تكاليف هذا الحفل 10 ملايين دولار وحضره 300 فنان وفنانة من مصر ولبنان وسوريا والإمارات وتونس وأمريكا ، بالإضافة إلى 50 من رجال الإعلام والصحافة ؟، و50 من السياسيين؟!، 65 رجل أعمال ، وقد نقلت هؤلاء من بلدانهم إلى بيروت ( حيث مكان الحفل ) 150 طائرة خاصة حطت في مطار بيروت الدولي ، وتم إحضار طعام الحفل والحلويات من مطعم مكسيم في باريس وبطائرة خاصة أيضاً؟!!.
وقد أحيا هذا الحفل كل من المغنية الأمريكية أنستازيا وفرقتها ، والأمريكية أيضاًً كارمن وفرقتها وعمرو دياب من مصر وراغب علامة ونجوى كرم ونوال الزغبي من لبنان وشيرين من مصر مقابل 300000 دولار لكل منهم ؟.
بلغ مهر العروس 20 مليون دولار ، وشبكتها 10 مليون دولار ، وفستان الفرح من باريس بمليون دولار ؟ ( والمصدر هما فضائيتي العربية وBBC ) ، دفعها العريس المصري الذي تعاني بلاده فقراً لا يوصف ، وأطفال بلاده يأكلهم مرض السرطان الخبيث لا يجدوا تكاليف العلاج ، ووسائل الإعلام في بلاده منشغلة بنشر وتوجيه النداءات لأهل الخير العرب للتبرع لمستشفى السرطان الخاص بالأطفال ، إضافة إلى أطفال الشوارع الذين يملؤون طرق وميادين القاهرة يمارسون السرقة والنشل والتسول بأشكال متعددة ، وينامون في الحدائق والميادين وتحت الجسور وفي الأنفاق لافتقادهم كل أشكال الرعاية والدعم من أمثال هذا العريس الذين كونوا ثرواتهم من السرقة والكسب غير المشروع .
العريس هو رجل الأعمال المصري المليونير أحمد أبو هشيمة ... لا يعرف أحد من أين جمع ثروته ، ولكنه من أغنياء عصر الانفتاح الذي بشر به المقبور أنور السادات حين أبتدع سياسة أهبش وأهرب ، قبل السادات لم يكن في مصر مسمى رجال الأعمال حيث كان القطاع العام المملوك كلياً للدولة هو من يدير وسائل وأدوات الإنتاج ، وبعد السادات تم التخلص من النظام كله وتحولت وسائل الإنتاج للقطاع الخاص الذي أفرز هذه المجموعات الطفيلية التي سرقت البلاد وابتلعتها في بطونها وأصبحت تسمى برجال الأعمال وهم الملاك الحقيقيين لمصر بكل وسائل وأدوات إنتاجها ، ولا يجدون حرجاً في البذخ والصرف وتبديد هذه الأموال التي لم يبذلوا جهداُ في جمعها وتكوينها ، بينما أطفال مصر وشبابها الذين يقتلهم الفقر والبطالة في أشد الحاجة إليها ، علماً بأن قيمة المهر مضافاً إليه الشبكة وتكاليف ليلة الفرح والتي بلغت في مجملها 40 مليون دولار كانت تكفي بل تزيد لو صرفت في مقاومة أنفلونزا الطيور الذي لا زال يحصد أرواح المصريين ولا زالت تعاني منه مصر في الوقت الذي تم فيه القضاء على هذا المرض في كل من الصين وأندونيسيا وهما بلدا المنشأ لفيروس هذا المرض.
والعروس هي امرأة قروية لبنانية ، ببساطة فلاحة من الجنوب اللبناني ومن قضاء صور ، لم تتلقى تعليماً كافياً ( كل ما حصلت عليه من التعليم هو الابتدائية ) تزوجت جرّاء الفقر ( وهذا حال أهل الجنوب اللبناني ) وعمرها لم يتجاوز 15 سنة ، ثم هربت من زوجها وأسرتها إلى بيروت لتمارس في بداياتها المهنة التاريخية وتكون إحدى بائعات الهوى ، ليلتقطها أحد المصورين فيحولها من غانية إلى موديل وفتاة غلاف ، ثم يتطور بها الحال وتصل إلى القوّادة المتعددة المواهب الدرزية نضال الأحمدية المتخصصة في ما يسمى بالصحافة الفنية ، ونضال الأحمدية معروفة في الوسط اللبناني والخليجي بأنها قوّادة تتغطى بالعمل الصحفي الفني ، جمعت ثروة كبيرة من خلال تقديم الخدمات الخاصة لبعض رجال الأعمال والشيوخ والأمراء في دول الخليج وتحديداً في الكويت والإمارات ، وهي تملك مجلة فنية تحمل اسم الجرس وكذلك قناة تلفزة فضائية تحمل نفس الاسم ، وهكذا قدّمت نضال الأحمدية عاهرة جديدة لما يسمى بالفن ، هذه العاهرة هي الآن ( الفنانة ) هيفاء وهبي ، والتي باتت تشغل عقول المراهقين من أبنائنا الشباب ، فهي لا تغني بلسانها كونها لا تملك موهبة الغناء ولا جمال الصوت بل تملك موهبة الغنج والدلع والتعرّي ، وتغني بصدرها العاري وبطنها المكشوف ومؤخرتها وساقيها ، إنها لا تغني بل تمارس الفجور والمجون علناُ وعلى خشبات المسارح أمام المسارح أمام الجماهير وعلى شاشات التلفزة ، الأمر الذي دفع العديد من ذوي الغيرة في البرلمانات العربية للمطالبة بمنعها من ممارسة هذا الفجور في العديد من الأقطار العربية ، وهي الآن ممنوعة بالفعل من دخول بعض العواصم العربية حفاظاً على الأخلاق العامة ، وبالرغم أن هذا الإجراء لا يكفي حيث أن العديد من الفضائيات العربية لا زالت تبث فجر هذه الساقطة وتعبر به إلى كل البيوت رغم أنف كل السلطات الرسمية والشعبية.
هيفاء وهبي التي لم يحضر حفل عرسها هذا أي فرد من ذويها أو قريتها الجنوبية لازالت مطاردو لأسرتها التي أهدرت دمها لأسباب مخلة بالشرف ، كان بإمكانها أن تكفّر عن ماضيها وحاضرها السيئ والفاسد بتحويل مهرها وشبكتها إلى قريتها الفقيرة لتبني مستوصفاًُ وعدداً من المدارس لاسيما وأنها لم تتلقى تعليماً في قريتها جرّاء الفقر والإهمال لقرى الجنوب.
ترى ماذا يقول لسان فقراء العرب عموماُ وفقراء الجنوب اللبناني خصوصاً والذين كانوا عبر ثلاثة عقود أداة للمقاومة والتحرير؟ ولكننا في زمن الوجه الآخر للسياسة العربـيــــة.