اجتمـــــاعات الـقـاهـــــرة ؟
أسامة عبدالستار موسى الفرا
التفاصيل
لقاء السبت
اجتمـــــاعات الـقـاهـــــرة ؟
بقلم : أبو يسار
رغم قناعتي بأن غالبية هؤلاء المجتمعين في القاهرة باستثناء ممثلي حركتي فتح وحماس لا يمثلون ثقلاً يذكر في ميزان الشعب الفلسطيني ، وأن حضورهم هو نوع من التحبيشة في السَلَطة على الطريقة المصرية ، وشهود على الحوار الدائر بين حركتي فتح وحماس ، فإذا اتفقت الحركتان كان الاتفاق ، وإذا اختلفتا كانت الفرقة ، وقد يكون حضور هؤلاء التحبيشيين مفيداً إذا قالوا خيراَ ، وقد يكون ضاراً إذا همسوا في أذن أحد الكبار إفساداً ، لذا نتمنى أن يكونوا محضر خير وتوحيد وتقريب لا محضر فتنة وتخريب ، علماً بأن معظمهم قد ذهب للقاهرة وفي ذهنه قضية محصورة في حجم الحصة التي يتمنى قضمها من الكعكة ، لتبقى دكانه مفتوحة وعلامته التجارية سارية المفعول ، والشارع الفلسطيني شاهد على ما أقول ، فهو منقسم ( إن كان في الداخل أو الخارج ) بين فتــح وحماس والباقي تحبيشة ، هذا هو الواقع ومن يقول غير ذلك فأمامه كل مراكز استطلاع الرأي وعلى المتضرر أو الرافض لهذا القول اللجوء إليها ، وإذا اعتبروا أن مراكز استطلاع الرأي لا تعبر عن الحقيقة في العديد من استطلاعاتها فعليهم العودة لنتائج الانتخابات التشريعية دورة 2006م ، والتي أثبتت أنهم تحبيشة.
وهنا تقع المسؤولية التاريخية على عاتق كل من ممثلي فتــح وحماس وهي مسؤولية تاريخية بالفعل كون الاتفاق يعني إنقاذ سفينة الوطن من الغرق ، بينما الفشل ( وهذا ما لا يتمناه أي فلسطيني ) يعني الغرق وضياع القضية ليظل هؤلاء يتشدقون على أطلالها ويعزفون موسيقاهم النشاز على أسماع شعبهم الجريح ، وبكل التأكيد فإن اتفاقهم بات ضرورة ملحة ، فإن لم يتفقوا عليهم الغروب والبحث عن بلد بعيد يمنحهم الهجرة بلا عودة كون شعبنا قد منحهم فرصاً متعددة وصبر عليهم كثيراً وللصبر حدود.
إذا كان المجتمعون في القاهرة قادرين على فهم ما يريده المواطن الفلسطيني العادي في الداخل أو الخارج فهم حتماً قادرون على إيجاد صيغ للتفاهم والوصول لاتفاق يرضيه ويحقق آماله وطموحاته في الوحدة والاستقرار والحرية ، وأنا لا زلت أعتقد بأنه لا زالوا قادرين على إدراك حاجات الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات ، وقادرين أيضاً على الخروج من عباءة الفصائلية والفئوية لعباءة الوطن والوحدة الوطنية ، وبوضوح أقول لكل من يتمسك بفصائليته على حساب الوطن والمواطن ( روح خيّط بغير هالمسلّة ) فثوب الوطن بات بالياً لا يحتمل خيطاً ولا إبرة ، والوطن يريد ثوباً جديداً لا مزقاً فيه ولا رقعاً ولا خيوطاً ملونة بألوان الطيف العربي والإقليمي .
إذا كان الوطن هو غاية المجتمعين في القاهرة فلن يعدموا الوسيلة لإحداث الاتفاق ، وإذا كانوا غير مرتبطين بأي أجندات إقليمية فهم قادرون حتماً على الخروج من دوامة الحوار إلى بر الاتفاق ، لاسيما أن الوضع المحلي والعربي والدولي مهيأ وللمرة الأولى بضرورة إنهاء الانشقاق وتوحيد الصف الفلسطيني ، هم قادرون فعلاً على الانجاز إذا استطاعوا جدولة خلافاتهم وتنظيمها وتجاوز فصائليتهم والمصالح الفئوية الضيقة للمصلحة الأعظم .. مصلحة الشعب والوطن.
المسائل المطروحة ليست معقدة إذا تم وضع المصلحة العليا أمام عيون المتحاورين سواء تعلق الأمر بتشكيل حكومة الوفاق الوطني أو إعادة صياغة الأجهزة الأمنية أو كيفية تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية أو تحديد سقفاً زمنياً للانتخابات الرئاسية والتشريعية ،إذا كانت مصلحة الوطن غايتهم فإن اختيار حكومة وفاق وطني قادرة على فك الحصار عن غزة وإعادة اعمارها ومداواة جراحات شعبنا وانجاز المصالحة الوطنية لن يكون أمراً صعباً ، إن من يختار مصلحة الوطن لا يمكنه أن يتمترس خلف فصائليته ويتمسك بمن يسمّي رئيس الوزراء أو من يختار هؤلاء الوزراء ؟، شعبنا مليء بالكفاءات الوطنية والنزيهة والمعافاة من داء الفصائلية ما يساعد هؤلاء المتحاورين على تشكيل الحكومة في 6 ساعات لا 6 أيام ، والشعب بات مدركاً أن التشدق بمصلحة الوطن دون ممارسة حقيقية على ارض الواقع لا يطعم خبزاً ولا يفك حصاراً ولا يعيد اعماراً ، ولا يصون قضية ، الشعب يريد فعلاً على الأرض لا كلاماً ملوناً وكاذباً ، وإذا تمكن هؤلاء المتحاورين في القاهرة تخطي عقدة الذات الفصائلية فإن انجاز حكومة وفاق وطني يعتبر الخطة الأولى في الاتجاه الصحيح ، ومن ثم تصبح عملية أعادة ترميم البيت من الداخل أمراً سهلاً وأنهم قادرون على تنظيم خلافاتهم وجدولتها لأنها أصغر بكثير من الوطن ، الشعب بكل فئاته وشرائحه يجمع على إعادة صياغة وتنظيم الأجهزة الأمنية على أسس وطنية والكفاءة النزاهة بعيداً عن الفصائلية والارتباطات الخارجية ، كما يجمع على ضرورة تفعيل دور منظمة التحرير كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني وذلك من خلال ترميم مؤسساتها وضخ دماء جديدة لها لتستعيد شبابها وقدرتها على الفعل ، كما أن تحديد سقف زمني للانتخابات الرئاسية والتشريعية يعتبر ضرورة ومن يقف ضد هذه الضرورة ومهما كانت مبرراته يضع نفسه في دائرة الشك والريبة كونه يخشى حكم واختيار الشعب .
باختصار إذا خلصت النوايا ، ووضع المتحاورون مصلحة الوطن نصب أعينهم وفوق مصالحهم الفئوية ، وإذا تطلعوا إلى شعبهم صاحب الجرح النازف والذي صبر عليهم حتى عجز الصبر عن صبره يصبح باستطاعتهم تحقيق المطلوب منهم بسهولة ويسر ، ولكن إذا ظلوا منشغلين بلعبة الكراسي فلن يجدوا من شعبهم إلا الرشق بالأحذية القديمة والحجارة وما أكثر اليوم الحجارة في غزة .