سطور متفرقة بين الماضي والحاضر
أسامة عبدالستار موسى الفرا
التفاصيل
لقاء السبت
سطور متفرقة بين الماضي والحاضر
بقلم أبو يسار
· لا أكتب اليوم مقالاً، ولكنني عزيزي القارئ سأكتب لك سطوراً متفرقة، إن عبرّت عن شيء فإنها تعّبر عن فرقتنا وشرذمتنا ومزايداتنا على بعضنا، فكما انفرط عقد المقال انفرط عقد الأسرة فتبعها عقد العائلة أو القبيلة ثم عقد المدينة فعقد الوطن فعقد الأمة، لا حول ولا قوة إلا بالله العليّ العظيم.
· اتصل بي ليلة أمس ونحن في عتم الليل لا نستعين عليه إلا بشمعة تتراقص شعلتها من شدة الهواء الذي يعصف داخل البيت بسبب فتح النوافذ الدائم خوفاً من تطايرها أثناء القصف، أخ لم تلده أمي، إنه كمال محمد الفرا الذي عشت معه أجمل سنوات صباي وبداية شبابي.. في القرابة هو ابن عمتي وفي الحياة هو أخي الحقيقي.. مهندس كبير يعمل في دولة الإمارات المتحدة وعمل في مطلع حياته مهندساً في سوريا وبالتحديد في دمشق الفيحاء حيث استضافني عاماً كاملاً بعيد حرب حزيران 1967، انتقل للجزائر وعمل فيها فترة طويلة ثم إلى الكويت إلى أن حطت به الرحال في أبو ظبي ويقيم في العاصمة الأردنية عمان، إنه يجسد معنى العروبة والقومية ويطبق قول الشاعر:" بلاد العرب أوطاني ..." أي رجل غير كمال كان سيكّون ثروة كبيرة ولكنه كحاتم الطائي عندما لم يجد شيئاً يطعم به ضيوفه ذبح فرسه، أنا أقول عنه كمال الطائي أكرمه الله كم هو كريم، لليوم يعيش براتبه أولاً بأول.. عداءه للمال كعداء الفلسطيني للصهاينة، متعه الله في دنياه وأكرمه في أخرته لحسن خلقه وطيبته وكرمه الوافر، كم أنا مشتاق إليك يا أخي أبو كمال؟.
· اتصال كمال بي أرجعني للوراء قرابة أربعين عاماًُ وذكرني بشلة الأنس والصداقة والقرابة في القاهرة، توأم روحي المرحوم منير قاسم الفرا، هذا التوأم الذي كلما تذكرته يدمع عليه قلبي فله الرحمة والدعاء، لقد ارتاح من رؤية حالنا الذي نحن عليه اليوم، هذا الحال الذي لا يسر صديقاً ولا حتى عدو.
· يحيى أبو فرج الفرا الرجل الطيب دمث الأخلاق خفيف الظل والذي كانت شقته في 4 شارع التبريزي بمنشية البكري في قلب القاهرة مجمعاً للخلان والحبايب أو بالمعنى الدارج عندنا "الديوان" يؤمها كل أبناء العائلة الذين تواجدوا في تلك الفترة في القاهرة "1969" يمتلك صوتاً جميلاً ويؤدي المديح بشكل جميل ورائع كان ينشدنا دائماً قصيدة عن الرسول أثناء هجرته مع الصديق لا زلت أذكرها وأحفظها حتى اليوم، مسّاك الله بالخير يا أبا فرج.
· العمدة علي محمد الفرا عمدة كلية الهندسة بجامعة القاهرة وهو مهندس كبير الآن بالكويت وأحسن تشبيه له بأنه رجل الساعة لا يعيش هماً ولا نكداً "ضارب الدنيا صرمة" يعيش ساعة بساعة ويوماً بيوم ظل هكذا حتى تخرج من الكلية بعد أن ظل طالباً مزمناً فيها لما يقارب عقداً من الزمن، إلتقيتها في الكويت بعيد تحريرها عام 1991، فوجدته كما هو.. إنه علي محمد الفرا لم يتغير متعه الله بالصحة والعافية.
· عمدة آخر هو رياض مصطفى الفرا ابن بلد أصيل كان يسافر إلى ليبيا ويعمل شهرين ويعود بالقرشين يصرفهم في أسبوع ويعلن إفلاسه ليعود من جديد إلى ليبيا ليحضر بسيارة فاخرة في ذلك الزمان نركبها نحن الشلة وندور بها في شوارع وميادين القاهرة ثم يفلس مجدداً ويبيع السيارة ليصرف ثمنها ويعود مجدداً إلى ليبيا متعك الله بالصحة يا عمدة يا ابن العمدة.
· جهاد أبو سليمان الفرا.. زميلي في السكن في 4 شارع الوالي في مصر الجديدة ميدان الحجاز، رجل طيب ونكدي في آن معاً، يغضب سريعاً ويهدأ سريعاً، وبالرغم من نكده فإنه يمتلك نفساً طيبة وأصالة الطباع وكريم الأصل ظللت إياه سوياً في سكن واحد حتى مغادرتي القاهرة إلى بغداد، أنعم الله عليك بالصحة والخير والعافية يا أبا سليمان.
· عايدي قاسم الفرا.. لا تراه إلا ضاحكاً إذا كان مفلساً أو مقرشاً أو مسروراً أو جاداً لا ترى إلا أسنانه من شدة ضحكه يضحك ويأكل ويأكل ويضحك لا مكان في نفسه للهم أو الغضب أو الحسد أو الغل، مساك الله بالخير يا عايدي.
· صبري عادل الفرا.. مهندس كبير الآن، كريم ابن كريم، بداخله نفس طيبة لا تعرف الغش ولا العداء ولا الخداع ولا الكذب معدنه أصيل أعطى الكثير الكثير ولم يأخذ إلا القليل من هذه الدنيا، ولكن أمثال صبري في هذه الدنيا قليل قليل.
· ومن الأخوات الكريمات لا زلت أذكر ملكيه وعلياء ومنى، مساهن الله بالخير ومتعهن الله بالصحة والسعادة والأبناء الصالحين، ومن خارج العائلة الأصدقاء خليل البورنو وبهاء الغلايني ولوزيت نصراوي وفلك المدبك وعزة الجيار وليلى حميد، مجموعة جميلة وطيبة ومحترمة فرقها الزمن وشغلتها الحياة.
ها نحن نعيش كل مشغول بمشاكله اليومية الخاصة في بلاد مختلفة، بعضنا عاد للوطن وبعضنا الآخر يعيش في بلاد الله الواسعة، فأينما وجدت مكاناً للعمل والإقامة وجدت وطناً بالرغم من الشعور الدائم والملازم بالغربة.
· المعاناة بالنسبة لنا نحن الفلسطينيون جزءً من حياتنا سواءً كنا في داخل الوطن أو خارجه ويبدو أن هذا قدرنا، في الداخل نعاني أزمة الفرقة والإنقسام والعدوان الوحشي الذي لا يوصف والمستمر من قبل العدو الصهيوني، وفي الخارج نعاني أزمة الغربة والبعد عن الوطن، ومشاكل الأولاد، ومشاكل المعيشة، ويقيني أن الله سبحانه وتعالى سيعوضنا عن هذه الدنيا بالجّنة.
· سأخرج من هذه الذكريات إلى السياسة التي باتت بالنسبة لنا خبزاً يومياً.. لفت انتباهي استطلاع أجرته هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" حول أهم أحداث العام 2008 وأعطت خيارات ثلاثة هي 1- انهيار الاقتصاد الأمريكي وانعكاسات ذلك على العالم،
2- فوز الأسود باراك أوباما في السباق إلى البيت الأبيض، 3- ضرب بوش في العراق بحذاء الزيدي، والملفت للنظر أن هذه الإذاعة العريقة تناست أهم حدث ختم العام 2008 وهو العدوان الغاشم والهمجي الذي تشنه آلة الحرب الصهيونية على قطاع غزة؟؟ هذا القطاع المكتظ بالسكان والتي تفرج على ذبحه كل حكومات العرب دون أن تستفّز، لم تحركها دماء الأطفال والشهداء والبيوت المدمرة والأشجار المحترقة، هل فقدت هذه الحكومات دماء الحياء والخجل؟؟؟ ولكن يبدو أنني نسيت أننا لسنا في زمن المعتصم ولا الناصر صلاح الدين ولا جمال عبد الناصر، يكفي أهل غزة الله سبحانه وتعالى فهو وليهم وربهم يحميهم ويحفظهم.
* أخيراً لا بد أن أتوجه بتحية خاصة لأخ عزيز كريم وشجاع لم أنسه وله في نفسي موقع خاص وله معي مواقف شجاعة لا أريد الحديث عنها الآن إنه أخي المناضل الكبير أحمد محمد سليمان الفرا "أبو ماهر".. مساك الله بالخير يا أبا ماهر.. قليلون من هم أمثالك متعك الله بالصحة والعافية.
* أخي الفلسطيني أنت مثخن بالجراح جراح الوطن وجراح الشتات وجراح الفرقة.. إربط جرحك وقاوم لا تساوم لا تساوم لا تساوم ولتمت كالنخيل واقفاً دون انحناء.