هل نريد حواراً فلسطينياً ناجحاً.. أم حواراً للطرشان؟
أسامة عبدالستار موسى الفرا
التفاصيل
هل نريد حواراً فلسطينياً ناجحاً.. أم حواراً للطرشان؟
بقلم : أبو يسار
لا شك أن ما أقدمت عليه حركة حماس في الثالث عشر من حزيران 2007 من استيلاء بالقوة على السلطة شكل انقساماً حاداً وخطيراً أثر بشكل سلبي على مسار القضية الفلسطينية ومصالح الشعب الفلسطيني وأضاف عاملاً مهماً من عوامل الضعف أمام عدو متغطرس بقوته وجبروته.
ولا شك أيضاً أن ما يتمتع به الرئيس أبو مازن من نضوج سياسي ووعي وطني يغلب المصالح الوطنية على المصالح الفئوية قد دفعه لإطلاق دعوته لحوار وطني شامل منذ ثلاثة شهور بالرغم من جراحه المثخنة التي أصابته بها سهام حركة حماس ، وهو في الحقيقة يعض على جراحه من أجل قضية وطن وشعب مهددة بالضياع أمام إصرار حركة حماس على التمترس خلف مصلحة فئوية محدودة.
لقد كرست حركة حماس منذ استيلائها على السلطة في غزة انفصالاً كاملاً بين طرفي الوطن في الشمال والجنوب ورسخ واقعاً انفصالياً في قطاع غزة عبر سلسلة من الإجراءات الانقسامية فصلته فعلياً عن الضفة لم يكن آخرها تعيين السيد إسماعيل هنية المقال من رئاسة الوزراء دستورياً لعدد من الوزراء الجدد واعتقال المحافظين وإغلاق المحافظات ومصادرتها وممارسة سياسة الإقصاء وتحديداً في المؤسسة الإعلامية ودوائر الصحة ليكرس الانقسام والانفصال أكثر فأكثر.
وبالرغم من كل ذلك عضّ أبو مازن الرئيس الدستوري للسلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية على جراحه مجدداً وظل مطلقاً دعوته لحوار وطني شامل يجمع كل الفصائل وفي مقدمتها حركتي فتح وحماس على أساس المبادرة اليمنية وما سبقها من اتفاقيات وتفاهمات ( القاهرة ومكة ) انطلاقاً من إدراكه العميق للمصالح الوطنية للشعب الفلسطيني المحاصر ، ورؤيته بأن استمرار الانفصال بين شقي الوطن يزيد في حالة الضعف الفلسطيني أمام العدو ، ويمنح العدو الوقت الكافي للمماطلة في المفاوضات والاستمرار في بناء المستوطنات وقضم الأراضي الفلسطينية أمام الراعي الأمريكي المنحاز تماماً للعدو.
يضاف إلى ذلك رؤية الرئيس لمرشحي الرئاسة الأمريكية وسباقهما لخطب ود الدولة العبرية فكلاهما صهيوني أكثر من الصهاينة ويسيران على خطى سلفهما المعتوه الصليبي بوش.
نقول إن إحساس الرئيس أبو مازن بثقل الهم الوطني دفعه للعضّ على جراحه وإطلاق صرخة الحوار لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الوطن الذي يضيع بينما ينشغل الأخوة في قيادة حماس بتكريس الانفصال وتعيين وزراء جدد من جهة واعتقال رموز الشرعية الوطنية في غزة من جهة أخرى .
كان من المفترض أن تكن تجربة حركة حماس بعد استيلائها على السلطة والتي تربو على العام الآن وما أسفر عنها من فشل في كل محاولاتها إقامة علاقات طبيعية مع الأشقاء العرب باستثناء قطر وسوريا ، وكذلك مع المجموعة الدولية إضافة إلى الانهيار الاقتصادي الشامل والحصار المفروض على شعب قطاع غزة الذي يسدد الفاتورة وهو مطحون بهمومه اليومية ومعاناته المتجددة حيث بات منشغلاً في كيفية الحصول على لتر سولار أو أنبوبة غاز أو شوال دقيق أو وسيلة مواصلات يتنقل بواسطتها من مكان لآخر أو فرصة علاج لمرض مزمن أو دواءً غلا ثمنه ، الأمر الذي لم يترك للقضية مكاناً في تفكيره اليومي .
كان من المفترض أن تخرجها هذه التجربة من حالة المكابرة السياسة والتعالي وتدعها تنصت لصوت العقل من جهة وترى مصالح هذا الشعب المذبوح من جهة أخرى .
ولكي تنجح دعوة الرئيس لهذا الحوار الوطني لا بد أن تتخلص حركة حماس من حرصها الفئوي وعشقها للسلطة ورفضها للآخر وارتباطها بأي أجندات لا تضع لمصالح الشعب الفلسطيني المهدورة أي اعتبار.
وعلى حركة فتح أن تطهر صفوفها من كل الذين لطخوا ثوبها الأبيض بالدنس وأساءوا لنضالاتها الغالية وداسوا على جماجم الشهداء من أجل موقع تافه أو حفنة من المال ، هؤلاء الذين اندسوا في عتم الليل وسرقوها واغتصبوا تاريخها وادعوا الانتساب لها لأسباب وظيفية انتهازية دون أن يعرفوا حتى مبادئها لتعود حركة فتح أم الجماهير تقود حركة النضال كما بدأت من جديد.
حين تتطهر الحركتان من كل السلبيات وتلتقيان على أساس واحد هو مصلحة الشعب الفلسطيني في برنامج وطني شامل يحقق عروبة القدس وحدود الدولة الفلسطينية العتيدة حسب الرابع من حزيران 67 وعودة اللاجئين إلى ديارهم ، وبناء مؤسسات السلطة على أسس وطنية تترافق مع الكفاءة والنزاهة بعيداً عن الفئوية والحزبية والمحاصصة التي مزقت الشعب وفرقته وحولت الصراع الجماعي مع العدو إلى صراعات داخلية بغيضة شلت قدرته ونشاطه وأبعدته عن الهم الوطني الأساسي الأمر الذي وفر للعدو الوقت الكافي لقضم الأرض وبناء المزيد من المستوطنات ، وممارسة اعتداءاته الوحشية المبرمجة على شعبنا الممزق.
على الرئيس أبو مازن حين ذاك الدعوة لانتخابات شاملة يقول فيها الشعب الذي لا زال يدفع الثمن من حياته وقوته وأولاده ووطنه ، يقول كلمته الفصل والتي حتماً ستكون هي الفصل .