ليس بعيداً عن السياسة
أسامة عبدالستار موسى الفرا
التفاصيل
عن الفن والثقافة.... وليس بعيداً عن السياسة
بقلم / أبو يسار
عبر مراحل النضال العربي تزامن الفن الهادف مع
وسائل النضال الأخرى لتحقيق أهداف الأمة ، ولعب الفن الملتزم دوراً مسانداً
ومشاركاً في كل معارك الأمة سواءاً بالكلمة أو القصيدة أو اللحن أو الأداء
، وأُعتبر الفن سلاحاً مشاركاً في كل مراحل التحرر الوطني العربي منذ بداية
القرن الماضي وحتى أواسط السبعينات ، وكان للعديد من الفنانين بما قدموه من
فن راق ملتزم ومعبر عن أماني وطموحات الأمة دوراً كدور الدبابة والمدفع
والرشاش في المعركة ، بل أشد تأثيراًُ ، لانتشاره في الوسط الجماهيري مما
يشد جماهير الأمة ويلهب حماسها ويوحد صفوفها تجاه قضاياها العادلة في
التحرر والاستقلال وبناء أوطانها
وبالرغم من ضعف وسائل الإعلام في منتصف القرن
الماضي ( الأربعينات والخمسينات والستينات ) واعتماده على الإذاعة المسموعة
فقط ، وضعف أو فقدان الإذاعة المرئية ( التلفزة ) والتي لم تنتشر إلا في
منتصف الستينات وبشكل محلي فقط لم تتجاوز حدود العاصمة في أي قطر آنذاك ،
إلا أن الفن المقاتل والمشارك في عملية التحرر والاستقلال والبناء أسهم
بفاعلية شديدة وأنتشر مؤثراً في أوساط الجماهير العربية من المحيط إلى
الخليج ، من تطوان إلى البحرين مروراً بالجزائر وبغداد وكل عواصم أمصار
العرب
وانطلاقاً من واجبنا كجيل عاصر مرحلة التحرر
الوطني والنهوض القومي وشارك في معاركها الخالدة والعظيمة أن نشير لرموز
فنية أسهمت بفنها الملتزم إسهام المقاتلين في الميدان فكانت احد أسباب
النصر والتحرر والاستقلال في العديد من الأقطار العربية في أوائل الخمسينات
وحتى منتصف السبعينات ، ومن هؤلاء الرموز وعلى سبيل المثال لا الحصر.. أم
كلثوم ، محمد عبد الوهاب ، فيروز وعائلة الرحباني ( عاصي ومنصور ) ، عبد
الحليم حافظ ، فايدة كامل ، نجاح سلام ، وديع الصافي ، دريد لحام ، أحمد
شوقي ، حافظ إبراهيم ، علي محمود طه ، إبراهيم ناجي ، إبراهيم طوقان ، مظفر
النواب ، سعيد عقل ، محمود الشريف ، رياض السنباطي ، وآخرون كثيرون لا تتسع
لهم سطور هذا المقال ، كانوا رجالاً وجنوداً مجهولين قاتلوا بالكلمة واللحن
والأداء في سبيل نصرة أهداف الأمة وسجلوا أسمائهم على لوحات الشرف إلى جانب
القادة والمقاتلين .
هكذا كان الفن المقاتل الهادف والملتزم ، المعبر
عن أماني وآمال وآلام الأمة ، حاملاً رسالتها ، صادقاً في طرح قضاياها في
السينما والمسرح والغناء معاً ، بعيداً عن وسائل التخريب والإفساد والرشاوى
وشراء الذمم والتمويل الخارجي والمشبوه والدعارة المقنعة التي باتت تسود
أوساط ما يسمى بالفن الآن.
ومع انتشار الفضائيات والشبكة الدولية ( انترنت
) اليوم عبر الأقمار الصناعية وتحول العالم المترامي الأطراف إلى قرية
صغيرة في ظل العولمة ، تمكن أعداء الأمة من تحقيق اختراق استراتيجي نفذوا
من خلاله إلى تسويق أفكارهم وثقافتهم المدمرة إلى كل بيت عربي ، وتمكنوا من
غزو عقول أبنائنا وشبابنا الذين ننظر إليهم كجيل يحمل على كاهله أهداف
الأمة المستقبلية ، مستخدمين ما يسمى بالفن الآن للسيطرة على عقول هؤلاء
الشباب ، ناشرين ثقافة الرقص والتعري والموسيقى الصاخبة المجنونة مع حبوب
الهلوسة والمخدرات بأنواعها وأغاني الجنس الفاضحة إلي تصرف عليها المؤسسات
اليهودية والأمريكية بشكل معلن ملايين الملايين من الدولارات .
وقد تمكنت تلك المؤسسات اليهودية في كل من روما
وباريس ونيويورك وأمستردام من تدمير المؤسسات الفنية العربية الملتزمة
بقضايا الأمة ، وخلق مؤسسات فنية بديلة تروج للثقافة اليهودية الصليبية
لضرب فكرة العروبة والقومية ومحاربة الإسلام وتحويل الوطن العربي إلى شرق
أوسط تتحكم فيه الإدارة الأمريكية وشريكتها العضوية الحركة الصهيونية
العالمية ممثلة في إسرائيل.
وبات من السهل على أي مراقب لوسائل الإعلام
والفضائيات التي تحمل الهوية العربية وتبث سمومها باللغة العربية ومن عواصم
عربية أن يدرك مدى الاختراق الصهيوني الأمريكي في أعماقنا وبموافقة
حكوماتنا وحكامنا الذين باعوا قسم الولاء بعدة ملايين من المال الحرام توضع
في حساباتهم في البنوك العالمية في العواصم الغربية.
إن مواجهة هذا الحشد الكبير من الفضائيات
الموجهة لاحتلال عقول شباب الأمة ومن جبهات عديدة نذكر منها على سبيل
المثال لا الحصر فضائيات روتانا ، نغم ، مزيكا ، شبكة ميلودي ، أم بي سي ،
ال بي سي ، أي آر تي، الحرة والتي يقف
ورائها المال السياسي المشبوه ، إضافة لما تبثه الفضائيات الرسمية وبلا
استثناء من أغاني وبرامج هابطة وإباحية تحت اسم الفن والثقافة ، لا تتم إلا
بوقفة جادة من كل غيور على مبادئ وقيم هذه الأمة.. أمة سيدنا محمد صلى الله
عليه وسلم والي أنجبت الإمام علي بن أبي طالب والإمام الحسين وعبد الله ابن
الزبير والفاروق عمر والصديق أبو بكر وأبو ذر الغفاري والخنساء وأسماء بنت
أبي بكر وصلاح الدين الأيوبي وجمال عبد الناصر وعبد القادر الحسيني وأحمد
بن بلا وناصر السعيد وعز الدين القسام وجول جمال وجميلة بو حيرد ودلال
المغربي وسناء المحيدلي وعباس الموسوي وحسن نصر الله وخليل الوزير وآخرين
كثيرين ظلوا جنوداً مجهولين.
إن ما يسوق اليوم على أنه وثقافة جديدة ليس إلا
فناً ساقطاً يشغل عقول الشباب المراهق ويحرفه نحو الرذيلة والسقوط ، وثقافة
فاسدة تخرب العقل وتفعل فيه فعل المخدرات فتخرج لنا أجيالاً من عبدة
الشيطان والجنس والمال وعادات وتقاليد الغرب الفاسدة المنافية للشريعة
والآداب والقيم وأخلاق الرسالة المحمدية ، لنتحول وبالتدريج وحسب
الإستراتيجية اليهودية الصليبية إلى أمة بلا عقل بلا قيم بلا أخلاق ..
تتحكم فينا شهواتنا واحتياجاتنا نبيع بسهولة وبأرخص الأسعار قضايا الأمة
والوطن.
وأخيراً لا بد من الإشارة إلى ظاهرة جديدة
يلاحظها كل مراقب للفضائيات التي تحمل الهوية العربية وتبث من عواصم عربية
( القاهرة وبيروت ودبي ) تتمثل في إعلانات دورية ومغرية تحث الشباب من سن
الخامسة عشرة إلى العشرين ربيعاً على الاشتراك في برامج ومسابقات مشبوهة
مغطاة بعناوين فنية وثقافية ليتخرجوا بعد الاشتراك في تلك البرامج المشبوهة
( فنانين ونجوم ) والحصول على جوائز مالية تصل إلى عدة ملايين من الدولارات
، إنها إغراءات باتت لا تقاوم في ظل غياب الوعي وانتشار الفساد والفقر
وتدني مستوى التربية والتعليم وتفشي الثقافة الغربية الصهيونية ، وسيطرة
فئات الانفتاح والعولمة على سدة الحكم في المجتمعات العربية..
الويل لنا إن لم نقاوم ، الويل لنا إن لم نصحُ
ونستيقظ ، والويل لنا إن تركنا أبنائنا فريسة سهلة الصيد ، الويل لنا إن لم
نصرخ عالياً رافضين لتلك الثقافة المدمرة ، والعار واللعنة لكل أسرة تشجع
أبنائها على المشاركة في برامج السقوط والدعارة بحثاً عن المال الحرام
والثراء السريع المدمر.
ويجدر بنا ومن واقع المسؤولية والأمانة الصحفية
أن نوجه التحية والتقدير لقناة المنار الفضائية التي تمثل بأمانة وصدق
أماني وطموحات وآلام الأمة ، تلك القناة الملتزمة بقضايانا الإنسانية
والاجتماعية والسياسية والوطنية والقومية ، وتحية للرجال والجنود المجهولين
الذين يقفون في ثبات وصمود خلفها ليجعلوا منها منبراً مقاوماً للفكر
اليهودي الصليبي الغازي المدمر ، وكل التحية للإمام سماحة حسن نصر الله
ولروح الشهيد عماد مغنية .
وليكن الإمام الحسين بن علي يا معشر الشباب
مثلكم وقدوتكم ، ولتكن دلال المغربي وسناء المحيدلي يا معشر الشابات قدوتكن
، لأن التاريخ لا يخلد إلا من أرسى رسالة الأمة فترك أثراً لا تمحوه كل
عوامل التعرية الطبيعية والمفتعلة.
والتاريخ الذي خلد أم كلثوم وفيروز لن يخلد
العاهرات نانسي عجرم وروبي وهيفاء وهبي ومثيلاتهن من رموز الفن الساقط
الممول من جهات معادية للأمة والوطن.
للتعليق إضغط هنا
للتعليق إضغط هنا