عام على المذبحة - مزيداً من الألم والنسيان
أسامة عبدالستار موسى الفرا
التفاصيل
عام على المذبحة - مزيداً من الألم والنسيان
مشيرالفرا
14.01.2010
سال الدم الفلسطيني بغزارة العام الماضي، تذكر الناس اجانب وعربا معاناة شعب
فلسطين، تحرك الآلاف بل عشرات الآلاف في مختلف انحاء العالم لادانة هذه الجرائم
الاسرائيلية الوحشية. سنة مرت ولا نملك الا ان نقول بحسرة 'ما اشبه الليلة
بالبارحة' ما زال الدم الفلسطيني يسيل يومياً ولكن بدرجة أقل، لم يعد الجرح والحصار
الظالم يحتل الخبر الأول في الفضائيات والصحافة، تراجع الاهتمام الشعبي بصورة
ملحوظة، دارت طاحونة الحياة القاسية وعاد اهل فلسطين، غزة وغيرها، الى مربع النسيان
الا قلة قليلة من الناشطين.
اعتصامات في الذكرى الاولى للعدوان في مختلف المدن الاوروبية والبريطانية، الاعداد
القليلة نسبياً تحدت البرد القارص وحرصت على تذكير العالم بوحشية ما حدث في غزة،
غياب واضح للجاليات العربية والفلسطينية الا القليل الملتزم.
مجموعة من الطلبة والطالبات في مدينة "مانشستر" ينظمون حفلاً خيرياً لدعم مركز
شبابي في قرية نعلين بالضفة الغربية لدعم صمود اهلها في وجه الجدار العنصري
والاحتلال، حماس لا معقول يضخ الدم في العروق يبديه هؤلاء الشبان والشابات من مختلف
الجنسيات، برنامج حافل، فرقة موسيقية من خمس بريطانيين يقودها الفنان المصري الرائع
"احمد عدنان نصر" الذي يغني لاطفال و نساء ورجال فلسطين اضافة الى فيروز وسيد
درويش، موسيقى مطربة وممتعة وفرقة فنون شعبية طلابية من فلسطينيين وبريطانيين،
مائدة طعام شهية مفتوحة بها مالذ وطاب، العاب ومسابقات للاطفال ،جهد خارق من مجموعة
لها كل التقدير. هذا كله والحضور بالكاد يصل الى مئة شخص ان حسبنا الاطفال الصغار
رغم ان بطاقة الدخول عشرة جنيهات فقط لا غير .
في نهاية الشهر نفسه وثلاثة ايام بعد الذكرى الاولى للمذبحة , رأس السنة الميلادية،
حفلات عربية تشهد اكتظاظاً لا معقولاً، المئات من عرب وفلسطينيين، يصل العدد الى
اكثر من الف في بعض هذه الحفلات، الكل يتسابق لشراء البطاقات التي وصلت في
'مانشستر' الى 35 جنيها وفي لندن الى أضعاف هذا المبلغ اما المدن العربية فيكفي ان
نعرف ان الضرائب من حفلات رأس السنة في بعض الدول العربية وصلت الى ملايين
الدولارات! البرامج حافلة ايضاً ولكن بالرقص الشرقي وأغنيات 'الهشك بشك' وباحبك يا
حمار .
هناك خلل واضح جداً، لا نطلب او نتوقع الا يحتفل الناس برأس السنة الميلادية بل
ونشجعهم على امتاع انفسهم ونفرح معهم وربما سنشاركهم الاحتفال باستقبال السنة
الجديدة، كل ما نتوقعه هو 'التوازن' فكما يتزاحمون للاحتفال برأس السنة نأمل ان
يشاركوا في نشاطات اخرى ممتعة ايضاً ولكن هدفها انساني واضح، عنوانه الاحساس بجرح
البشر في فلسطين او غيرها.
لا يتوقف هذا الخلل عند قلة المشاركة او عدمها بل يصل الى التحجج باعذار واهية:
ماذا ستفيد هذه النشاطات، انتم تضيعون وقتكم، لن يتغير من الوضع شيء، 'لا يفل
الحديد الا الحديد' اعذار سنوافقهم عليها بل وندعمهم ان كانوا في المقدمة يخططون
وينفذون اعمالهم التي يعتقدون بصحتها، الشيء نفسه ينطبق على حملات مقاطعة البضائع
الاسرائيلية والتشكيك بفائدتها ممن لا يعملون وللأسف اصبح الجرح الفلسطيني مجالاً
للمزايدة وأقوالها بكل صراحة لكل هؤلاء. ان كنتم لا ترغبون في المشاركة فتوقفوا عن
'تكسير المجاديف' كما يقولون بالعامية الفلسطينية الغزاوية.
هامش:
حملت 'روحية النجار' راية بيضاء مع خمس عشرة امرأة ساروا باتجاه مكان التجمع الذي
حدده القتلة في "خزاعة" شرق "خان يونس" , على بعد 30 كيلومترا شمالاً سارت الاخوات
الثلاث بنات 'عبد ربو' مع جدتهم يلوّحن براية بيضاء باتجاه جنود الاحتلال وتجمع آل
السموني الابرياء في مكان حدده الجيش الاخلاقي. كلهم أعدموا بدم بارد وغيرهم
الكثير. دماء هؤلاء الشهداء وان كانت غالية لا تعوض فهي لم تذهب هباء بعد منذ ايام
اصدرت الحكومة الاسرائيلية اوامر لعدد من كبار قادة الجيش الاسرائيلي بعدم السفر
الى 'لندن' لحضور مؤتمر عسكري اكاديمي خوفاً من المطاردة الفضائية, وقبلهم اضطرت
مجرمة الحرب 'تسيبي ليفني' لالغاء زيارتها الى بريطانيا لنفس السبب.
هذا هو الطريق الصحيح وكل المخلصين مطالبون بدعم هذه الجهود الجبارة لمطاردة هؤلاء
المجرمين وان كانت اسرائيل عصية على القهر عسكرياً فلنجعل قادتها يشعرون بالذعر
اينما ذهبوا ولتظل لعنة دماء روحية النجار وبنات 'عبد ربو' وباقي الشهداء تطاردهم
اينما يحلون.
مشيرالفرا
كاتب وناشط سياسي من فلسطين