بغيضة راياتكم إذا لم تكن فلسطين بوصلتكم
أسامة عبدالستار موسى الفرا
التفاصيل
بغيضة
راياتكم إذا لم تكن فلسطين بوصلتكم
مشير قاسم الفرا
جاء استشهاد المرحوم حسام محمود الزهار ليفتح الجرح الفلسطيني
الداخلي الغائر من أوسع أبوابه. فعلي الرغم من حجم الجريمة ووحشيتها ولّد الحزن
والصدمة ومشاعر العزاء الواجب لأهالي الشهداء والجرحي، ومنهم الدكتور الزهار، جاءت
بعض الأصوات نشازا ممن يصنفون أنفسهم كفتحاويين ولا أظن أن أي حركة تتشرف بهكذا
عناصر. رد فعل البعض الفتحاوي وليس كله للأمانة أقل ما يمكن أن يقال عنه إنه يفتقد
الحد الأدني من الإنسانية ناهيك عن الأخوة ، وحدة الدم، المصير والمنشأ.
مداخلات عديدة علي المواقع الفتحاوية علي الانترنت تشمت وتعتبر ما حدث انتقاما
ربانيا من الدكتور محمود الزهار لمسؤوليته عن قتل المئات من أبناء فتح خلال...
معارك العام الماضي. وأصوات شديدة اللهجة تنتقد بعض قيادات فتح، وعلي رأسهم أبو
مازن لتعزيتهم الزهار.
وعلي مواقع حماس الحوارية كم هائل من العداء اللامعقول لكل ما هو فتحاوي ومرة أخري
حتي نكون منصفين البعض وليس الكل وألفاظ في منتهي القسوة وصكوك ربانية يصدرها شباب
صغير متحمس تصنف الفلسطينيين بين حمساوي شهيد و فتحاوي قتيل وكأن هؤلاء يعلمون
الغيب ويقررون من يدخل الجنة ومن يحترق بنار جهنم!
ومن يري ردة الفعل الحمساوية علي مواقع الانترنت للجريمة الأخيرة يخال أن من قام
بها وحدات فتح العسكرية الخاصة وليس قوات جولاني مدعمة بالدبابات والمروحيات
الإسرائيلية ـ أمريكية الصنع. بل وصل الغضب بأحدهم لوصف فتح كلها بأنها أجيال تربت
علي الخيانة، هكذا بجرة قلم! وقبلها اقترح بعض الفتحاويين أن تُـخْـرَج جثث قتلي
حماس من القبور لقتلها مرة أخري!! ويكرر حمساوي آخر عدم جواز تسمية من يقتله
الاحتلال من فتح شهداء فهم إما كافر، زان، أو سكير.
ما هذه الوحشية بين الطرفين؟ وله بقي هناك أي أرضية أخلاقية تجمع هؤلاء؟ حتي
الأطفال من الطرفين، زُرِع الكره بينهم وآخر تقليعة أن الطفل ذا السنتين يبصق عند
ذكر أحد رموز حماس ويهلل لفتح والعكس.
يرافق هذا تعصب أعمي بغيض وشعور بالفوقية لا مثيل له، فكل ما ارتكبته فتح من أخطاء
وسياسة الإفساد التي انتهجتها القيادة المتنفذة بفتح والتي أنتجت هذا الكم الكبير
من أشباه القادة التجار الذين دمروا كل ما هو جميل في فتح بفسادهم ومحسوبيتهم التي
نتج عنها وضع الأقارب والمحاسيب ممن لا يستحقون في الأماكن المهمة، وتحييد معظم
شرفاء فتح الذي لا حول لهم ولا قوة. كل هذا مطلب وطني للمرحلة وضمن سياسة دول جزم
نمشي بيهم في الوحل ويبدو أن قدرنا أن نعيش مع هذه الجزم لوقت طويل.
أما قمة المهزلة فتكمن في الطائفية التي وصلت إليها بعض عناصر فتح ،التي كمنت قوتها
دوما في أنها أوجدت هذا الخليط الفكري الغريب الذي جمع الفلسطينيين بمسلميهم،
مسيحييهم، يهودهم، شيوعييهم ولادينييهم، والتي تتجلي الآن في محاربة حماس تحت شعار
شيعة شيعة ! ولا بد أن نتساءل هل أصبح الانتماء الطائفي جريمة في قاموس حركة فتح؟
وإن لم يكن فلم هذا الصمت من قبل القيادة؟ أما بالنسبة لمؤيدي حماس فكل ما ارتكبته
الحركة من اعتداءات في الماضي بحق الشخصيات الوطنية المحسوبة علي منظمة التحرير
الفلسطينية حقبة الثمانينيات وإقصائها للآخر عبر تاريخها وفرض سلطتها بقوة العسكر
كما تفعل فتح في الضفة وتعذيب المعتقلين والنفاق السياسي عبر ممالقة الحكام العرب
الغارقين في الفساد والإفساد وحب الإدارة الأمريكية وقبل هذا دخول الانتخابات عام
2006 تحت حراب أوسلو بعد أن آثمت جميع من يشارك فيها عام 1996، والتبرير كان علي
لسان أحد قادتها الكبار ما المجلس التشريعي إلا مؤسسة تركها الاحتلال تماما كأي
مستشفي فهل نتوقف عن العمل في المستشفيات؟ هكذا بكل بساطة! كل هذا مبرر ومقبول فهذه
حركة ربانية لم يعرف الشعب الفلسطيني النضال قبلها أبدا وحكومتها وقادتها ربانيون
يمثلون الله علي الأرض.
كل هذا استمرار للمسلسل الكريه الذي ابتدأ منذ صعود نجم حماس ووصل أوجه في السنتين
الماضيتين وخلالها كان السناريو الممل، تصريحات القيادة الممجوجة، علي الطرفين، عن
الحرص علي الوحدة الداخلية الفلسطينية ومع كل موجة من الضحايا من قتيل وجريح حرص
أكبر علي الدم الفلسطيني الخط الأحمر وعلي الأرض تحريض واتهامات لا معقولة تجعل أيا
من الطرفين أخطر علي الآخر من أولمرت و ليبرمان وقبلهما شارون .
الخطر الكبير والواضح هو أننا نسير بخطي سريعة نحو ترسيخ كره الآخر الحمساوي أو
الفتحاوي في وجدان أجيالنا الشابة بل والصغيرة وإن لم تتحرك قيادتا الحركتين بسرعة
للجم هذه الأصوات الخطيرة فسنصل لمرحلة تصبح فيها قضيتنا هي فتح أو حماس إن لم نكن
بدأنا هذه المرحلة فعلا.
ودعني أقلها بالفم المليان : لن تكون هناك وحدة وطنية أبدا إن استمر هذا الوضع الذي
يتضخم يوميا ككرة الثلج. ولنقلها بكل ألم وداعا يا قضية ما دامت فتح القبيلة أو
حماس العشيرة هي الانتماء وليس المجتمع والوطن.
ولن نصدقكم وإن تغنيتم ليل نهار بحبكم للوطن وتقديسكم للدين وسنلعنكم مع هذا الجيل
والأجيال القادمة. وبغيضة هي راياتكم، صفراء أو خضراء، إن لم تكن فلسطين بوصلتكم.
وملعونة هي الأرض إن سكنها من تجرد من إنسانيته وأعمته حزبيته.
ہ كاتب فلسطيني يقيم في بريطانيا