سفن كسر الحصار بين غزة الحرة وتطبيع النظام العربي
أسامة عبدالستار موسى الفرا
التفاصيل
سفن كسر الحصار بين غزة الحرة وتطبيع النظام العربي
مشير قاسم الفرا
17/12/2008
تسارعت الاحداث بشكل كبير خلال الأسبوعين الماضيين بما يشير بلا شك الى تناقض كبير
بين رؤيتين، لكسر حصار غزة بحرياً، الأولى لمجموعة 'غزة الحرة' والأخرى للنظام
العربي الرسمي، بما فيه وللأسف موقف السلطة الوطنية الفلسطينية.
وللتاريخ كوني أحد نشطاء 'غزة الحرة' وكان لي شرف المشاركة في مهمة كسر الحصار
الأولى على متن قاربي 'غزة الحرة' و'ليبرتي' فان الهدف الذي انتوته مجموعة 'غزة
الحرة' منذ البداية هو كسر حصار قطاع غزة دون الاعتراف بشرعية الاحتلال الاسرائيلي
سواء في المياه الاقليمية او الدولية المقابلة لقطاع غزة. كذلك التنويه امام العالم
'المنافق' مرة اخرى باستهتار اسرائيل بالقانون الدولي الذي جعلته اضحوكة وبلا قيمة
فيما يختص بحقوق الفلسطينيين.
وبالتالي خلق قوى ضغط عالمية مناوئة لسياسات اسرائيل كلما اعترضت قارباً او سفينة
من سفن كسر الحصار.
وأستطيع ان اكشف للقارئ العزيز ان نقاشات مطولة دارت في 'قبرص' خلال الاعداد للرحلة
الأولى بين مجموعتين من اعضاء 'غزة الحرة' أحداهما تريد ان يكون عنوان حملتنا
'انسانيا' والآخر 'سياسياً ومتعلقاً بحقوق الانسان' ولحسن الحظ انتصر الرأي الثاني
وعليه ظلت سياسة غزة الحرة وستظل.
اما موقف النظام العربي الرسمي فمختلف جداً فقد طالعتنا صحيفة 'يديعوت احرونوت'
الاسرائيلية منذ ايام بخبر مفاده ان الحكومة القطرية طلبت من
اسرائيل السماح لها بادخال سفينة تحمل 70
طناً من المساعدات لقطاع غزة المحاصر وجاء الرد الاسرائيلي بالرفض، رغم
موافقة 'تسيبي ليفني' المبدئية على السماح للسفينة بالرسو في ميناء 'اسدود' ومن ثم
نقل حمولتها الى غزة فان 'باراك'و 'اولمرت' رفضا هذا القرار. وتتناقل الاخبار
محاولات النقابات الاردنية وأحزاب المعارضة تسيير رحلات بحرية الى غزة تقابلها
الحكومة الاردنية بضغوط ووعود بأن تتفاوض الاردن مع اسرائيل للسماح بدخول سفن
مساعدات الى قطاع غزة والحجة في كلا الحالتين هي 'نحن نحاول ان نوصل مساعدات حقيقية
وليس مجرد فرقعات اعلامية'.
مواقف كهذه تؤثر سلباً بل وتنسف فكرة 'كسر الحصار' بحراً من
اساسها اذ ان مجرد التنسيق مع اسرائيل لادخال مساعدات انسانية عن طريق البحر يخدمها
من منطلقين:
-
الأول يظهرها كمن لا يمنع الدواء والغذاء عن الفلسطينيين في غزة بل يحاصرها لأسباب سياسية وأمنية قد يتفهم العالم شرعيتها،
-
والثاني يعترف بشرعية سيطرتها على المياه الاقليمية والدولية المقابلة لقطاع غزة، وهذا ما تهدف أنشطة كسر الحصار لنفيه.
لا نستطيع الانكار ان التنسيق مع اسرائيل
لادخال الوقود، المواد الغذائية والبضائع براً عن طريق معابر 'كارني' و'نحال عوز'
وغيرها، امر حتمي يحكمه الحرص على حياة مليون ونصف مليون من ابناء شعبنا المحاصر في
قطاع غزة، ولكن هناك قوى تنمو عبر العالم كله هدفها كشف وجه اسرائيل الاجرامي امام
الشعوب والدعوة الى مقاطعتها في جميع المجالات، اكاديميين، نقابيين، أطباء،
معماريين ومواطنين عاديين. محاولات صغيرة ومتواضعة ولكنها تنمو وببطء وما مجموعة
'غزة الحرة' الا احداها والاحرى بالانظمة العربية الا تقوض ما بدأناه ونأمل
باستمراره.
اما التقويض الاكبر فجاء اليوم من رئيس السلطة الفلسطينية السيد محمود عباس في لقاء
مع صحيفة 'الشرق الاوسط' اذ لم يكتف باهمال سفن كسر الحصار بل وصفها باللعبة
السخيفة وأكد بكل ثقة ان السفارة الاسرائيلية في قبرص تأخذ جوازات سفر المشاركين
وتوافق عليهم وان السفن الحربية الاسرائيلية تفتش القوارب.
كنت اتمنى على الرئيس
الفلسطيني ان يتوخى الدقة في معلوماته قبل ان يدلي بتصريحات لا تمت للحقيقة بصلة
كهذه وأؤكد له ولمن اوصل المعلومات المغلوطة له ان جواز سفري وجوازات سفر رفاقي
جميعهم لم تفارق جيوبنا الا عند تسجيل موظفي ميناء لارنكا لها ونحن على وشك الاقلاع
ورفضنا كل محاولات اسرائيل للتنسيق معنا وكان موقف الغالبية العظمى من المشاركين
بألا نطلب اذنا من الاسرائيليين لتناقضه مع المبدأ الاساسي خلف الفكرة كلها.
اما السفن البحرية الاسرائيلية. فحتى تاريخه لم توقف قوارب 'غزة الحرة' وآخرها
'الكرامة' الذي وصل الى غزة منذ يومين. ويمضي الرئيس عباس متسائلاً: 'لماذا لا
يدخلون المساعدات براً فمصر والاردن تدخلان كل شيء وما سفن كسر الحصار الا دعاية
كاذبة ورخيصة ومزاودة لا أول لها ولا آخر'. وآسف جداً ان اضطر للرد على الرئيس
الفلسطيني بأن يتابع تقارير الامم المتحدة، الصليب الأحمر ومنظمة الصحة العالمية
والعديد من مؤسسات حقوق الانسان الدولية والمحلية، ناهيك عن التقارير التي تصل من
ارض الواقع الغزاوي الفلسطيني، بأن قطاع غزة لا يحصل الا على نسبة ضئيلة جدا من
احتياجاته تنخفض احيانا الى 15' والاحرى بالرئيس ان يؤكد على قسوة الحصار بدل
تركيزه على مهاجمة سفن كسر الحصار.
اما النظام المصري فقد منع الكثير من قوافل الاغاثة ومحاولات كسر الحصار براً
وآخرها الوفد البرلماني الاوروبي في تشرين الاول (اكتوبر) الماضي وحتى يزداد احراج
النظام المصري سمحت اسرائيل لثلاثة عشر من اعضائه بالدخول من 'ايريز' شمال قطاع
غزة.
المطلوب امطار البحر الابيض المتوسط بسفن وقوارب عربية ودولية على نمط
المحاولة الليبية الشجاعة بارسال سفينة المروة وقارب فلسطين 1948 واللذين منعت
اسرائيل كليهما، بهذا نخلق حالة تحد مستمرة لشرعية اسرائيل ونغزز قوى الضغط
المناوئة لاسرائيل في العالم الغربي وهي بالمناسبة ضعيفة جدا. وان أراد النظام
العربي الرسمي ان ينسق ويطبع فليفعل هذا براً. ورسالة اخيرة الى الرئيس الفلسطيني:
ان كنت لا تريد دعم هذه المحاولات فعلى الاقل لا تهاجمها وتقلل من مصداقيتها زوراً.
ناشط فلسطيني مقيم في بريطانيا