قولوا لهم أننا ننتظر لقائهم
محمود رفيق الفرا
محاضر جامعيالتفاصيل
قولوا لهم أننا ننتظر لقائهم
بقلم/ أ. محمود رفيق الفرا
محاضر جامعي
تتسارع الأخبار حول لقاء يجمع كلا من الأخوين محمود عباس و خالد مشعل من أجل الوصول إلى اتفاق لإنهاء الانقسام الذي لم يقسم بلادنا فحسب بل قسم قلوبنا فقسمت بذلك بيوتنا و مؤسساتنا و مصالحنا و قوتنا فأصبحت هزيلة لا تقدر على صنع الفارق, فلا نقدر على الضرب بقوة سياسيـا و لا عسكريـا ذلك أنَّ السياسة و العسكـر كلاهما يحتاج بعضهما إلى بعض, فالسياسي الذي لا يمتلك بندقيـة في يده لا يمكنه أن يفاوض بقوة, و العسكري الذي لا يحسن التحرك و السكون و التفاوض على حقوقه لا يمكنه الوصول لهدف ذلك أنَّ حسم الحروب أصبح من الأمور التي تصعب الآن بشدة, فما بالك عندما تتفاوت القدرات العسكرية و تضعف القدرات الإيمانيـة.
أقول أن الأخبار تتسارع للقاء الأخوين, و لم أجد ما أعلق به على هذه الأخبار إلا بكلمة (قولوا لهم أننا ننتظر لقائهم !!) نعم نحن ننتظر لقائهم, فلا يخيبوا آمالنا و طموحاتنا في لقاء ناضج يعبر عن قطبي الحياة في فلسطين, فليتقابلوا و يتقوا الله فينا و في بلادنا و قضيتنا, فليتقابلوا و ليعلموا أن فلسطين تحتاجهم جميعـا و أنها لن تعود بواحد منهما بمفرده, فليتقابلوا و يخلصوا النية لله تعالى في إخراجنا من مستنقع الوحل الذي أصبحنا نعيش فيه.
فليتقابلوا و يضعوا أمام ناظريهم حال مؤسساتنا التعليمية و الصحيـة المتدني, فنحن لا نذكر على خارطة العلم و الصحة, بالرغم من أننا “كنا” بناة لبلاد الآخرين, فليتقابلوا و هم يستحضرون جيدا الصورة الهزيلة للعمل الجماعي في مؤسساتنا خاصة منها الحكومية, فكم من منصب الآن في وزاراتنا المختلفة على مستوى الحكومتين لا يشغله من هم أهل له, بل يشغله من يسد الخانة لاعتبارات كثيرة!!
تقابلوا بالله عليكم لا بوجوهكم و أجسادكم فحسب, بل بقلوبكم و أفكاركم, و اعلموا أن هناك الكثير من أبناءكم في فلسطين يحملونكم الأمانة و أنكم ستسألون عنها يوم القيامة.
تقابلوا و كلا منكما مستعد للتنازل عن بعض ما يرنو إليه من أجل فلسطين, القضيـة, الوطن, من أجل المرضى العالقون, من أجل الجوعى الضائعون, من أجل البيوت التي يخترق المطر جدرانها حتى يغرقها, من أجل أطفال لا يجدون تعليما سليما, من أجل تعليم حكومي في نزعاته الأخيرة, من أجل بنية تحتية تتآكل يوما بعد يوم, من أجل قلوب تزداد الفرقة بينها مع كل لحظة تتأخرون فيها في إنهاء الانقسام.
تقابلوا و كلا منكما يستحضر صورة من مفاوضاته مع أطراف أخرى, تنازل فيها عن أشياء كثيرة, فكلا منكما تفاوض قبل ذلك و تنازل و كان المبرر يومها من أجل فلسطين, فاليوم فلسطين أحوج ما تكون لتنازلاتكم عن جزء من أهدافكم أو قناعاتكم لنصل إلى إنهاء للانقسام, فالعودة إلى الوحدة الوطنية و إن كانت مجروحة, خير من أن نبقى في انقسام يحرق الأخضر و اليابس.
و أذكركم و أذكر نفسي أن الله تعالى دعانا إذا اختلفنا في أمر ان نرده لله و رسوله, و ألا نرده لبشر من البشر أو دولة من الدول, فالله أحق أن يحكم بين مخلوقاته.
تقابلوا و نحن ننتظر لقائكم … فاللهم لا تخيب رجائنا و لا آمالنا و سدد كلماتهم و أجري على الحق لسانهم.
و في الختام استودعكم الله.
للتواصل مع الكاتب/ m.farra@cst.ps أو http://mfarra.cst.ps