...

إلى قوى المصالحة: رفقـًا بالتعليم !!


محمود رفيق الفرا

محاضر جامعي

التفاصيل

إلى قوى المصالحة: رفقـًا بالتعليم !!

بقلم/محمود رفيق الفـرَّا



تتابع الأخبار يوما بعد الآخر حول المصالحة و ما سينتج عنها, و من هي الأسماء التكنوقراطيـة التي  ستقود المرحلة القادمة, في ظل حديث دائم عن توازن بين الأطراف, و الكل يبحث عن تعزيز موقفه في الحكومة الجديدة, إلا أنَّ الأخبار التي تتعلق بالأجهزة الأمنيـة و المالية  تتصدر بلا شك و تسعى خلفها قوى المصالحة بحرص شديد … في ظل هذا كله لا يسعني و أنا أحد أبناء منظومة التعليم إلا أن أقول رفقــًا بالتعليم !!

 

فلا يمكن لشخص مدرك أن يتجاهل الضعف الذي تمر به العملية التعليمية منذ الفصول الأساسيـة و حتى مراحل الدراسـة الجامعيـة, و أصبحنا يوما بعد يوم نتعامل مع أجيال من الطلبة أضعف ثم أضعف و ذلك للضعف الشديد الذي تمر به مدارس التربية و التعليم بشكل عام و الحكومي منها بشكل خاص.

هذا الأمر الذي يجعلنا نعيد النظر و التفكير في الفريق الذي سيقود هذه المنظومة في المرحلة القادمة, و أنا أقول الفريق و لم أقل الوزير, حيث أنَّ من أبرز أسباب الفشل الذي تمر به منظومة التعليم اعتمادها في السنوات العشر الأخيرة على الشخص الذي يقود لا على نظام و فريق كامل, و لهذا نحن بحاجة إلى فريق يحمل عقليات محترمة تقود هذه المنظومة الهامة و الخطيرة, نحتاج إلى فريق يضع الخطط  القريبة المدى و البعيدة, فريق يعالج الأخطاء فلا تتكرر, فريق يعمل على رفع مستوى عناصر العملية التعليمية من معلم و طالب و منهاج و إداري و بيئة عمل, نحتاج إلى من يتعلم من تجارب الدول المتقدمة, نحتاج إلى فريق عمل يعتمد على رأي الخبراء و ليس على رأي المدير أو حتى خبير واحد.

 

أيها الأخوة الأفاضل في قوى المصالحة … لعلكم تدركون جيدا أنَّ فلسطين  لن يعيدها مجاهد جاهل, و لن يعيدها قائد جاهل بل إنَّ فلسطين لن يعيدها إلا الطبيب المجاهد, و المحاضر المجاهد, و المدرس المجاهد, و الطالب النجيب المجاهد, الحرفي المحترف المجاهد, و هكذا … فإن استمر ضعفنا في العملية التعليمية فلن تعود فلسطين بالمطلق لأننا لن نمتلك بالمطلق الجيش الإسلامي المتعلم الخلوق …

 

فالتعليم هو السـلاح الأكثر فعاليـة و قوة, و هو السـلاح الذي اعتمدت عليه كل الحضارات من قبل لتنجو و ترتقي, ففي اليابان كانت الثورة الصناعية التكنولوجيـة نتاجـا لمرحلة طويلة من دعم العملية التعليمية حتى استفاقت اليابان بعد  ويلات التدمير الذي طالها و الأمر ذاته ينطبق في ماليزيا و الصين, ثم الأهم من ذلك لتعلموا أيها الأحبـة أن العلم هو أصل الأصول لذا فإن الله تعالى عندما خاطب الناس ليؤمنوا و يعبدونه دون شرك, لم يطلب منهم التوحيد مباشرة بل طلب منهم أن يعلموا أنه لا إله إلا الله فقال سبحانه  (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ) فقدم العلم على العمل, لأنَّ الإنسـان  إذا عمل بلا علم كان عمله فاسدا ضارا غير نافع و قد يصيب به ما لا يرضى, و لهذا فإنني أرى و بالله التوفيق أنَّ من أراد حقــًا أن يعيد فلسطين و يحررها فعليه أن يجعل همه الاكبـر في السنوات العشر القادمة هو تقوية العملية التعليمة و أن يتم إنشاء أجيال من المتعلمين الفاهمين المستبصرين الذين يمكنهم بعد ذلك حمل السـلاح على أصوله و تحرير فلسطين, أما أن يكون تركيزنا على تحرير فلسطين في ظل ضياع للتعليم فإننا نبحث عن سراب.

 

أحبتي إن التعليم الفلسطيني و خاصة الحكومي بحاجة شديدة و ماسة إلى مزيد من الاهتمام و مزيد من العمل و الاجتهاد و إلا فإن المجتمع الفلسطيني بأكمله سينهار يوما  بعد الآخر على كافة الأصعدة و سيخسر الجميع أحلامه … فأسألكم بالله رفقـا بالمعلم … رفقـا بالمنهاج … رفقـا بالطالب … رفقـا بأماكن التعليم  

 

و في الختـام استودعكم الله ،،،