ست أعوام و لا زلنا نبحث عن الخليفة
محمود رفيق الفرا
محاضر جامعيالتفاصيل
ست أعوام و لا زلنا نبحث عن الخليفة
بقلم: محمود رفيق
الفرا
كثيرون
هم من عاشوا على هذه الأرض ثم ماتوا , كثيرون
هم من تحدثوا للناس و صمتوا , كثيرون هم
من دافعوا عن الحقوق الضائعة في أحيان و
سكتوا في أحيان ... و لكن قليل جدا منهم من
ترك خلفه بصمة واضحة , ثابتة , دامغة
منيرة إلى يوم يبعثون .
قبل ست سنوات كان الفراق الأليم عندما فتحت عائلة الفرَّا عيونها على خبر وفاة الأستاذ الدكتور العالم المربي فاروق حمدي الفرَّا , لم يكن أستاذا فحسب بل كان رجلا مربيا عالما و لمن حوله معاونا.
كان رحمه
الله كثير السعي في هذه الدنيا , بدء حياته
من لا شيء مثله في ذلك مثل جيل الحرب , الذين
قصفت أحلامهم قذائف العدو , و مزقت تطلعاتهم
رصاصات الغدر , و لكنه كان من القلة التي
واجهت الصعوبات و اخترقت المحن و الأزمات
ليرتفع شأنه و اسمه و اسم عائلته في شتى
البلاد و البقاع.
لا أقف
اليوم لأحيي ذكراه فهذا ليس من الدين , بل
هو بدعة مستحدثة في ديننا , و لست أكتب اليوم
لأذكر تاريخه و إنجازاته و أعماله , فهي
أكبر من أن تذكر في مقال و كذلك هي محفورة
في عقول المنصفين من هذه العائلة خاصة و
من جموع العرب و المسلمين عامة و لكني
اكتب اليوم متسائلا عن الخليفة , متسائلا
متى سيظهر خليفته من عائلة الفرَّا ليظهر
على منابر العلم و في حلقات الإبداع فيظهر
هو و يظهر معه اسم عائلتنا عاليًا.
إن عائلتنا
زاخرة بالكفاءات في مجالات كثيرة و لكننا
لازلنا نبحث عن خليفة العالم المربي في
مجال التربية و التعليم , ليعود لنا من يمثلنا
في هذا المضمار الرائع , فيشرف على رسالات
الماجستير و الدكتوراة , و يربي أبناء العالمين
في قاعات الدراسة و يؤثر فيهم بتعامله الأبوي
الحنون معهم و بابتسامته الرقراقة و بيسر
تعامله معهم , حتى أصبح كل من يتعامل معه
من طلابه و زملاءه يحب عائلة الفرَّا و
يحب من ينتمي لها.
إن الدكتور فاروق حمدي الفرَّا عاش معطاءً لكل من حوله , من قريب و بعيد , كل من عامله معاملة حقيقية لمس منه المعاونة إما العلمية و إما التربوية و أما النفسية و إما المادية و الإرشادية, رجلا معطاءً بكل ما في الكلمة من معنى ... أنجز الكثير من الإنجازات و كلها لا تزال راسخة خلفه , فكان أول الكبار من العائلة الذين دفعوا مؤسسي موقع العائلة للأمام بالدعم النفسي المطلق و هذا بشهادة القائمين على الموقع حاليا و هذا على نطاق العائلة , أما على نطاق فلسطين فكان من الأوائل الذين عمدوا إلى إنشاء أول كلية في خان يونس (كلية العلوم و التكنولوجيا) و كان من العاملين على رفع شأن جامعة الأزهر , و كان قبل ذلك من مؤسسي صندوق العائلة في دولة الكويت ...
فكما نرى جميعا , إنه معطاءً في ميادين مختلفة ... و نحن نبحث عن الخليفة ...
فاللهم ارحم موتانا و اغفر لهم و اجبر كسرنا فيهم و اخلفنا خير منهم ...