دعونا نناجي ...
محمود رفيق الفرا
محاضر جامعيالتفاصيل
دعونا نناجي
...
بالأمس
القريب كنت أسطر مقالاً بعنوان "وداعـًا
حبيبي" , كان ذلك في وداع رمضان الماضي,
و يا لهذه الدنيا ما أسرع قدوم أيامها و
ذهابها فاليوم و بعد عام كامل ها نحن
نقترب من ختام رمضان جديد , لم أكن أتركه
ينتهي قبل أن أكتب فيه لنفسي و لمن أحب لهم
الخير , و طالما كانت الأيام القادمة هي
تلك الأيام التي قال عنها العلماء هي الأيام
التي تمتلك أفضل ليالٍ على الإطلاق
, و طالما كانت هذه الليالي تحتضن الليلة
التي فيها العبادة تفوق عبادة 83 عاما تقريبا
(1000 شهر) فكان لابد لي أن أقف أمامها فأُسَطِّر
مقالاً أنادي فيه على أحبابي لنناجي فيه
سويا ربنا.
إنَّ هذه
الأيام بلياليها تعتبر تربة غنية و خصبة
جدًا لمن يريد الاستثمار مع الله تعالى
, أيام يترك فيها الناس كل ما حولهم من ملهيات
و مشوشات و يتوجهون جميعا بقلوب خائفة راجيه
مقبلة على الله تعالى , يتوجهون جميعا لقبلة
واحدة , الكل يوجه وجهه و قلبه في اتجاه
البيت العتيق, الكل يناجي ربًا واحدا معبودًا
واحدًا لا ثاني له.
أحبابي ... في الزمن الذي يتساءل فيه الجميع عن الدعاء و لماذا لا يُقبل منَّا ؟ الكل يقول ندعو و لا يستجاب لنا ؟! ها أنا آتيكم اليوم بالبشرى المحمدية , آتيكم بالطريقة التي بها يستجيب لك الله دعاءك, ليس فحسب بل و تزيد المحبة و الألفة بينك و بين أحبابك و جيرانك و زملاءك في المدرسة و الجامعة و المسجد و العمل.
آتيكم بطريقة
يتوافق فيها الجميع , يتحد فيها الجميع
, يتعاون فيها الجميع من أجل هدف واحد يحرزونه
جميعا , ألا و هو الفوز بالسعادة في الدنيا
و الآخرة, حيث أنه ثبت عن النبي صلى الله
عليه وسلم أنه قال : " ما
من رجل يدعو لأخيه بظهر الغيب بدعوة إلا
وَكَّلَ الله به ملكا كلما دعا دعوة قال
الملك الموكل به : آمين ولك مثله
" .
إذن هيا
بنا نستثمر هذه الأوقات و نجعل رأس مالنا
فيه رجائنا في الله و من ثمَّ هذا الحديث
, فيقوم كل واحد منَّا بالاتفاق مع مجموعة
من زملاءه الذي يظن فيهم الاجتهاد في الطاعة
و حب العبادة و الإخلاص فيها, ثم يتبادل
معهم الدعاء بكل واحد منهم يعطي الآخرين
الأمور التي يريد أن يدعو له بها و هكذا
...
و لنشارك
سويا في هذا الأمر و لنناجي جميعا ربنا
سبحانه بما يُصلح حالنا و أمرنا و يهدي
شبابنا و فتياتنا و بما يحببنا جميعا في
الإيمان و أن يزينه في قلوبنا و أن يكره
إلينا الكفر و الفسوق و العصيان.
نناجي جميعا
ربنا أن يصلح ذات بيننا على مستوى عائلتنا
و فلسطيننا و أمتنا الإسلامية , فإن هذه
المستويات الثلاثة تعاني بشدة من هشاشة
بالغة واضحة في وحدة الصف , فنسأل الله أن
يجمع شملنا و يوحد صفنا على كتاب الله و
سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
دعونا نناجي
ربنا الكريم الرحيم الرحمن و الغفَّار
المنان , دعونا نناجي ربنا الذي قال
: "وَإِذَا
سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ
أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ..." , دعونا نناجيه لا
نناديه , فإنه سبحانه قريب منا فلا يحتاج
منا البكاء بصوت مرتفع و لا أن نناديه بصوت
مرتفع بل فقط مناجاة سيسمعها ربنا منا ,
بل فقط قلوب وجلة خائفة مقبلة تائبة آيبة
لله تعالى .
و اعلم حبيبي المناجي أن دعاءك لربك هو عبادة , أي أنك بمجرد أن ترفع يديك لربك و تناجيه و أنت مقتنع معتقد موقن بأنه يسمعك و سيعطيك ما تطلب فأنت بذلك قمت بعبادة و لك عليها الثواب ... أما الإجابة فسوف تأتيك بلا شك كما قال العلماء على أحد صور أربع هي :
أن يعطيك
ربك ما تطلب مباشرة , أن يرفع عنك قدرًا
يوازي طلبك , أن يؤجل العطاء لوقت أنسب أنت
لا تعلمه و الله يعلمه و أخيرًا أن يؤجل
لك طلبك ليوم القيامة فتجده أمامك حسنات
كالجبال و تكون يومها في أمس الحاجة لهذه
الحسنات ... إذن يا حبيبي المناجي ... ناجي
ربك و لا تتكاسل و لا تيأس , فإنه لا ييأس
من روح الله إلا القوم الظالمون.
دعونا نناجي و نحن على يقين بأن الله سبحانه إذا أعطى كل السائلين ما يسألون فإن ملكه لا ينقص منه إلا كما ينقص من البحر عندما تضع فيه الإبرة ثم تخرجها.
أحبابي دعونا نناجي ربنا بإخلاص و بيقين أن يصلح ذات بيننا و أن يزرع الحب في قلوبنا لبعضنا البعض , دعونا نناجيه أن يرزقنا خُلُقَ التغافل , فنتغافل عن أخطاء بعضنا البعض لكي تسير المركب بسلام إلا أن يكون الخطأ لا يمكن التغافل عنه فنذهب إلى النصح بحكمة و حب و إخلاص نية.
حبيبي المناجي ... اجعل في دعاءك نصيب للمساكين , للفقراء , لشباب المسلمين, لأرامل المسلمين, لفتيات المسلمين , للمتخاصمين , للعاصين , للحيارى و لا تنسى نصيب والديك و لمن لهم فضل عليك ...
أحبابي
هذه أيام ربما لا تعود على كثير منا مرة
أخرى , و الإنســـان الفطن الفهيم لا يجعلها
تمر عليه مرور الكرام فيقتنص الفرصة و يستثمرها
خير استثمار .... خاصة و أن فيها ليلة القدر
التي هي خير من ألف شهر حيث قالت أمُنا
عائشة يا رسول الله أرأيت إن علمت ليلة
القدر ما أقول فيها ؟ قال : قولي
اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني
و في الختام
... أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه