...

وداعـًا عزيزي ...


محمود رفيق الفرا

محاضر جامعي

التفاصيل

وداعـًا عزيزي ...

بقلم: محمود رفيق الفرا

في جو من الحزن و الخوف من غدٍ الذي قد لا اقابل فيه عزيزي كانت لحظات الوداع بين خوف من غد و فرحة بما تم انجازه بيننا في لقاءنا الأخيــر فهو اليوم يسافر بعد فترة حاول فيها جاهدًا أن يفيدني كثيــراً سواء على مستوى أخلاقي, سلوكي, معاملاتي و على مستوى علاقتي الكاملة بربي, و لا أعلم حتى هذه اللحظة هل نجح في افادتي أم أني قضيت معه كل تلك الفترة و انتهت بلا أن استفيد شيئـًا banghead.gif ...

المهم أنني الآن قد ودعت عزيزي و لا أعلم هل مكتوب لي البقاء و مقدَّر لي اللقاء معه مرة أخرى أم أن لقائي هذا كان اللقاء الأخيـــر ...

وداعــًا رمضـــان ... فأنت أعز عزيز و حزني على فراقك يفوق بمراحل فرحتي بالعيد و لا أعلم هل في هذا مخالفة شرعية أم لا ... و لكنه شعور يتملكني بشدة و أرى أني محقــًا فيه , فاليوم (بالأمس) كان الوداع مع شهر كانت لي فيه كل يوم دعوة مستجابة و كان لي فيه كل يوم فرصة ذهبية لكي تعتق رقبتي من النار و كانت فيه فريضتي تحسب لي بـ 70 فريضة و نافلتي فيه تحسب بثواب فريضة ...
شهر كانت فيه الهمم عالية و كان فيه الناس يسألون بعضهم البعض كم مرة ختمت القرآن أو على الأقل كم جزء قرأت اليوم من القرآن ... و يسألون بعضهم هل صليت القيام كله مع الإمام أم تركت الإمام قبل الدعاء !!

كان شهـــرًا كله خير في خير ... كان شهــرًا خالصـًا مخلصـًا و الهدف منه أن ترتفع همتنا في طلب الجنة و في الزهد من الدنيــا و أن نحقق التقوى و التي هي مفتاح دخول الجنة ... كان شهـــرًا فيه أيام و ليالٍ عشـــر يعتكف فيها العاكفون و تطهر لهم بيوت الرحمن فيجتمعون و معـًا ينامون و يأكلون و القرآن يتلون و للدروس يستمعون و للابتسامات يتبادلون حتى خرج كل واحد منهم على الاقل بأخ جديد يخاف عليه و يدعو له في ظهر الغيب ...
و من الناس من شد الرحال في هذه الأيام إلى المسجد الحرام فطاف و اعتمر بالبيت العتيق و لسان حاله يقول "و عجلت إليك ربي لترضى" ... في جو من السباق مع نهر الحسنات الذي يعم بخيره كل من يرده طالبا لخيره ...

وداعـــًا عزيزي ...

أحبتي هذا هو شهر رمضان قد فارقـنــا و لا نعلم هل سنقابله مرة اخرى !! أم أن هذه هي المرة الأخيرة التي سنجتمع فيها معه 11ying.gif
و من هذا المنطلق فإن حزننا عليه لابد أن يكون موازيـًا لحزننا على فراق إلى عزيزي من أحبتنا عندما يسافر في رحلة و نحن لا نعلم هل سنراه مجددا أم لا ... فإن كان البكاء على عزيزي فنحن و الله أولى بالبكاء على رمضان ill_h4h.gif


و لأن أحبتي من يسافر له حبيب فهو بالتأكيد يحاول أن يحافظ على خطوط اتصال معه من خلال وسائل الاتصال المختلفة و يبحث دائما على الوسيلة التي تجعل الاتصال به أكثر قوة و أكثر حياة فمن لديه انترنت سريع يجعل الاتصال من خلال الصوت و الصورة و من ليس لديه انترنت سريع يجعله من خلال المكالمات الصوتية فقط و هكذا الاقل فالأقل ...
و لذلك فنحن بحاجة إلى البحث عن وسائل اتصال مع رمضان و من أهمها أن نسير على نهج السلف الصالح و ندعو الله في الشهو الست القادمة أن يتقبل الله منا أعمالنا في رمضان ثم في الشهور الست الاخرى ندعو الله أن يبلغنا رمضان القادم ... و خلال هذه الشهور كله نحافظ على العلاقة التي بنيانها بيننا و ين القرآن من تلاوة و حفظ و تدبر في معانيه و على علاقتنا بقيام الليل حتى و لو كان بركعتين كل ليلة و ان نحافظ على علاقتنا الصيام فنصوم الإثنين و الخميس من كل أسبوع و الأيام الثلاث من وسط كل شهر و هي أيام 13 , 14 ,15 من كل شهر عربي و ذلك لنصيحة المصطفى صلى الله عليه وسلم لابو هريره رضي الله عليه... بهذا نظل على تواصل مع عزيزنا الغالي رمضان و من يفعل هذا لهو عبد في حقيقة الأمر كان يحب رمضان و يحب أن تطول لياليه و أيامه ....

و رغم حزننا على فراق رمضان فلابد أن نحيي سنــة محمد صلى الله عليه وسلم و سنة الخلفاء المهدين من بعده فأقول لكم جميـعـًا من أخوة أحبة و أخوات فاضلات تقبل الله منا و منكم صالح الأعمال