...

المهزلة الإسلامية في المدن الغانيَّة


محمود رفيق الفرا

محاضر جامعي

التفاصيل

المهزلة الإسلامية في المدن الغانيَّة

بقلم محمود رفيق الفرا
اربعة منتخبات إسلامية ذهبت إلى غانا قبل عشرة أيام للمشاركة في ما يطلق عليه "بطولة" كأس الأمم الإفريقية , و هي لا تخفى عليكم عبارة عن لقب يسعى المتنافسون للحصول عليه في كرة القدم و هناك و بينما يشتد الحصار على غزة و تقطع الكهرباء و يموت الاطفال المرضى من عدم وجود العلاج كان اللاعبون المسلمون يسعون لتحقيق الهدف الأسمى لهم و لمشجعيهم كيف تضع الكرة الجلدية في المرمى ؟
نعم هذا هو هدف أكثر من 160 رياضي مسلم في غانا و يتعلق بهم أكثر من 200 مليون مسلم يقومون بإلغاء كل مواعيدهم و الانقطاع عن العالم لمتابعة هذه المباريات بينما في الوقت ذاته أخوانهم المسلمون في غزة يعانون الويلات, إنها يا سادة المهزلة الإسلامية في المدن الغانيِّة , هناك يتطلع الملايين من المسلمين إلى تحقيق بطولة هزلية يقنعون انفسهم بها أنهم أبطال في وقت هم فيه مجموعة من المستهترين المغيبين عن حقيقة الواقع.
ذهب المسلمون لغانا و هم لا يحملون أي افكار لنصرة القضية الإسلامية في فلسطين او العراق او الشيشان او الهرسك و اعتبروا انفسهم لا علاقة لهم بما يحدث هناك و ان الامر لابد ان يكون منفصلا فهذه كرة قدم لا سياسة , رغم أنهم يلعبون و يلهون في مكان تحت الضوء يشاهده أكثر من ملياري إنسان حول العالم منهم ما لا يقل عن مليار و نصف المليار شخص لا يعرف ماذا يحدث في غزة.
سجل العرب المسلمون أهدافهم , الهدف تلو الهدف لتنطلق الفرحات و الاعناق و الابتسامات و رسالات التهنئة في وقت كانت تنطلق في غزة صرخات الألم و الجوع و الإحباط و القلق, اكتظت الشوارع الإسلامية في القاهرة و تونس و الرباط بالمبتهجين في وقت غابت ثلث هذه الاعداد عن مظاهرة يرفعون فيها شعارا واحد يندد بما يحدث في غزة !! ألم أقل لكم إنها المهزلة ؟!

و بعد أربعة عشر "فرحة" مسلمة في غانا تمخض الجبل ليلد لنا فأراً , نعم جاء الفأر على استحياء شديد , بعد ان رفع لاعباً مصريا جملة على ملابسه الداخلية مكتوب عليها "تعاطف مع غزة" !! و هي جملة شبيهة تماما بتلك اللي رفعتها سائحة استرالية في اليمن بل هناك كتبت السائحة النصرانية الاسترالية "ارفعوا الظلم عن غزة" و زميلتها بجوارها كتبت "ارفعوا الحصار الظالم عن غزة" بينما ابن المسلمين و العرب رفع عبارة هادئة رومانسية كتب عليها "تعاطف مع غزة!!" و كأنه يتعاطف مع مجرد انسان مظلوم في احد بقاع الارض لا مع اخوه المسلم و جاره العربي !!

هذا طبعا في ظل غياب كامل للأمر في بقية المنتخبات و كأن مصر جارتنا هي دائما التي تقوم بما يسمى بما يحافظ ماء الوجه, فنحن ةدائما على موعد مع موقف من مصر نعم يكون موقف خجول و لكنه هو الموقف الوحيد الذي يصل لنا في ظل عزلة تامة للقضية الفلسطينية المسلمة في المغرب العربي او الخليج العربي و هذا الموقف الخجول دائما من مصر ترجمه في ملاعب غانا شخص واحد من أصل 50 شخص هم قوام البعثة المصرية هناك,,,

و بالطبع و كعادة المواطن العربي يتحدث بعواطفه اصبح هذا الفعل و هذا اللاعب اسطورة و اصبح بطلاً قوميا بل بدأت قلة قليلة تعاير بهذا الفعل الفلسطينين و ان اللاعب ضحى بالحصول على انذار من أجل نصرة القضية الاسلامية في غزة , ألم أقل لكم انها مهزلة ؟! اصبح مجرد انذار ورقي قد يحرم اللاعب في مناسبة ما من اللعب اصبح بمثابة تضحية كبيرة من اللاعب في طريقة لنصرة القضية الاسلامية , بعد ان كانت التضحيات في يوم من الايام لا تكافيء إلا التضحية بالدم و النقود اصبحنا الان نصل بسقف تطلعاتنا الى التضحية بإنذار ,,,, ألم أقل لكم إنها مهزلة إسلامية في غانا ؟

كثيرون من سيطالبونني بل و طالبوني أن اتقدم بالشكر لللاعب على ما فعل و انه قام بعمل يشكر عليه و أنا أقول لا لن أشكر اللاعب على ما فعل لانني مقتنع أن نصرة الاسلام هو فرض على كل مسلم و لم اعرف في يوم من الايام ان في إسلامنا يشكر الواحد منا عندما يصلي إلا لو كان يصلي من أجل الناس و رأي النار فما بالكم لو كانت صلاته ناقصه او غير مستوفية الشروط او صلاها على عجلة من امره بلا خشوع؟! فهل ايضا نشكره ؟

يا سادة لو أن فلسطين المسلمة تعيش حقا في قلوب هؤلاء اللاعبين و مسئوليهم لكان التصرف أقوى من ذلك و من أول يوم لعب فيه المسلمون في البطولة و بشكل جماعي من خلال رفع شعار واحد يرفعه كل اللاعبون قبل المبارايات و على قمصانهم الخارجية لا الداخلية , فأنا لا اطالبهم بالانسحاب من هذه البطولة و لكن اطالبهم ان يستثمروها من أجل نصرة القضية الإسلامية التي هم بدورهم الان يساهمون في قتلها في قلوب الشباب المسلم و تغييبها و الدليل ما نراه على التلفزيونات العربية من فرحة مع الفوز و حزن مع الهزيمة رغم اننا مهزومون اصلا على ارض الواقع !! انظروا للمقاهي في الدول الإسلامية سواء التي تشار او التي لا تشارك لتعرفوا كم هؤلاء اللاعبين يساهمون في تغييب الشباب المسلم عن القضية و ما يحزنك ان يندرج الشباب الفلسطيني تحت هذا الامر و تسحبه هذه البطولة من الواقع المؤلم الذي يعيشه ...

هذه هي المهزلة الإسلامية في غانا و هذا ما ننتظره من مجموعة لاعبين في ملعب الوهم , يجدر في نهاية مقالتي أن أقول أنه ليست هذه الصورة الموجوده في الدول العربية فقط بل هناك رجال حقيقيون يسعون في الايام الماضية ليل نهار من أجل ارسال المعونات للشعب الفلسطيني في غزة و لا أقول هذا الامر لاني سمعت عنه , بل أقوله لأني رأيته و عايشته في مصر, فهنا الشباب و الرجال و النساء و الاطفال كلهم يسعون للتبرع و للتعاطف الحقيقي مع ما يحدث في غزة فليس كل المسلمون مغيبون عن ما يحدث في غزة.