...

محطات


يحيى نافع يونس الفرا

رئيس نيابة

التفاصيل

 

محطات

                                                                      بقلم الأستاذ / يحيى نافع الفرا

لعل المتطلع للعنوان لم يستوحى منه عنواناً بعينه أو موضوعاً محدداً ، أو ظاهرة نعالجها محددة المعالم ، ولكن المستوحى من هذا العنوان هو إبراز عدة أمور مهمة تهم الشارع الفلسطيني والعربي وكل مسلم حتى نصل إلى بر الأمان من خلال الإقلاع من بعض الظواهر والسلوكيات التي أصبحت شائعة في بلادنا والتي أصبحت الخطر المحدق تجاه شبابنا وبناتنا وأهالينا بشكل عام .

لعل أولى هذه المحطات الغيبة والنميمة التي لا يختلف جميعنا على أنها محرمة شرعاً ونهى الله عز وجل عن الغيبة وشبهها رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم بأن الذي يغتاب أخيه المسلم كأنه يأكل من لحمه  ونشاهد في حياتنا اليومية الكثير من الناس يجلسون على حافة الطرقات أو في مجالس عائلية أو في صالات أو منازلهم .... الخ ولا يخلو الحديث بينهم من الغيبة والنميمة وكأن أخيهم مباح لهم أن يتطاولون عليه بأبشع العبارات والألفاظ والأوصاف وتتعدى عند الكثير من الناس الأمور لتطال العرض والتشهير وذكر بعضاً من تاريخه وماضيه وممكن أن يكون ذلك الماضي يعود لسنوات تزيد عن عقدين أو ثلاث من الزمن وأنه يكون قد تغير وتاب والتزم بالدين وتعاليمه رغم ذلك فتجد من يذكر نزوات ذلك الشخص ويذكرون له ما يكره ، ونسوا بان الله غفور رحيم وأنه يقبل التوبة النصوح التي يلتزم التائم بشروطها ،إلا أنهم ينكرون عليه هدايته وكأنه مكتوب عليه أن يبقى مسيء ومخطيء ولا يجوز له أن يندرج ضمن الشباب المسلم الصالح الذي من الممكن أن يهدي بالله الكثير وأن يكون على يديه الخير العظيم لدينه ووطنه ، وتجد من يغتاب نسي بأن كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابين ، ونسي بانه أكيد لديه من العيوب والذلات ما لدى اخيه وممكن أن يكون اكثر من ذلك ، فهناك مثل عربي يقول "يلي بيته من زجاج ما يرمي الناس بالحجارة".

ومحطة ثانية لا تقل خطورة وأهمية عن سابقتها انتشار سب الذات الإلهية والدين ، للأسف الشديد بان هذه الظاهرة منتشرة وبكثرة لدى مجتمع قطاع غزة والشعب الفلسطيني بشكل عام لأن كثير من الدول العربية المجاورة لا يعرفون مثل هذه السباب ولا يتعدون على الخالق عز وجل وأن هذه الألفاظ كفر يخرج من الملة ويحتاج الاغتسال والتوبة والدخول للإسلام من جديد وإنني أطلب من هذا الشخص الذي يتطاول على من خلقه في أحسن صورة وأكرمه وكرمه عن باقي المخلوقات بأن يسأل نفسه لو شخصاً قام بسبه بوالديه أو عائلته فإنه سوف يقيم الدنيا ويقعدها وينتصر لجاهليته ولمن هم لا يقارونون بالخالق عز وجل فكيف يرضى على نفسه أن يتطاول على خالقه سبحانه وتعالى القادر على أن يسخطه ويجعله آية لمن يعتبر .

المحطة الثالثة تعاطي المخدرات والدخان والمسكرات فهي طبعاً محرمة بإجماع العلماء وهي من الأمور التي تكون ممهدة لارتكاب الفاحشة والجرائم الأخرى في لحظة غياب عقله أو في ظل احتياجه لجرعة من المخدر فكثير من يقوم ببيع عرضه وتأجيره وسرقة ذويه وقتلهم وبيع الوطن وناسه كذلك من وراء المخدرات فهي من أخطر الأشياء التي انتشرت ما بين الفتيه والفتيات كباراً وصغاراً علاوة على ذلك فإنه يترك ويرتد عن دينه ويفقد آدميته ويصبح في كثير من الأوقات كالبهائم بل أضل سبيلا.

المحطة الرابعة التسول المنتشر في كافة الطرقات والشوارع وأمام إشارات المرور وأمام المساجد والأبراج والمحلات ومعظمهم من الأطفال الصغار لا يتعدى عمر كبيرهم عن 16 سنة وهذه طامة كبرى عندما تجد أن معظم هذه الظاهرة مبرمجة ومنظمة وكأنها حرفة يديرها بعض أصحاب الضمير الميت الذين يستغلون حالات الفقر لدى الناس ويستغلون الحاجة لدى الأطفال الذين تجدهم متشردين لظروف قد ألمت بتفكك الأسرة ونسيجها الاجتماعي ولجهل الآباء والأمهات وكثير منهم تجد أن من يدفعهم لذلك الآباء والأمهات وحتى عندما يتم ضبطهم لا يبحثون عنهم وتجد من يترجى بهم بأن يحضر ليكفل ابنه فإنه يرفض الحضور  فإنها مصيبة خطيرة جداً خاصة عندما تجد الأب لا مبالي على حياة ومصير ابنه أو ابنته.

المحطة الخامسة الاستيلاء على الأراضي الحكومية وأملاك الغائبين واغتصابها وهو يعلم أنه تعدى على ممتلكات حكومية تعود لخدمة كافة الشعب ومؤسسات الدولة ، ورغم ذلك يقوم بامتلاكها بطريقة غير مشروعة سواء شرعياً أو قانونياً والأمر الأكثر خطورة لو أتت السلطة المختصة بمطالبته بالخروج منها ورفع يده عنها تجده يقاتل ويكابر ويرفع قضايا وكأنهم مجرمون أتوا لطرده من ملكه ويعتبر نفسه صاحب حق .

الحياة كلها محطات ونتمنى أن نلتقي معاً بمحطات تسعد المواطن وتنشر النواحي الإيجابية وتحمل بطياتها الصفات الحميمة ، ومع ذلك ليس عيباً أن تكون محطاتنا بظاهرها إحباط لواقع ولمجتمع نعيش فيه ولكن في النهاية لا ندعي بأن ما ينشر هو عبارة عن ظاهرة انتشرت في أرجاء البلاد ولكنها حتى لو كانت حالة أو اثنتين على الأكثر فإننا حريصون بأن نصل للحياة المثالية والمجتمع الراقي بأخلاقه ومعاملته ، ولم يكن في يوم من الأيام مواجهة الحقيقة إهانة بل هي جزء من العلاج .

نلقاكم بمحطات ....