الشعب يريد ...
يحيى نافع يونس الفرا
رئيس نيابةالتفاصيل
الشعب يريد ......
بقلم / أ. يحيى نافع الفرا
شعار انتشر مثل البرق ، وأصبح يستخدم في كل حدث وموقف يتعرض له أي فئة أو طبقة أو حتى فرد من الشعب ، إنه "الشعب يريد ..." ماذا يريد ؟ وما الهدف من الإرادة التي يطلقها ؟ وهل توجد نهاية لإرادته ؟ وهل أسباب الإرادة مشروعة ومقبولة؟.
تساؤلات متعددة حول ما نرى من أحداث ومتغيرات تشهدها المنطقة في معظم البلدان العربية ، كما أن هناك إرادة نطلق نحكم عليها بأنها وطنية وثورة ضد الظلم والطغيان ، وأخرى إرادة نعتبرها تخريب وتدمير وموجهة ضد الحق والشرعية .
لا نعرف من له الحق في تصنيف تلك التظاهرات أو ما يسمى بالثورات الشعبية أنها وطنية أو تخريبية ؟ أم هي فقط تتحكم بها سياسات معينة تحدد ما يخدم مصالحها ؟
الجميع متفق أن الأنظمة العربية السائدة هي فاسدة وظالمة ومستبدة ، وأن معظم القادة عمدوا على نهب ثروات البلاد وبيعها للصهاينة والأمريكان سواء بيوع علنية أم مستترة كله سيان ، ولكن هناك تظاهرات وقعت لمجرد التخريب وليس لها هدف واضح ونتاجها هو تحصيل الغنائم والثروات من قبل الولايات المتحدة مثل ما يحدث في ليبيا ، لأن ما يحدث هو تخريب ودمار لبلد غني بذاته ولم يكن في ملجأ لأحد من دول الطغيان وعدد سكانه بسيط جداً ، أي لا يوجد لديهم عراة وحفاة وجائعين ، بل أنه شعب كسول لا يعمل ويعتمد على العمال من الدول الأفريقية والأسيوية الأخرى ، فليس هناك هدف واضح لهذه الثورة سوى التقليد للذي حدث في مصر كونها دولة جوار ، ولكن الثورة الشبابية المصرية كانت منظمة وواضحة نحو هدف معين بدأ بالمطالبة برغيف العيش ومحاربة البطالة وغلاء الأسعار ، ومع تهميش مبارك لصوت هؤلاء الشباب ، واعتقد بأنها فرقعة يتنفس من خلالها الشباب وتنتهي ، فسرعان ما انقلب السحر على الساحر وتطورت مطالب الشباب وتوسعة بقعة التظاهرات وعددها وأصبح هناك شيء منظم لهذا العمل وتشعر بأن جهة ما تقوم بتدبير وترتيب العمل وبكل إصرار وصمود وتحدي ، فالمطالب توسعت وانقلبت من اجتماعية اقتصادية إلى سياسية عسكرية وأمنية وانقلاب على نظام حكم بأكمله والمطالبة بأعلى المستويات من الأفراد والسياسات القائمة فأصبح من رغيف العيش إلى كرسي الرئيس ، حتى أن ذلك تطور بعد ذلك للمطالبة بسقوط قائد الجيش ، المناداة بالشعب يريد أصبحت على حسب ما يقابل أي موقف من ردة فعل أنية لأي أمر دون النظر لأهميته من عدمه .
وصلت الأمور إلى أنه من الممكن أن يسمع أحد أفراد الشعب تصريح لمسئول في الحكومة الانتقالية لا يعجبه ذلك التصريح فيقوم بدعوة شعبية لميدان التحرير للتعبير عن إسقاط هذا المسئول أو الوزير ، كما فعل الشعب في إحدى أيام الجمع الماضية بالهتاف ضد نائب رئيس الوزراء أ.د يحيى الجمل الفقيه العربي وأستاذ القانون الدستوري والنظم السياسية بهتاف " يسقط يسقط يحيى الجمل " لا نعرف ما هدف ذلك الهتاف سواء أنه ومن موقع المسئولية يصرح في بعض المواقف ويعطي رأياً كونه مسئول في الحكومة المصرية فأصبح مجرماً طالما لم يتمشى مع مزاج أصغر عنصر من التسعين مليون مصري .
ليس هذا التعبير وبهذه الطريقة يكون الشعب نال حريته وكرامته وكينونته ، بل العكس فإننا نكون أمام فوضى خلاقه تبشر بخطر كبير يمر بالمنطقة بأكملها ، لأنه لو تركنا الرغبة الشعبية تتحكم في المواقف السياسية في البلد لكان علينا إلغاء القوانين والأنظمة ونترك الحكم لردة الفعل الشعبية التي تلتقي برنة على المحمول أو إعلان على الفيس بوك ، نحن مع كرامة وإحترام الشعب ورأيه وإرادته ولكن إرادته تكون عبر الوسائل القانونية المتاحة له للتعبير عن رأيه وهو صندوق الانتخاب ومن ثم يعطى الناجحون في الانتخابات الفرصة في إدارة البلد ومؤسساتها للفترة التي يقررها القانون وهناك آلية للرقابة والمتابعة والمساءلة عن التجاوزات التي يقترفها العضو الذي تم انتخابه في وقته وحينه ، وليس الاحتكام لأسلوب الفوضى والمساهمة في نشر الجهل السياسي والظهور بالمظهر الهمجي أمام الذين ينتظرون أية سقطة لتلك الثورات الشعبية التي يحترمها كل من عنده النخوة والكرامة واحترام الرأي الآخر ويحترم كلمة الشعب .
فالشعب يريد بدأت بقوة وهيبة وأتمنى أن لا تنتهي بسخرية وإهانه للكلمة ذاتها ، ويجب أن نحافظ على بعض الكلمات التي ساهمت في توجيه الإعلام بأكمله للساحة العريضة من الشعب الذي كان محجور عليه وعلى كلمته وصوته وكان يشعر بخنقه من الظلم والاضطهاد الذي تم ممارسته في السنوات الطويلة الماضية .
كما أننا نؤكد على أن الثورة يجب أن يكون لها هدف واضح حتى تكون هناك قوة تقاوم بحق على الدفاع عن هذا الهدف وليس فقط لمجرد هبة شعبية ضد الرؤساء والزعماء والحكام .
إن مصطلح الشعب يريد ... أصبح شائعاً في مدرجات التشجيع بين جماهير الكرة وحتى أنه يصطحب هذا المصطلح جمل خارجة عن السلوك والأخلاق ، وأنه أصبح متداول بالأسواق .
الشعب يريد ... العيش بكرامة وحكومة ناتجة ومعمرة للوطن .