" زلزال فوق الأرض وزلزال تحت الأرض  وزلزال يوم العرض "

د.اسماعيل صالح الفرا

جامعة القدس المفتوحة

أيام سنة 2011حُبلى بالمفاجآت والأحداث الجسام لعل أهمها الزلازل المتنوعة التي هزت المعمورة منها زلازل بشرية الكترونية وأخرى ربانيه كونيه وكلها بقدرة الله العظيم ....وتأثر بتلك الزلازل القريب والبعيد، ولقد سبقت هذه الزلازل رياح التغيير وتسونامى  المتغيرات المتوقعة وغيرها ومنذ فترة قريبة....

رياح التغيير هي التي أجلست الرئيس الأمريكي أوباما علي سدة الحكم ،وهو الذي كان يحلم في الستينيات أن يجلس في الحافلة بجوار رجل أبيض ...وعندما جلس علي كرسي الحكم في البيت الأبيض حاول التغيير في البداية ..ولكن بعد فترة غُيرت أفكاره وقيل أنه لا يقدر نفسه، وأنه يتلون كالحرباء عندما لم يستطع إغلاق معتقل جوانتينامو وعند دعمه لإسرائيل وقوله "أن أرض فلسطين التاريخية في الوطن التاريخي للشعب اليهودي ..." 20/4/2010. وهذا أسوأ ما في التغيير انطلاقاً من أن التغيير هو الانتقال من حالة إلي أخرى وقد تكون إلي الأمام أو إلي الخلف..

ولقد وصل تسونامي وزلزا ل التغيير إلي منطقتنا العربية التي نأمل أن تكون عواقبه إلي الأمام .

زلزال فوق الأرض

لقد ضرب المنطقة العربية زلزال بشرى وإلكتروني فهز هذا الزلزال قصور وعروش وزبانية وكروش فى المنطقة العربية وما حولها ...فلقد استقالت وزيرة الخارجية الفرنسية بعد أحداث تونس ..وتحركت قوات من وراء البحار لتصل إلي البحار الساخنة بنفطها ..وما تزال توابع الزلزال مستمرة ..ودائماً تدفع الشعوب الأثمان المادية والمعنوية أكثر من غيرها ودفعها يكون أكثر من مرة ،إحداها ثمن التدخلات الخارجية أياً كان نوعها حتى لو كانت من نوع الحظر الجوى ،ونتذكر أن تكلفة الحظر الجوى باهظة وعواقبه غير مأمونة فمثلاً الحظر الجوي على صربيا عام 1999م تكلفته في الأسبوع 300 مليون دولار تحملتها دول غربية ثلاث !!و علي ليبيا يتوقع أن يصل إلي مئات المليارات ... ولمده قد تزيد عن ستة شهور حسب بعض التقارير.

أما في المنطقة العربية – الغنية الفقيرة - الكل يريد أن يكسب ثواباً؟! إرضاء لشهوة الطمع بالنفط واستمراراً في المحافظة على الدولة الحليفة الأساسية في المنطقة وواحة الديمقراطية فيها إسرائيل كما يصرحون بذلك جهاراً نهاراً.

وليس بجديد ما قالته كبيرة المراسلين السابقة في البيت الأبيض هيلين طوماس أن واشنطن خاضعة كلياً لسلطة اللوبي الإسرائيلي 20/3/2011.

ونتذكر في يوم 20/3/2003 ما قامت به أميركا وحلفائها ضد العراق ، وفي 20/3/2011 التطبيق الفعلي للحظر الجوي على ليبيا !!! وقال وزير خارجية بريطانيا نحن ملتزمون حرفياً بقرار الحظر الجوي على ليبيا ... وهم يلتزمون ولا يلتزمون ويكيلون بمكيالين ومكاييلهم كلها استعماريه ...وكذلك مكايل أمريكا البراجماتية  النفعية أي تجري وراء مصلحتها ... وفي 20/3 يصادف مرور 55 عاماً على استقلال تونس وهي الفترة التي حكم فيها أبو رقيبه 32 عاماً والزين 23 عاماً ... وصبر فيها الشعب التونسي حتى نفذ الصبر ... وفي 20/3 يعلن الرئيس علي عبد الله صالح يوم حداد وطني بعد دفن 52 شهيداً قتلوا في ساحة التغيير , وهو لم يتغير منذ 32  عاماً والشئ المؤكد أن الاقتصاد اليمني على شفا جرف هار فالبنك المركزي اليمني أخذ يطبع أوراقه النقدية بما ينعكس سلباً على الاقتصاد اليمني. وفي 24/3/2011 سوريا تعتزم إلغاء الأحكام العرفية والتي تجاوز عمرها 44 عاماً والآن هي بصدد إصدار تشريعات تضمن أمن الوطن والمواطن منها قانون مكافحة الإرهاب. ويوم 30/3 ذكر يوم الأرض الفلسطيني وكل أيامها أرض وشهداء ... والأيام حُبلي ببشائر الخير طالت أم قصرت ... برغم أنف اللذين لا يريدون الحريات ولا الديمقراطية وفي هذا السياق يقول محلل إسرائيلي إذا انتشرت الديمقراطية في العالم العربي لم يبق لنا شي نسوقه و نبيعه لهم ...!!!

وتوابع الزلزال البشرى مستمرة ومستمرة بالإضافة إلى استمرار توابع الفيس بوك وإخوانه وأخواته وإن الحديث عنة يجب أن يقع بين الايجابيات والسلبيات وبدون مبالغات .

يتناول المزايا والمثالب   والعمل على توعية الشباب بالأبعاد المختلفة للفيس بوك وتقنيات الاتصال والتواصل بما يساعد على تحقيق الأمن النفسي والفكري لدي الشباب وإن هذا الأمن هو الدعامة الأساسية لأمن الأمة من خليجها لمحيطها ولمستقبلها ... والمستقبل لهذه الأمة التي لا ينقصها إلا الصحوة الرشيدة وهي قادمة إن شاء الله ... وإن حارب الفيس بوك تكميم  الأفواه وربط الأيدي وتقيد العقول فإن التعامل معه بعقلية الفرد المنفتح الذي يميز بين الغث والسمين بما يعود بالخير على الفرد والمجتمع والأمة أمر ضروري ، وأن تحقيق الأمن النفسي والفكري لدي أفراد الشعب وللشباب خاصة مسؤولية الجميع وخاصة المثقفين وللجامعات دور كبير في ذلك و دور أخر مهم لوسائل الإعلام المتنوعة وعلى الأسرة والتنشئة الاجتماعية السليمة تقع مسؤولية كبري فكثير من الآباء لا يجلسون مع أبنائهم أكثر من نصف ساعة في الشهر ليتحاوروا  معهم وليس على مائدة الطعام فقط كما تفيد بذلك بعض الدراسات والمشكلة أننا نربيهم صغاراً ونشكو منهم كباراً !! وعلى كل ولي أمر أن يسأل نفسه لماذا يحدث ذلك ... والمؤسسات التعليمية كلها يجب أن تجيب عن ذلك السؤال أيضاً.

واستكمالاً  للحديث عن تقنيات الاتصال والتواصل الالكتروني فقد صرح يوم 13/3/2011 اسانج مؤسس موقع ويلتكس من أن ربيع الغضب العربي يعود إلى الوثائق التي نشرها موقع ويلتكس أكثر من الفيس بوك وتويتر والجزيرة " وإن النت يعد أعظم جهاز تجسس عرفته البشرية منذ بداية الخلق وإن كان يساعد المعارضين على توحيد صفوفهم فهو يساعد الحكومات على تحديد أمكان خصومها وأفكارهم ... ولقد اشتري البنتاجون برنامج بعشرين مليون دولار لمراقبة شبكات الاتصال الاجتماعي في مختلف مناطق العالم 21/3/2011. وفي 21/3/2011م بلغ موقع تويتر عامه الخامس . ومؤخراً صدر كتاب" بعنوان الفيس بوك جنرال ميدان التحرير" لمؤلفه علي القحيص صحفي من دبي , وكتاب آخر سيصدر بعنوان " ثورة يناير وثورة الخوف " يتحدث مؤلفه د. محمد عماره عن متى يكون الخروج علي الحاكم , والفرق بين ولي الأمر وأولي الأمر الذي يطاع ...

وهنا نؤكد أنه يجب الاهتمام والمحافظة علي أهم ثرواتنا ألا وهي ثروتنا البشرية في ظل المتغيرات المستمرة ...  فالايجابيات والسلبيات كثيرة لزلزال النت وتقنيات وسائل الاتصال الالكترونية المتنوعة ...

زلزال تحت الأرض

أما زلزال ما تحت الأرض فهو آية من آيات الله الكونية ولا توجد بقعه في الأرض تقع في منأى عنه وإن كان أكثرها يقع في منطقة الحزام الناري في المحيط الهادي ( غير الهادي )وان ما تعرضت له اليابان من زلزال تبعة تسونامى وتسريب نووي من محطات نووية جعلها في أوضاع كارثية  تفوق إضرارها ما حدث لها بعد الحرب العالمية الثانية على حد قول رئيس وزرائها , فجزء كبير من الساحل الشمالي الشرقي دمر تماما على الرغم أن اليابان مستعدة لمثل هذه الأحداث لكن التحدي الذي تواجهه اليوم لا يمكن تخيله، وإن إعادة إعمار اليابان يحتاج  مدة خمس سنوات كما أفادت الحكومة اليابانية ، إلا إذا فرض عليها حصاراً ؟! كالحصار التي فرضته إسرائيل علي غزه وما تزال توابعه مستمرة !!

وفي اليابان الحكومة ناشدت الشعب من خلال موقع تويتر أن يقدموا نصائح واقتراحات للتعامل مع ما تعرضت له بدلاً من الانتقادات ودخل على حساب الموقع بعد يوم واحد من فتحه 140 ألف متابع 20/3/2011م.  هنا أسجي كل التحية للشعوب التي تدافع عن حريتها وأرضها وممتلكاتها ، والتحية للشعب الياباني الحضاري الذي واجه الكارثة بعقلانية وما أحد منه مد يده ليأخذ شيئاً ليس له أو يسرق شيئاً كما حدث في أماكن  أخري من العالم وقت الأزمات . على الرغم من أن طوكيو تشكل أكبر تجمع حضري في العالم، يمتد النسيج العمراني فيها بدون انقطاع ليشغل مساحة قدرها 10,000 كلم²، ويضم أكثر من 30 مليون نسمة (ودراسات تقول 35 مليون نسمة)، يشمل العديد من المدن الصغيرة المتاخمة وثلاثة مدن كبيرة: يوكوهاما، كاواساكي وتشيبا، وتقع كلها شرقي طوكيو.

واليابان هي التي قدمت منحه للأونروا بقيمة مليوني دولار لإعمار مخيم نهر البارد في لبنان يوم 24/3/2011.

ودول عدة ما تزال تخشى من زلزال ما تحت الأرض وتوابعه منها بريطانيا واندونيسيا والصين التي نفذ الملح من أسواقها هذه الأيام لان به مادة تصنع منها أقراص مضادة للإشعاعات الذي جعل  منظمة الصحة العالمية تحذر من تناول الملح بدون داع ،  كما ارتفعت أسعار الملح في بعض الولايات الأمريكية ما بين 20-30% ودول أخرى تراجع خططتها النووية منها ايطاليا والصين وإسرائيل وخاصة المتعلقة باستخدامها لإنتاج الطاقة .

و اندونيسيا التي قتل سونامي  أكثر من 270 ألف شخص سنة 2004 وعلى الرغم من ذلك فهي مصره  هذه الأيام على إنشاء مفاعل نووي لاستخدامه لأغراض الطاقة السلمية على الرغم من تعرضها باستمرار لهزات أرضية وتعد اندونيسيا رابع أكبر دولة في العالم من حيث السكان

ونتذكر هنا أن مما ساعد اليابان على نهضتها بعد الحرب العالمية الثانية أنها وقفت من الحضارة الغربية موقف التلميذ المجتهد فحققت التقدم أما نحن فكانت وقفتنا وقفة المستهلك البليد فحققنا المزيد من التقهقر ....!!!! ^{وقد قال احد قادة اليهود إن بقاء إسرائيل مرهون بتخلف العرب ..!! ويبدو  أنه مرهون بنوع الغراء (اللصق ) الذي يضعه الحكام العرب على كراسيهم .}

زلزال يوم العرض

أما زلزال يوم العرض فقد ذكر  في كلام رب الناس في قرآنه العظيم " سورة الزلزلة" فالمرء مطالب أن يحاسب نفسه قبل أن يُحاسبه رب العالمين ... وكثرة الزلازل من علامات يوم القيامة ... وأسأل الله أن يحفظنا وأمتنا وبلادنا فوق الأرض ، وتحت الأرض ، ويوم العرض .