التقويم التربوي والتغذية الراجعة
أسامة عبدالستار موسى الفرا
التفاصيل
التقويم التربوي والتغذية الراجعة
إعداد /د.إسماعيل الفرا
جامعة القدس المفتوحة - منطقة خان يونس
يعد التقويم عملية تشخيص وعلاج ووقاية ومؤشرة للجودة والاعتماد ... تحتاجه كل
المؤسسات التي ترنو إلى التطوير والى المستقبل ... وتحتاجه العلوم كافة ... كما
يحتاجه كل إنسان في حياته وذلك , بغية اتخاذ قرارات فردية وجماعية , مرحلية وآنية
ومستقبلية مبنية على أسس علمية سليمة ; لذا فإن ثقافة التقويم السائدة اليوم لدى
الكثيرين تحتاج إلى تغيير , ويتحمل عبئ هذا التغيير التربويون بالدرجة الأولى عبر
الاهتمام بنشر ثقافة التقويم الشامل وتقويم التقويم وما بعد تقويم التقويم ليصبح
التقويم الشامل " وسيلة فعالة لتنمية قدرات المواطن وتسليحه بالمهارات والمعارف
الحديثة التي تؤهله للاشتراك في مسيرة التحديث , وللانتقال من التعليم إلى التعلم ,
ومن التعليم إلى الامتحانات إلي التعليم للحياة ومن ثقافة الإيداع إلى ثقافة
الإبداع , ومن ثقافة الإلقاء والحفظ والاسترجاع إلى ثلاثية المستقبل التي تحتضن
مهارات الإبداع ومهارات الحياة ومهارات التعامل مع التكنولوجيا المتقدمة , ناهيك عن
اكتساب قيم الهُوية الوطنية والقومية والإسلامية والقدرة على الاختيار بربط النظرية
بالتطبيق وممارسة الأنشطة والتدخل البيئي الراشد ".
أنماط التقويم التربوي :
والتقويم التربوي أنماط عديدة , ومن يطَّلع على أدبيات التقويم التربوي يجد كثيرا ً
من المصطلحات التي تشير إلى أنماط معينة من التقويم اقترحها الخبراء في هذا المجال
, ومن أهم هذه الأنماط التي تُمثل ثنائيات- لأن كل نمط منها يقابله نمط آخر- ذكرها
الأدب التربوي كما يأتي :
•التقويم البنائي في مقابل التقويم الختامي
•التقويم الشامل في مقابل التقويم التحليلي
•التقويم الرسمي في مقابل التقويم غير الرسمي
•التقويم المقارن في مقابل التقويم غير المقابل
•التقويم الكمي في مقابل التقويم الكيفي
•التقويم الداخلي في مقابل التقويم الخارجي
•التقويم بالأهداف في مقابل التقويم غير المتقيد بالأهداف
•التقويم المكّبر في مقابل التقويم المصغر
•التقويم المؤسسي في مقابل تقويم الأفراد
وهذا يبين أن التقويم التربوي , مجال متسع ويشمل أنماطا ً متعددة تتكامل بعضها مع
بعض , لذا يصعب اعتبار كل منهما قائما ً بذاته .
فالتقويم كنظام متكامل يشكل عملية أكبر من مجموع أجزائها .
شروط التقويم التربوي الجيد :
توجد شروط عديدة للتقويم التربوي من أهمها : الشمولية , والاتساق مع الأهداف ,
تعاونيا ً , علميا ً أي صادقا ً وصحيحا ً وثابتا ً وموضوعيا ً بعيدا ً عن الأهواء
والذاتية , مستمرا ً ناميا ً , متنوع الأدوات ما أمكن , إنسانيا ً وليس عقابيا ً
وسيلة لا غاية , اقتصاديا ً في الوقت والجهد والمال , أن يتصف التقويم بالقيمة
التشخيصية , والقدرة التمييزية الهادفة إلى تحقيق العلاج واقتراح الحلول والوقاية
وتدارك الأخطاء .
وأخيرا ً , وحدة التقويم وتكامله ; بالتعامل مع ما يراد تقويمه ضمن إطاره الكلي ,
لا كأجزاء متفرقة متعارضة ...
التقويم عملية كبرى
التقويم التربوي عملية كبرى تهتم بكل العوامل التي تؤثر في العملية التربوية
التعليمية بغية توظيفه كمدخل للتطوير ... مستخدما ًأدوات متنوعة وموظفا ً
لتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات وتطبيقاتها ... ومهتما ًبإعادة النظر في
الامتحانات المقدمة للمتعلمين ... و خاصة في الثانوية العامة انطلاقا ً من أن بناء
أسئلة الامتحان عملية فنية لها شروطها وأسسها ومعاييرها وكذلك تصحيحها .
من هنا فإن عملية التقويم مرافقة لعمليات فرعية أخرى .
ذكر الأدب التربوي منها عملية التخطيط للتقويم , عملية ملاحظة التعلم وعملية قياس
التعلم وعملية التقدير وعملية التشخيص وعملية التقييم والتثمين وعملية الحكم على
فاعلية التعلم وعملية التغذية الراجعة والتي سنتناولها فيما يلي :
التغذية الراجعة
" تعد التغذية الراجعة عنصراً أساسيا في عملية التقويم,حيث أن التقويم يستند إلى
تحليل التغذية الراجعة كما تلاحظ في أداء الطلاب , في إصدار الأحكام التي تتصل بنوع
الأداء المنشود ومستواه . ومن ناحية أخرى ,فإن التغذية الراجعة إلى الطلاب نتيجة
التقويم والهادية لهم لتحسين أدائهم تعد الخطوة الأساسية في عملية العلاج ,
والمتابعة من اجل التطور , والتحسين في عملية التعليم ,والتعلم"
يؤكد عدد من التربويين على أهمية إعلام المتعلمين بالنتائج التي يحققونها في
الاختبارات وفي جميع التعيينات والواجبات التي يتم تكليفهم بعملها داخل المدرسة
وخارجها سواء كانت هذه النتائج صحيحة أو خطأ إيجابية أم سلبية وهذا هو المقصود
بالتغذية الراجعة .
فالتغذية الراجعة هي عبارة عن إتاحة الفرصة للمتعلم ليعرف ما إذا كان جوابه عن
السؤال المطروح أو المشكلة المطلوب منه معالجتها صحيحاً أو خاطئاً ، بل يتعدى بعض
الباحثين ليؤكد أن التغذية الراجعة لا تقتصر على إعلام المتعلم بنتيجة تعلمه ، بل
على المعلم أن يبين للمتعلم مدى الصحة في جوابه ومدى الخطأ إلى أي حد كان جوابه
صحيحاً أو خاطئاً ؛ وبمعنى آخر إلى أي مستوى كان جوابه دقيقاً وصحيحاً ولماذا كان
كذلك ، وأن يعلمه أياً من الأهداف السلوكية التي نجح في تعلمها وأياً منها ما يزال
يتعثر في تعلمها ، ثم أين كان موقعه من تحقيق الهدف الكلي النهائي المرغوب فيه .
والتغذية الراجعة غالبا ًما ترافق الممارسة والتدريب ، وقد تأتي بعد تطبيق
الاختبارات اليومية أو الشهرية ، وقد تأتي بعد تطبيق الاختبارات النهائية .
وتعتبر التغذية الراجعة أهم ثمار عمليات التقويم ، وخصوصاً التقويم التكويني (
البنائي ) حيث يتم من خلالها تزويد المتعلم بمعلومات تفصيلية عن طبيعة تعلمه ،
وتشير المصادر العلمية إلى أن الدور الذي تلعبه التغذية الراجعة في التعليم ينطلق
من مبادئ النظريات الارتباطية والسلوكية التي تؤكد على حقيقة أن الفرد يقوم بتغيير
سلوكه عندما يعرف نتائج سلوكه السابق ، كما تؤكد تلك النظريات على الدور التعزيزي
للتغذية الراجعة ، وأنها تعمل على استثارة دافعية المتعلم ، وتوجيه طاقاته نحو
التعلم ، كما أنها تسهم في تثبيت المعلومات وترسيخها وبالتالي تساعد على رفع مستوى
الأداء في المهمات التعليمية اللاحقة مثل اختبارات التحصيل .
وقد كان مصطلح التغذية الراجعة يستخدم في العلوم التطبيقية والهندسية ثم انتقل
استعمال هذا المصطلح إلى ميادين التربية وعلم النفس بدلاً من الاصطلاح الذي كان
شائعاً وهو "معرفة النتائج " نظراً لكون معرفة النتائج لا تعني بالضرورة استفادة
الفرد منها في تعديل سلوكه وتوجيهه الوجهة الصحيحة ،لذا فإن مفهوم التغذية الراجعة
يعد أكثر شمولاً حيث أنه يعني بالإضافة إلى معرفة النتائج أموراً أساسية أخرى أهمها
استخدام هذه المعرفة في إجراء التحسينات المطلوبة .
ويمكن تلخيص أهمية استخدام التغذية الراجعة في عملية التعلم في النقاط الآتية :
1-تعمل التغذية الراجعة على إعلام المتعلم بنتيجة تعلمه ، مما يقلل القلق والتوتر
الذي قد يعتري المتعلم في حالة عدم معرفته نتائج تعلمه.
2-تعزز المتعلم وتشجعه على الاستمرار في عملية التعلم وبخاصة عندما يعرف بأن إجابته
عن السؤال كانت صحيحة .
3-إن معرفة المتعلم بأن إجابة كانت خطأ ، وما السبب لهذه الإجابة الخطأ ، يجعله
يقتنع بأن ما حصل عليه من نتيجة أو علامة كان هو المسؤول عنها ، ومن ثم عليه مضاعفة
جهده ودراسته في المرات القادمة.
4- إن تصحيح إجابة المتعلم الخطأ من شأنها أن تضعف الارتباطات الخطأ التي حدثت في
ذاكرته بين الأسئلة والإجابة الخطأ ، وإحلال ارتباطات صحيحة محلها.
5-إن استخدام التغذية الراجعة من شأنها أن تنشط عملية التعلم ، وتزيد من مستوى
الدافعية للتعلم .
6-تعرف عملية التغذية الراجعة أين يقف من الهدف المنشود ، وما إذ1 كان يحتاج إلى
وقت طويل لتحقيقه ، أم أنه قريب منه .
7-تعرف المتعلم أين هو من الأهداف السلوكية التي حققها غيره من رفاق صفه ، والتي لم
يحققوها بعد .
8-تعمل التغذية الراجعة بما تزوده للمتعلم من معلومات إضافية ومراجع مختلفة ، على
تقوية عملية التعلم ، وتدعيمها وإثرائها .
مفهوم التغذية الراجعة :
انطلاقاً من أهمية التغذية الراجعة في العملية التعليمية قام بعض الباحثين من ذوي
الاختصاص في مجال البحث التربوي بتحديد مفهومها ، فيراها نشواتي بأنها " المعلومات
التي يتلقاها المتعلم بعد الأداء بحيث تمكنه من معرفة مدى صحة إجابته للمهمة
التعليمية " ويحددها سيد صوالحه بأنها " عملية تزويد المتعلم بمعلومات حول
استجاباته ، بشكل منظم ومستمر ، من أجل مساعدته في تعديل الاستجابات التي تكون
بحاجة إلى التعديل وتثبيت الاستجابات التي تكون صحيحة "
فتزويد المتعلم بمستوى أدائه بهدف مساعدته على تصحيح إجاباته الخاطئة وتثبيت
إجاباته الصحيحة هو التغذية الراجعة ، والتي تأخذ أشكالاً وأنواعاً عديدة ،
وأنماطاً وأساليب مختلفة .
أنواع التغذية الراجعة :
تتخذ التغذية الراجعة أنماطاً مختلفة وصوراً متعددة حسب نوعية التقسيم فيها . ومن
الأنماط الشائعة للتغذية الراجعة بناءًً على مصدرها التغذية الراجعة الداخلية
والخارجية ويقصد بالداخلية المعلومات التي يشتقها الفرد من خبراته وأفعاله على نحو
مباشر ( شعور المتعلم باستجابته ) ، أما الخارجية فيقصد بها المعلومات التي يقوم
بها المعلم أو المدرب أو أي وسيلة أخرى خارجية .
ومن الباحثين من يقسمها حسب الزمن إلى فئتين هما :
1- التغذية الراجعة الفورية : وهي التي تتصل بالسلوك الملاحظ وتعقبه مباشرة وتزوّد
الطرف الآخر بالمعلومات أو التوجيهات والإرشادات اللازمة لتعزيز السلوك .
2- التغذية الراجعة المؤجلة : وهي تلك التي تعطى للمتعلم بعد مرور فترة من الزمن
على استكمال العمل ، أو الأداء وقد تطول هذه الفترة أو تقصر بحسب الظروف ، ومقتضى
الحال .
وقد ميزت رمزية الغريب بين ثلاثة أنماط للتغذية الراجعة هي :
1-التغذية الراجعة الحسية التي تمد الفرد بمعرفة من الداخل عن طريق الحواس .
2-التغذية الراجعة الخاصة بمعرفة الفرد قدراً من المعلومات التي تساعده على إدراك
أفضل للمواقف .
3-التغذية الراجعة المتصلة بتزويد الفرد بمعلومات عن نتائج أدائه السابق ومدى
التقدم والنجاح فيه .
وحدد سيد صوالحه أربعة من أشكال التغذية الراجعة :
1-التغذية الراجعة الإعلامية وتتمثل في إعطاء المتعلم معلومات حول دقة إجابته .
2-التغذية الراجعة التصحيحية ويتم من خلالها تزويد المتعلم بمعلومات حول دقة إجابته
مع تصحيح الإجابات الخاطئة .
3-التغذية الراجعة التفسيرية ، وتتضمن تزويد المتعلم بالمعلومات الضرورية حول مدى
صحة إجابته ،وتصحيح الإجابات الخاطئة ، بالإضافة إلى شرح وتوضيح أسباب الخطأ
4-التغذية الراجعة التعزيزية ، وتتمثل في إعطاء المتعلم معلومات حول دقة إجابته ،
وتصحيح الإجابات الخاطئة ، ومناقشة أسباب الخطأ بالإضافة إلى تزويده بعبارات
تعزيزية .
وقد فرّق أبانمي في دراسته بين ثلاثة من أشكال التغذية الراجعة وهي :
1-تغذية راجعة تتمثل في معرفة النتائج متبوعة بمعرفة الإجابات الصحيحة والخاطئة .
2- تغذية راجعة تتمثل في معرفة النتائج متبوعة بمعرفة الإجابات الصحيحة والخاطئة ،
وتصحيح الإجابات الخاطئة .
2-تغذية راجعة تتمثل في معرفة النتائج متبوعة بمعرفة الإجابات الصحيحة والخاطئة ،
وتصحيح الإجابات الخاطئة ، ومناقشة الإجابات الصحيحة والخاطئة .
ويتضح من خلال استعراض بعض أشكال التغذية الراجعة تعدد تلك الأشكال والأنماط فهل
للتغذية الراجعة بأشكالها المختلفة فاعلية في تحصيل الطلبة الدراسي ؟
لقد أثبتت الدراسات التجريبية ومنها دراسة ( أبانمي ) المشار إليها سابقاً وجود
فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسط درجات تحصيل الطلبة الذين لا يتلقون تغذية راجعة
، ومتوسط درجات نظرائهم ممن يتلقون التغذية الراجعة بأشكالها المختلفة لصالح الذين
يتلقون التغذية الراجعة ، وكذلك أثبتت الدراسة تفوق المجموعة التي تتلقى التغذية
الراجعة المتمثلة في معرفة النتائج متبوعة بمعرفة الإجابات الصحيحة والخاطئة ،
وتصحيح الإجابات الخاطئة ، ومناقشة الإجابات الصحيحة والخاطئة على بقية أشكال
التغذية الراجعة .
ومن هنا يتبين لنا ضرورة استخدام أشكال متعددة من التغذية الراجعة في عملية التعليم
بمختلف مراحله من أجل رفع مستوى التحصيل الدراسي لدى الطلبة بوقت أقصر وجهد أقل ،
وكذلك ضرورة تدريب المعلمين من خلال الدورات على هذه الطريقة من أجل الوصول إلى
أعلى المستويات في عملية التعليم .
للمزيد يمكن الاطلاع على المراجع الآتية :
جامعة القدس المفتوحة : المنهاج التربوي ,برنامج التربية رقم ( 5103)...
حسن شحاتة : نحو تطوير التعليم في الوطن بين الواقع والمستقبل...
صلاح الدين محمود علام : التقويم التربوي المؤسسي...
* محمد محمود الحيلة :التصميم التعليمي
* السيد محمد صوالحة :أثر بعض استراتيجيات التغذية الراجعة في تعلم مفاهيم علمية
لدى تلاميذ الصف السادس الابتدائي في الأردن – المجلة التربوية – العدد 18 –
*رمزية الغريب : التعلم : دراسة نفسية تفسيرية توجيهية -
* عبد المحسن أبا نمي : فاعلية بعض أشكال التغذية الراجعة على تحصيل الطلبة الدراسي
* عبد المجيد نشواتي : علم النفس التربوي
ملاحظة / تم الإستفادة فيما ورد عن التغذية الراجعة مما أعده عبد العزيز الشائع