...

المسؤولية والكهرباء


أسامة عبدالستار موسى الفرا 


التفاصيل

المسؤولية والكهرباء
 
بلال كمال الفرا
22.08.2010
 
 
كتبت مسبقا عن الإنتماء والصبر مقتنعا بأن النصر والخلاص من الحصار لن يكون إلا إذا تحلى الشعب بهاتين الصفتين, وحتى يكون كل فرد قادرا على التحلي بصفتي الصبر والإنتماء لا بد وأن يكون المسؤولون على قدر المسؤولية. فلا بد وأن يعلموا بأن المسؤولية هي أمانة في أعناقهم يحاسبون عليها لو أهملوها. فيجب أن يكون الأنبياء والرسل والصحابة هم قدوتنا في ذلك فهم الذين حملوا المسؤولية وأدوا الأمانة على أكمل وجه, فنقتدي بسيدنا يوسف عليه السلام والذي كان يكثر الصيام رغم أنه الأمين على خزائن الأرض وعندما سألوه عن السبب أجاب بأنه يخشى إذا شبع أن ينسى الجائع.

وقدوتنا الرسول الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم عندما نزل الخندق وقد واجه الصحابة صخرة أثناء الحفر فأعاقت عملهم فنزل صلى الله عليه وسلم الخندق ليساعدهم فلاحظ الصحابي"جابر" بوجود حجر مربوط على بطن الرسول صلى الله عليه وسلم ما يدل على جوعه الشديد, فلا يعني أنه قائد الأمة بأنه أكثرهم شبعا بل كان يعاني الجوع مثله مثل البقية -إن لم يكن أشد جوعا- فذهب الصحابي وأعد طعاما لائقا بالرسول ودعاه مع إثنين من الصحابه –ما يكفي الطعام- فما كان من الرسول إلا أن يدعوا جميع الصحابة وكان في الأكل بركة. فكان الرسول صلى الله عليه وسلم يجوع معهم وإن توفر الأكل يأكل بعدهم.

وحتى نعرف معنى المسؤولية فيكفينا أيضا دراسة تاريخ الخلفاء الراشدون والقصص كثيرة في هذا المجال أذكر منها قصة أبو بكر الصديق الذي كان يذهب بشكل يومي فيدخل بيتا ويمكث فيه بعض الوقت ثم يخرج ما أثار فضول الصحابي عمر بن الخطاب فدخل البيت فوجد فيه عجوزا عمياء فسألها عن الرجل الذي يدخل يوميا فأجابته بأنه يكنس البيت ويعد الطعام وينصرف وهي لا تعرفه من هو !! فما كان من عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن قال "أتعبت الخلفاء من بعدك يا أبا بكر" ..هذا هو المسؤول الذي يحمل الأمانة ويخاف الله فيسعى لأن يؤدي الأمانة على أكمل وجه, فيرى أبو بكر رضي الله عنه أن المرأة العجوز العمياء المقطوعة هي من مسؤوليته, ويرى عمر بن الخطاب بأن المسؤولية ستكون ثقل وتعبا عليه وليس المنصب الذي يتمناه.

ونجد المسؤولية على أكمل وجه متمثلة في شخصية عمر بن الخطاب الذي قيل فيه "حكمت فعدلت فأمنت فنمت" فهو الذي كان الأكثر كبرياء وعظمة وشدة قبل الخلافة والأكثر تواضعا ولينا -بما لا يتعارض مع الشريعة- بعد الخلافة ويكفينا قوله رضي الله عنه :"والله لو أن بغلة عثرت بشط الفرات لكنت مسئولا عنها أمام الله، لماذا لم أعبد لها الطريق" وقوله : "أنزلت مال الله مني منزلة مال اليتيم، فإن استغنيت عففت عنه، وإن افتقرت أكلت بالمعروف", المسؤولية لا بد وأن تثقل كهل حاملها فلا يطلبها إلا من هو أهل لها, فالمسؤولية أمانة.

لهذا وكما بدأت فإن تأدية المسؤولون للأمانة على أكمل وجه هو أهم السبل لتشجيع الشعب على الصبر والإنتماء كما ذكرت مسبقا. وهنا في قطاع غزة ولا أريد أن أتهم المسؤولين بالتقصير لكن هناك أمور كثيرة بحاجة للمعالجة والكهرباء أشد هذه الأمور.

فقطع الكهرباء أصبح يقض المضاجع ويسبب الأرق والتعب خاصة أننا في شهر رمضان وفي صيف لم يعرف حرا مثل حره. لا أريد هنا أن أبحث عن المسؤول في القطع وإن كنت أرى بأن حكومة فياض لم تتخذ قرارا واحدا في صالح أهل القطاع. لكني هنا أريد أن أتساءل عن آلية التصرف للمسؤولين في هذه المصيبة.

من القصص التي ذكرتها نجد بأن من واجب المسؤول دوما يضع نفسه آخر الرعية فيطمئن على رعيته ويوفر لهم ما هو واجب عليه توفيره ومن ثم ينظر لنفسه, فهل يجوز لرب البيت أن يكون شبعا وأبناءه يقتلهم الجوع!؟.

من هنا أرى بأن الشعب سيصبر على قطع الكهرباء لو وجد أن المسؤول يعاني من قطع الكهرباء أكثر من الشعب نفسه, فيجب أن يعاني المسؤول ويجب أن يتم مصادرة المولدات الكهربائية عند كل المسؤولين فيعاني ما يعانيه الشعب.
وسيصبر الشعب عندما يجد أن هناك حملات توعوية لآلية إستخدام المولد الكهربائي وتجنب الخطر-بمعنى إظهار الاهتمام بأفراد الشعب-.
سيصبر الشعب إذا وجد أن المسؤول يسعى -وبعد أن ذاق مرارة قطع الكهرباء- لخطط بديلة عن محطة الكهرباء ولا يجوز القول أن هناك عمل في الخفاء لتغيير الوضع فهذا غير جائز لأن الشعب بحاجه لمعرفة ما يجري.

وهنا أذكر أن خان يونس في السابق كانت تعمل على أربع مولدات حسب ما ذكر لي والدي رحمه الله . فلم لا تسعى الحكومة لتوفير مولدات ضخمه تعمل كخطة بديلة في حال حدوث عطل في المحطة الكهربائية. فيكون أخف وأقل ضررا وإزعاجا من المولدات الكهربائية الصينية المنتشرة في المنازل.

لا أبخس من جهود المسؤولين لكن أريد المزيد وأريد أن أرى بأنهم يشعرون بمثل ما نشعر ويعانون بمثل ما نعاني ويسعون بجد لحل الأزمة التي تكاد فعلا -وكما وصف أحد الكتاب العظام- تكاد أن تحقق ما لم تحققه عملية الرصاص المصبوب.