الشرق الأوسط الجديد يعود من جديد
أسامة عبدالستار موسى الفرا
التفاصيل
الشرق الأوسط الجديد يعود من جديد
بقلم : بلال كمال الفرا
03.01.2007
عندما تحدثت كوندوليزا رايس عن مصطلح "الشرق الأوسط الجديد" إستقبلنا الأمر بسخرية شديدة وقمنا برسم الكاريكاتير وكتابة مقالات تسخر من الأمر وهنا أتساءل هل هذا التصريح يوازي تصاريح زعماء العرب وأنه مجرد زلة لسان ؟؟هل نحن على حق عندما نسخر من هذا التصريح ؟؟بمعنى هل العرب ليسوا بقطيع من الماشية يساق إلى حيث يريد الغرب والصهاينة؟؟؟ فهل نحن أحرار لنا قرارنا ونتحكم بمصيرنا؟؟
وسؤال آخر مهم ..فطالما نحن الدول العربية لدينا لغة واحدة ودين واحد بل وتاريخ
واحد فكيف رسمت هذه الحدود بيننا ؟؟ فمن رسم الشرق الأوسط الحالي ؟؟
في عام 1916 توصل سفير فرنسا مع سفير بريطانيا إلى معاهدة "سايكس بيكو" والتي سميت
على إسمي السفيرين وكانت تختص بتقسيم المشرق العربي وخاصة بعد إنتهاء الدولة
العثمانية المتوقع في ذلك الوقت وتم تقسيم المشرق العربي –بإستثناء شبه الجزيرة
العربية- إلى خمس مناطق , ثلاث مناطق ساحلية وهي :
المنطقة الزرقاء : وتشمل السواحل اللبنانية السورية وأعطيت لفرنسا
المنطقة الحمراء : وتشمل السواحل العراقية من بغداد إلى البصرة وأعطيت لبريطانيا
المنطقة السمراء : وتشمل فلسطين
ومنطقتين داخليتين :
منطقة أ : وتشمل المناطق الداخلية لسوريا
منطقة ب: وتشمل المناطق الداخلية للعراق
لم تأتي هذه المعاهده إلا بعد ضعف الدولة العثمانية وبعد إنتشار الجهل والظلم في
المناطق العثمانية فأصبحت تلك المناطق مهيأة للتغيير ومهيأة للإحتلال فالحكم الحالي
ظالم فلا حليف له ولا مدافع عنه وللأسف كانت القومية العربية الحديثة النشأة والتي
تطمح بإنشاء دولة عربية تكون حدودها سيناء من الشمال واليمن جنوبا كانت القومية
العربية تحارب بجانب الإنجليز ضد الأتراك وذلك بعد حصولهم على وعود إنجليزية بتحقيق
أحلامهم القومية .
وبعد إنتهاء الحرب العالمية الأولى وبعد إنتهاء الدولة العثمانية تناسى الإنجليز
وعودهم !!
وهنا أؤكد بأن الأطماع في المشرق العربي لم تكن فقط بريطانية فرنسية وإنما الولايات
المتحدة أيضا كانت تطمع بالمشرق العربي وكان للولايات المتحدة طريقة أخرى للسيطرة
على المشرق العربي الا وهو زرع كيان كامل بحكومته وجيشه في المشرق العربي فلعبت
الولايات المتحدة الدور الأساسي في إستصدار وعد بلفور بضغط قوي من الرئيس ولسون على
رئيس الوزراء البريطاني.
هذا الإهتمام الكبير من الغرب في المشرقي العربي نابع من نقطتين هامتين:
- المشرق العربي يؤمن تدفق النفط والإستثمارات والمواد الأولية في السلم والحرب
للدول الغربية علاوة عن كونة حلقة الوصل بين الشرق والغرب بحكم الموقع الجغرافي
..فالممارات المائية والبحار تساعد لأن تكون حلقة وصل مع القواعد العسكرية البرية
والبحرية والجوية .. كما أنها من الممكن أن تكون في المنطقة مخازن خاصة بالغرب ...
- الخوف أيضا أحد أسباب إهتمام الغرب في المشرق العربي حيث صدر صدر في عام 1907 في
لندن تقرير كامبل بنرمان وزير المستعمرات آنذاك، الذي وضعه في مؤتمر عقدته مجموعة
من علماء التاريخ والسياسة والاقتصاد، بمشاركة عدد من السياسيين الأوروبيين وتناول
الوضع في المنطقة العربية، جاء فيه:
(يكمن الخطر على الغرب في البحر المتوسط، لكونه همزة وصل بين الشرق والغرب. ويعيش
في شواطئه الجنوبية والشرقية شعب واحد، تتوافر له وحدة التاريخ واللغة والجغرافية
وكل مقوّمات التجمع والترابط، وذلك فضلاً عن نزعاته الثورية وثرواته الطبيعية
الكبيرة).
ويتساءل التقرير عن مصير المنطقة، إذا انتشر فيها التعليم والثقافة. ويجيب بأنه إذا
حدث ذلك، فسوف تحل الضربة القاضية بالإمبراطوريات القائمة.
فهذه الأمور جعلت الولايات المتحدة تربط أمنها القومي بأمن المشرق العربي الذي يمس
مصالحها القومية. ومن هنا كان من المهم ومن وجهة نظر الغرب أن يحموا الكيان
الصهيوني من أي مخاطر وهنا نذكر تصريح الثلاثي عام 1950 والذي صدر عن فرنسا
وبريطانيا والولايات المتحدة ونص على ضرورة الإحتفاظ بمستوى معين من القوات المسلحة
ومعارضة قيام سباق تسلح بين العرب والكيان الصهيوني
ومن الممكن أن أكون أول من أطلق هذا المصطلح الغريب نوعا ما ولكن عندما نراجع
التاريخ نجد بأن لا يوجد قرار مصيري للولايات المتحدة إلا وتم عن دراسة ناجحة
وكاملة تؤدي إلى نجاح القرار ... فلا بد أن يكون هناك مجموعه من المحللين والمفكرين
الذين يقومون بدراسة الموقف بشكل كامل يؤدي في النهاية إلى سهولة إتخاذ القرار
ساذكر القليل من المواقف :
فتكملة لما سبق فكان قرار الولايات المتحدة أو الغرب هو حماية الكيان الصهيوني
ولهذا عندما قامت ثورة أكتوبر في مصر كان لا بد من دعم الصهاينة لأن مصر أصبح خطر
عليها وكان لا بد من توجيه ضربة قاسية لمصر عندما قامت بتأميم قناة السويس وكان لا
بد من الدعم الكامل للصهاينة في حرب 67 ومن ثم كان لا بد من التخلص من الرئيس جمال
عبدالناصر وإستبداله بمن هو مخلص أمين للغرب وموالي لهم وتم ذلك بلعبة مخابراتية
ذكية .
فدائما أراهم يدرسون القضية بشكل كامل بجمع العقول والحصول على تقرير كامل عن الوضع
ومن ثم يكون القرار وهذا سر نجاحهم
وبعد الإنتهاء من مصر وتحول مصر إلى المبيض لوجه الصهاينة أمام العرب , كان الخطر
من سوريا وإيران ولكن إيران بشكل أقوى فكان لا بد من تحطيم إيران وتم ذلك أيضا
بلعبة مخابراتية سهلة وقامت الحرب بين العراق وإيران وإنشغل الطرفان عن محاربة
الكيان الصهيوني...
وإنتهت الحرب وإنتصر العراق وبدأت التهديدات للكيان الصهيوني وأصبح حليف الأمس عدوا
اليوم وخطرا يهدد الامن القومي الامريكي...فكيف تاتي الولايات المتحدة للمشرق
العربي للقضاء على العراق والتي تعد القوة الرابعة في العالم في ذلك الوقت وباقل
الخسائر ..فكان لا بد من وجود مبرر للقيام بذلك ولا بد أن تكون دول المنطقة موالية
للولايات المتحدة ..وبلعبة مخابراتية رائعة وسهلة يتم الضغط على الكويت للضغط على
صدام للحصول على مستحقاتها ويتم إعطاء صدام الضوء الأخضر للتعامل مع ضغوطات الكويت
بالشكل المناسب...
ووجهت العراق جيوشها إلى الكويت بدلا من أن توجه لفلسطين وهنا كان المبرر للولايات
المتحدة بالقدوم للمشرق العربي وكان مبارك الرئيس المصري يبرر ذلك "إحنا مش أد
العراق" وتم الهجوم على العراق وتم الإنسحاب من الكويت وتدمير الجيش العراقي
بالكامل عام 91م
فهنا الفرق بيننا وبين الغرب ...فالغرب لا يكون قراراتهم إلا بعد دراسات كاملة
بينما العرب فالقرار ينتج بأمر فرد واحد
وفي هذا العام -عام 91- بدأت الأصوات تنادي بشرق أوسط جديد وأولهم كان بيريز الذي
ألف كتابا عن الشرق الأوسط الجديد وتم طباعة النسخة العربية للكتاب في الأردن
وبدا الأمر في فلسطين فمقابل تنازلات فلسطينية عن بعض المبادئ الفلسطينية يكون هناك
أرض للسلطة الفلسطينية على أجزاء من القطاع وأجزاء من الضفة ونتيجة السلطة بأن يحق
للصهاينة ملاحقة المطلوبين أينما كانوا ...وأن السلطة فقط تقدم الخدمة المدنية
للفلسطينيين والأمن للإسرائيليين!!!؟؟؟
ومن ثم العراق فقسمت العراق إلى ثلاث أقسام "أكراد ..سنة .. شيعة" وبمقتل صدام حسين
رمز الوحدة العراقية يكون البداية الرسمية لتقسيم العراق ..إن لم يكن قد تم ذلك
..فللأكراد علمهم الخاص وجيشهم أو ***هم الخاصة وللشيعه جيشهم وقائدهم
الخاص..وحاليا يتم طرد السنة من بعض الأحياء وإحضار شيعه فتحولت الكثير من الأحياء
إلى شيعه خالصه
الحرب الأهلية في العراق ... والإقتتال الحزبي في فلسطين .. والمشاحنات الحزبية في
لبنان.. والاتساع اليومي للفجوة بين الشعوب وأنظمتها في كل الدول العربية من جهة
أخرى. ما هي إلا بداية خطيرة إلى تفكيك وتقطيع أوصال المفكك والمقطّع من الأرض
العربية، وفي إنهاء هويتها وإخراجها من التاريخ تحقيقاً للمشاريع الاستعمارية
الجديدة. وستكون المبرر لتقسيم الأرض العربية حسب الخطة التي تحدثت عنها كوندوليزا
رايس، وزيرة الخارجية الأمريكية، بـ "الشرق الأوسط الجديد".
فمتى سيكون لنا قرارات مدروسة لا فردية ... متى يكون التحرك جماعي لا فردي... متى
سنعلم أن هناك طرف ثالث في أي مشكلة بين أخوين
متى نشعر بأننا لسنا قطيع من الماشية يساق إلى حيث يريد الغرب والصهاينة!!!!