...

القـــدس الحــزينة


أسامة عبدالستار موسى الفرا 


التفاصيل

القـــدس الحــزينة
بقلم القاضي/علي الفرا
27.07.2009


عبرنا حاجز قلنديا بعد إجراءات التفتيش على ذلك الحاجز اللعين, واستقلينا سيارة لتنقلنا إلى القدس لنصلي في ثالث الحرمين الشريفين مسرى المصطفى صلى الله عليه وسلم, وانطلقت بنا السيارة في طريقها إلى القدس - وعلى الرغم من معرفتي السابقة والجيدة بالمدينة المقدسة وأني زرتها بسيارتي مرارا وتكرارا وصليت في الحرم القدسي الشريف مرات عديدة – رغم ذلك وعندما دخل بنا السائق في طريق يحده جدار من الناحية الشرقية , سألنا عن إسم الطريق الذي نسير فيه قال: "هذا الشارع رقم 1 وهذا الجدار فصل جزء من القدس ليصبح من خلف الجدار تابع للضفة الغربية ويحتاج أهله تصريح دخول للوصول إلى القدس" وتابع سيره شارحا لنا ذلك الجدار اللعين وما نتج عنه من تقطيع للأرض وتقطيع للأسر الفلسطينية فتجد الأسرة الواحدة جزء منها خلف الجدار والآخر داخله واستمر السائق حتى أوصلنا إلى باب العامود وهناك ترجلنا من السيارة لنتابع طريقنا إلى الحرم القدسي الشريف.


باب العامود- الذي كان حركة دائمة يصعب أن تسير فيه أو أن تجتازه- باب العامود خلا من الناس, خلا من السياح وأصحاب المحلات التجارية كل يجلس على باب دكانه يشرب الشاي أو يدخن الأرجيله"الشيشة".فلا زحام ولا سياح ولا أحد يسير إلا النذر اليسير.

تابعنا سيرنا حتى وصلنا إلى باب الحرم ليستوقفنا حرس الحدود ويقف بجانبه أحد سدنة الحرم ليسألنا عن ديانتنا فقلنا له: مسلمون والحمد لله. فسمح لنا بالدخول دون مضايقات.


وصلنا ساحة الحرم فوجدناها خالية من المصلين - تلك الساحة التي كانت تعج بالمصلين - فلا أحد في باحات الأقصى ومررنا على مسجد الصخرة وهو معد لصلاة النساء فلم ندخله, وانتهى بنا المسير إلى الأقصى -الذي بارك الله حوله- لندخله , كم كانت فرحتي غامرة أن كتب الله لي صلاة فيه قبل أن ألقى وجه ربي, ولكن ما أحزنني أنني لم أجد العدد من المصلين الذي كنت أتوقعه عند وصولي إلى أسوار الحرم..فالمصلون قلة ولا ابالغ إذا قلت أن من يصلون في جامع دار الكتاب والسنة يوم الجمعه أكثر من أولئك المتواجدون في الحرم القدسي الشريف في ذلك اليوم.


الوجوه شاحبه والأبصار زائغة والحزن يلف الجميع ويظهر على وجه الجميع ولسان حالهم يقول "إلى متى هذه المعاناة ؟ متى سنكون أحرارا في عبادتنا وتوجهنا لله؟ إلى متى هذا الصمت العربي والإسلامي على ما يحدث من تهويد للمدينة المقدسة؟"
أين نخوة العرب ؟ أين نخوة الإسلام؟ أين الرجال, الرجال أمثال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وصلاح الدين الايوبي؟ أين أولئك الرجال الذين لا ينامون الليل إذا ما أستبيح جزء من أرض الإسلام ؟ أليس الأقصى وقف إسلامي؟ بل كل فلسطين أليست وقفا إسلامياَ لا يجوز التفريط في شبر منها؟ أفيقوا يا عرب – أفيقوا يا مسلمين – أفيقوا يا فلسطينيين  يا من تتنازعون على سلطة منقوصه وكراسي مهشمه لا أرجل لها.


أفيقوا من غفوتكم وانظروا ماذا يفعل الصهاينة بقدسكم..القدس الحزين الذي يئن من سطوة الجلاد.

أعود واقول فرغنا من صلاة الظهر وكان وقوفنا بجانب منبر صلاح الدين الذي سبق لليهود ان احرقوه. ثم غادرنا المسجد الى باب الزاهرة حيث كان في انتظارنا صديق لنا كان احد قضاة المحكمة العليا لينقلنا بسيارته ويمر بنا من شوارع القدس لنفاجأ بخط سكة حديد يقسم الطريق المؤدي من بيت حنينا الى شعفاط الى قسمين, خط سكة حديد قيد الانشاء وفي وسط المدينة المقدسة ليعكر على الناس صفو حياتهم ويلتهم جزءا من أرضهم ويضيق عليهم شوارعهم.


واستمر بنا صديقنا إلى أن وصلنا خيمة أم كامل المقامة على أنقاض منزلها والتي لم يعد يزورها إلا بعض المتضامنين الأجانب!!!
ثم تابعنا سيرنا لنرى الكآبة والحزن على جدران القدس والعبوس والقنوط على وجوه أهل القدس, حزن يلف الجميع.
ننظر إلى القدس ولسان حالها يردد قصيدة الشاعر العراقي مظفر النواب : أعرب أنتم؟
وأنا أردد معها: أعرب أنتم ؟ متى ستثبتون أنكم لا زلتم عربا والنخوة العربية لا تزال في دمائكم؟!!

وبعد أن انتهينا من جولتنا عاد فينا صديقنا بسيارته الى مكان اقامتنا برام الله –
عدنا ولسان حالي يقول : وطن يباع ويشترى .. ونقول فليحيا الوطن.