...

لماذا مرسي؟!!


أسامة عبدالستار موسى الفرا 


التفاصيل

 

لماذا مرسي؟!!
بلال كمال الفرا

9.6.2012

تكاد تكون الثورة المصرية هي أنجح ثورات "الربيع العربي", إلى الآن على الأقل, وحتى تنجح الثورة بصورة عامه فلا بد وأن يكون هناك تضحيات كبيره على مدى زمني ليس بسيطا لأن الثورة تعني تغيير وضع قائم ظالم من أجل عداله وحياة أفضل يطمح لها الشعب. أهم مكسب كسبه الشعب المصري من هذه الثورة هو كسر حاجز الخوف وإيجاد طريق الوحده وإسقاط نظام مبارك المجرم. لكن لا زالت الثورة في مرحلة الخطر والأكثر خطورة هو نتائج الإنتخابات الرئاسية الأولى.

في الإنتخابات الأولى كان المعظم يتمنى التغيير فلا يهم من يكون الرئيس بقدر أن يكون وجه جديد غير مألوف في النظام السابق, لكن للأسف النتائج أفرزت إثنين ليكون أحدهما الرئيس المقبل لمصر: محمد مرسي, أحمد شفيق.

أما الأول محمد مرسي: فهو ينتمي لحركة الإخوان المسلمين, وهذه الحركه مصوره من قبل الإعلام المصري  خلال ال 58 عاما الماضية, بأنها حركة إرهابية مجرمه قاتله.

أما الثاني أحمد شفيق: فيكفي القول بأنه تابع للنظام السابق الذي قوقع مصر وشل إقتصادها ونهب خيراتها.

بالتأكيد سينقسم الشارع المصري وسيشعر بخيبة أمل كبيره وسيحتار في "من يختار؟". وحتى لا يكون هناك حيره يتطلب الأمر مراجعة سريعه للتاريخ الحديث لمصر:

بعد الإنقلاب العسكري الأبيض على النظام الملكي في مصر "ثورة 23 يوليو"  تولى اللواء محمد نجيب رئاسة مصر ليكون أول رئيس لمصر, سارع لإقامة وحدة قوية بين مصر والسودان كما إهتم بتطبيق بنود الثورة الست منها إقامة الحياة الديمقراطية في مصر والسماح لقيام الأحزاب فتصدى له باقي أعضاء القيادة المصريه فما كان منه إلا الإستقاله عام 1954 لكن ولشعبيته الكبيره أرغمه الشعب التراجع عن الإستقاله, لتتم إقالته بعد ثمان أشهر من نفس العام وبإقالته  تنتهي الوحده مع السودان, ومن ثم يتم عزله ويفرض عليه الإقامه الجبرية وكانت تهمته الأساسية هو السعي للحكم المدني.

إستلم الحكم الزعيم جمال عبد الناصر ليكون الرئيس الثاني لمصر والذي حقق إنجازات عظيمه منها وأهمها هو إستقلال مصر بشكل تام بعد تأميم قناة السويس كما له إنجازات أخرى منها بناء السد العالي وتدعيم القوميه العربيه بدعم الثورات العربيه الأخرى بل الثورات الإفريقيه أيضا. وكما كان له إنجازات كان هناك إخفاقات عظيمه منها: أكبر وأعظم هذه الإخفاقات كان ترسيخ حكم العسكر وما يتبعه من قوانين فمن لا يطيع القائد يعاقب ومن يعارض فهو خائن, المناصب للأصدقاء لا لأصحاب الخبرات فيرقى الرائد عبدالحكيم عامر ليكون لواء ومن ثم قائدا للقوات ويتم تعيين السادات ليكون النائب للرئيس, ومن الإخفاقات العظيمه هزيمة 67 وما نتج عنها من إحتلال باقي الأراضي الفلسطنين والجولان وسيناء, وهكذا إنتهى الحكم الناصري: مصر مستقله لكن سيناء محتلة, السجن ممتلئا بالمعارضين, حرب الإستنزاف العظيمه مشتعله, الحكم العسكري, وعلى المستوى القومي العربي يكفي ذكر "أيلول الأسود".

بعد وفاة جمال عبدالناصر إستلم السادات الحكم ليكون الزعيم الثالث لمصر أكمل السادات المشوار الذي بداه جمال عبدالناصر فإستمر بحرب الإستنزاف وإنتصر بحرب أكتوبر وبشكل مفاجيء توقف وأعلن السلام مع الصهاينه ليقوقع مصر وينهي دور مصر الرائد في المنطقه وإنقلب على أصدقائه فإعتقلهم ورسخ الحكم العسكري وحول مصر من نظام إشتراكي إلى نظام رأسمالي وتعود المعتقلات للإمتلاء بعد أن فرغها في أول حكمه ليتم بعد ذلك إغتياله عام 81 على أيدي الجماعه الإسلاميه.

وأخيرا جاء محمد حسني مبارك إلى الحكم ليكون الزعيم الرابع لمصر إستمر حكمه ثلاثون عاما إعتقد الكثير في مصر بأنه الرئيس الأول ولن يكون بعده رئيس, الإنتخابات في عهده كلها مزوره وعلى الملأ فلا حاجه لإخفاء التزوير فالشعب لن يتكلم أو هذا ما تصوره النظام الحاكم. في عهده كانت مصر تزداد فقرا فكان الخير كله يتجه للنظام على حساب الشعب تم تشجيع المنتج الأجنبي على حساب المنتج الوطني كان المصريون يعيشون على المش ودود المش منه فيه ومن لا يعرف القصه فليبحث في اليوتيوب عن هذا الأكل. كان هناك إخفاقات عظيمه في عهده منها مشروع توشكا وإستمرار قانون الطواريء, والتعرض للمعارضه, لكنه أعطى لهم مجالا أوسع في الإعلام. في عهد مبارك زادت مصر في قوقعتها وعزلتها عن العرب بل أصبحت تمرر قرارات الغرب وكان هذا واضحا في حرب الخليج وكيف تم إتخاذ قرار ضرب العراق وكان لمصر الدور السلبي المخالف لرأي ورغبة الشعب المصري في العديد من القضايا العربية منها قضية فلسطين وإحكام الحصار على غزة وإستمرار الترحيل للفلسطينيين نهيك عن المعامله السيئه لهم وإغلاق معبر رفح.

والحكم العسكري مستمر, لكن أخطأ مبارك عندما بدأ في نهاية حكمه من تقليص دور العسكر ومن التلميح بتوريث الحكم لإبنه فكان العسكر دورهم غير داعم له عندما قامت الثورة الشبابية في مصر.

خلال فترات الحكم السابقه كان الإخوان العدو اللدود لأنظمة الحكم وتم تصويرهم خلال ال 58 عاما على أنهم مجرمون, لكن من الواضح بأن الإخوان لم يعطوا فرصه واحده ولم يتم تجربتهم في الحكم إلا في البرلمان فكان مرسي هو صاحب لقب البرلماني المتميز لفترة 2000—2005.

لهذا لا نستطيع الحكم على الإخوان سواء بالسلب أو الإيجاب حتى ولو كان برنامجهم الإنتخابي جميل جدا, لأننا دائما نفاجأ بتغييرات كبيره من المنتخب عند إستلام الكرسي, لكن ما نستطيع الحكم عليه ما يلي:

1-      الحكم العسكري بدأ من عهد ناصر وإلى الآن فآن الآوان لبدء الحكم المدني وأصبح من الضرورة أن يستلم الحكم مدني, إذن يجب رفض أحمد شفيق العسكري.

2-      الإخوان تم تصويرهم على أنهم إرهابيون طيلة  فترة الأنظمه الظالمه, ولم يتم تجربتهم, آن الآوان لإعطائهم الفرصه.

3-      منذ بدأ الثورة كان شفيق عدوا للثورة بينما كان الإخوان مشاركون في الثورة أخطأوا بتأخرهم في الإلتحاق وإستعجالهم في الإنصراف لكنهم ساهموا في الثورة بإعتراف شفيق نفسه قبل ترشيح نفسه للإنتخابات.

4-      إذا تم إنتخاب شفيق الموالي للنظام السابق فهذا يعني بأن الثوار يمثلون أقليه وهذا يعطي لشفيق الحق في ردع أي مظاهره شبابيه مستقبليه لأن الأغلبيه تريده فيجب عليه أن يردع "الغوغائيون" لبسط الأمن في مصر. وبالتالي إنتهت الثورة بعودة النظام سابق.

5-      إذا تم إنتخاب مرسي فهذا يعني بأن الثورة نجحت وإختارت وجه جديد فتعطيه الفرصه في الحكم فإن تغير مسار مرسي عن المطلوب فإن الثوار الذين أحضروه للحكم قادرون على خلعه. وقد أثبت المصريون بأنهم فعلا كسروا حاجز الخوف وأنهم بدأوا يتابعوا أحوال البلد أولا بأول بدليل ثورتهم على نتائج المحكمه.

6-      إذا ما أنتخب مرسي فسيعلم مرسي أنه لم يحضر بإسم حزبه بل بأصوات شعبه وباقي الأحزاب وبالتالي سيسعى وبقوه لإثبات الأفضل.

لهذا يجب أن يكون الإختيار لمرسي.