...

زراعة هدف


أسامة عبدالستار موسى الفرا 


التفاصيل

زراعة هدف

 

بلال كمال الفرا

16-05-2010

 

 

بعد مرور 62 عام على "النكبة" وككل عام يمر تبدأ الفعاليات المذكرة بهذا اليوم فتبدأ اللجان "العليا" ببرامجها من أوبريت وحفلات ولقاءات سياسية ومحاضرات وتبدأ الفضائيات ببث المشاهد المؤلمة فتظهر الشهداء على الأرصفة وقد تم إعدامهم على أيدي العصابات الصهيونية كما تظهر أجدادنا وهم يحملون أمتعتهم هاربون وفي النهاية تضع خاتمة لهذه المشاهد بالمفتاح "المتآكل" بيد الأجداد –وكنت أرغب أن أراه بيد الأطفال- كإثبات أن حق العودة معلق في قلوبنا وعقولنا ولن ننساه. 

 

ومن الفعاليات كثرة المقالات حول هذا اليوم الأسود في تاريخ فلسطين فتتناول  الخيانة العربية المتأصلة والمستمرة وتتحدث عن فساد الأسلحة والمؤامرة الكبرى كما تتحدث عن الجهل وانعدام الوعي لأجدادنا في هذا الوقت وتتناول كذلك القصص والأحداث المؤلمة والمجازر التي وقعت والتي أدت للتهجير, نفس المحتوى للمقالات يتكرر كل عام مع إضافات جديدة من أحداث جديدة تضاف لقصة النكبة المستمرة ليومنا هذا ..فما وعينا إلا على النكبات.

 

لا شك أنها فعاليات مهمة للتذكير بالقصة ولتثبيت حق العودة, لكن في المقابل ماذا نجد عند الصهاينة ؟؟!! فاليوم نتابع في الأخبار بأن تسجيلا إسرائيليا تظهر فيه الطائرات الصهيونية وهي تغير على الأقصى فتدمره ليأتي محله هيكلهم المزعوم, وأن هذا التسجيل يتم تناقله بين الصهاينة لمتابعته وحفظ مشاهده,,  وفي متابعتي لتحليل الأخبار أجد أن الهدف المعلن عنه من قبل الصهاينة أنفسهم بأنهم يريدون بهذا التسجيل زرع هدف هدم الأقصى في قلوب أبنائهم فيكون كل الجيل القادم له هدف واحد وهو هدم الأقصى, وأعتقد أن هذا التسجيل سيصل وسيمرر على أمتنا الإسلامية أيضا لتأتي أجيالها القادمة حافظة للمشهد ومتوقعة له.

 

هذا هو ما يخطط له اليهود بينما نحن فماذا نسجل؟! فإن دققنا نجد أننا نسجل العداوة الحزبية والفصائلية في قلوب أبنائنا فنجد التسجيلات الحزبية الداعمة للإنقسام ما يساهم بظهور جيل يعرف في الفصائل أكثر ما يعرف عن وطنه فنجده يتحدث عن الأطراف المتخاصمة أكثر ما يتحدث عن حقنا في العودة والحرية, وأكاد أجزم بأن الجيل الجديد غير مكترث بالعودة ولا بتحرير الأرض بل تجده غير مبال بما يجري بالأقصى, للاسف تجده مهتما في كيفية الإيقاع بالخصم أو إيجاد طريقة للنيل منه سواء بنشر الإشاعات أو غير ذلك ...وبالطبع الخصم هو الفصيل الفلسطيني الذي يتربى الطفل الفلسطيني على عداوته.

 

قبل عامين طلبت من بعض المصممين أن يرسموا لوحة قد يراها البعض أنها خيالية فوصفتها بالشكل التالي:

صورة تظهر فيها الرياح والأمواج العالية ..وسفن كثيرة قريبة للشاطئ ..ومراكب كثيرة مكتظة بالركاب ...والركاب يلبسون طواقي ولهم ذقون وسوالف مثل ما هي متواجدة عند اليهود ويحملون أطفالهم ومعهم نساءهم ..هذه المرة المراكب متجهة من الشواطئ إلى السفن وليس العكس كما حدث سابقا..فالشواطئ مكتظة بالصهاينة وبشكل طوابير, على الشواطئ ينتظرون المراكب لتحملهم إلى السفن .. وهناك البعض من رجال المقاومة منتشرين وعلم فلسطين يرفرف وعلم آخر ممزق واقع على الأرض يحتوي على اللون الأزرق والنجمة الزرقاء... تؤخذ الصورة من على تله يقف عليها فارس ..إنه حلمنا الذي نحلم به ليل نهار ...فمن يستطيع ان يرسم هذا الحلم


هذا ما طلبته وكانت هناك محاولات طيبة وجميلة,, ما قصدته بذكر هذه القصه هو أننا بحاجة فعلا لأن يتغير أسلوب الإعلام عندنا فنريد تسجيلات تزرع الأهداف المرجوة في قلوب الأجيال القادمة فإن عجزنا نحن عن تحقيق الأهداف المرجوة نترك المهمة لهم فنزرع المحبة بيننا –والضائعة حاليا-  نزرعها عبر تسجيلات تظهر الفتحاوي والحمساوي إخوة وتظهر أن الفتحاوي والحمساوي والجهادي والكل يرفعون علم واحد علم فلسطين ويتحدثون بلغة واحدة والكل يقاوم ويجاهد لهدف واحد.

 

ونزرع حب الوطن عبر التسجيلات..فإن كنا في الوقت الحالي غير قادرون على إظهار حب الوطن وتقديمه على الراتب والمعونة والوالي أو الأمير فليكن عبر التسجيلات لنزرع فيهم المباديء التي نفتقدها.

 

 ونزرع فيهم يوم الحرية وعودة فلسطين قبل عودتنا فنزرع بأن عودتنا لن تكون إلا بطرد كل من لا يتحدث العربية في هذه الأرض العربية –الأرض بتتكلم عربي- فنرسم لهم حلم العودة والحرية ونرسم لهم اليوم الذي سيتم فيه طرد كل صهيوني من كل الأرض الفلسطينية , فيكون الحلم المنتظر لكل الأجيال القادمة, فإن كنا غير قادرون على تحقيق هذا الحلم فلنزرعه في قلوب أبنائنا..

 

فهل ننظر للصهاينة وهم يزرعون ليحصدون بينما نجلس نحن طيلة العام نتقاتل فيما بيننا ونزرع الحقد في قلوب أبنائنا ونعلن حبنا لمتاع الدنيا على حساب حبنا لوطننا وديننا وفي يوم النكبة نجلس لنتذكر ونبكي حالنا....