...

بين الشعارات الديمقراطية ....والاستبدادية المترسخة


أسامة عبدالستار موسى الفرا 


التفاصيل

الأنظمة العربية

بين الشعارات الديمقراطية ....والاستبدادية المترسخة

بقلم الصحفي:يحيى ناجح الفرا

 

تنقسم النظم السياسية في العالم إلى نظم مَلكية وأخرى جمهورية إما الملكية فتقوم على توريث السلطة والذي يتم في إطار الأسرة الحاكمة في حين تقوم النظم الجمهورية على اختيار الشعب للرئيس من خلال انتخابات عامة كما يقسم علم السياسة نظم الحكم إلى نظام حكم رئاسي وآخر برلماني , إما نظام الحكم الرئاسي فتتركز السلطة التنفيذية في بد رئيس الدولة الذي يختار رئيس طاقم حكومته والتي تقوم بمساعدته في إدارة شئون البلاد,في حين يتم اختيار الحكومة في ظل نظام البرلماني من الحزب الفائز في الإنتخابات البرلمانية حيث تتركز السلطة التنفيذية في يد رئيس الحكومة وربما تنقسم بين الرئيس والحكومة حسب الدستور المتبع في الدولة . وإذا ما أردنا أن نطبق هذه القاعدة على أنظمتنا العربية فإننا نقع في حيرة من أمرنا حيث لا مجال لتطبيق ذلك لأن أنظمتنا العربية تشذ عن هذه القاعدة فلا مجال للحديث عن نمط معين من أنظمة الحكم المتعارف عليها , فهناك تداخل بين النظم السياسية الرئاسية والحكومية , أما بالنسبة للنظم السياسية والجمهورية والملكية فحدث ولا حرج حيث المشكلة اشمل وأعم .

فالنظم السياسية الملكية التي عفا عليها الزمن بما فيها من استبدادية وتفرد بالحكم ... لازالت في بعض أنظمتنا العربية قائمة ومتأصلة بل ومقدسة حيث يعتبر الملك أو الأمير نفسه خليفة الله في الأرض ويعاقب المواطن الذي يذكر الملك بأقصى واشد العقوبات . وإذا كانت الملكية قد اندثرت في العالم وأصبحت رمزا للولاء للدولة فقط مثل بريطانيا فلا تتدخل الملكة في إدارة شؤون البلاد وبعبارة أدق فهي (تملك ولا تحكم ) وكذلك الحال في اسبانيا وغيرها.

أما في عالمنا العربي فالملك هو الحاكم الفعلي في إدارة شؤون البلاد والعباد ونظام التوريث في إطار الأسرة الحاكمة هو الذي يحكم تداول السلطة في الدولة .

وإذا ما تفهمنا على مضض تداول السلطة في ظل النظام الملكي فإننا لا يمكن أن نفهمها في ظل النظام الجمهوري الرئاسي حيث يجب أن يتم تداول السلطة وفق الإنتخابات العامة لكن أنظمتنا العربية أبت إلا أن ترجع إلى نظام الملكية ثانية من خلال توريث السلطة بأشكال وصور جديدة فأصبحنا نجد الرؤساء يقومون بتوريث الرئاسة لأبنائهم أسوة بالنظم الملكية مع ما يعنيه ذلك من استبدادية وتفرد بالحكم ضاربين عرض الحائط بالنظم الديمقراطية التي يتغنون بها والأمثلة في دولنا العربية عديدة ففي سوريا تم تنصيب بشار الأسد خلفا لوالده حافظ الأسد وذلك حين عقد البرلمان السوري جلسة صورية على عجل عند وفاة الرئيس الأب لتغيير بعض بنود الدستور من أجل تنصيب ابنه رئيسا للبلاد .

وفي مصر تجري الاستعدادات على قدم وساق من اجل توريث السلطة لجمال مبارك ليخلف أبيه الذي حكم البلاد منذ عام 1981وذلك رغم المعارضة الشديدة التي يلقاها هذا الاتجاه حيث جرت عدة مظاهرات وطرحت شعارات مضادة مثل (مايحكمش) و(كفاية كده) وقد أعلن رئيس الوزراء المصري مؤخرا للصحفيين أن ترشيح جمال مبارك ليخلف والده أمرا ممكنا إذا لم يترشح الأب لفترة رئاسية جديدة وذلك في تصريح واضح بأن جمال مبارك قادم بقوة لا محالة .

وفي ليبيا تشير كل الدلائل إلى أن سيف الإسلام الذي تم تنصيبه في منصب مهم جدا تمهيدا لخلافة أبيه معمر القذافي الذي يحكم البلاد مدى الحياة .

وفي اليمن حيث يتم تهيئة احمد علي عبد الله صالح لخلف أبيه في رئاسة البلاد .

إن كل هذه الأمثلة تدل دلالة واضحة على مدى الاستبدادية التي استفحلت في أنظمتنا العربية وهو ما يتضح جليا في حكم الرؤساء لبلادهم مدى الحياة وحصولهم في كل انتخابات على نسبة تصل إلى 99.9% ولكم أن تتصوروا كيف حصلوا على هذه النسبة؟!

والمثال الجديد لدينا حصول الرئيس التونسي زين العابدين مؤخرا على نسبة 90% ليحكم تونس فترة رئاسية خامسة ... ليحكم البلاد خمسة وعشرين عاما مرشحة للمزيد علما بأن سلفه الحبيب بورقيبة ظل يحكم تونس إلى أن أصبح غائبا عن الوعي .

ولدينا أمثلة حديثة على الاستبدادية والتفرد بالحكم وترسيخه حيث ترفض بعض الحركات التي فازت بالانتخابات اللجوء للانتخابات ثانية تحت حجج وذرائع دينية واهية وبدأنا نسمع عن نغمة الحكومات الراشدة الربانية والقادة الربانيين وفي ذلك رجوع إلى القرون الوسطى .

ومن ناحية أخرى فانه رغم سماح الدستور في بعض الأنظمة العربية بتعدد الأحزاب إلا انه من الواضح أن نظام الحزب الواحد هو المسيطر على الحكم في العديد من البلدان مع ما يعنيه ذلك من تكريس للنظام الشمولي المتبع في الأنظمة الشيوعية .

والسؤال المطروح هنا هل تكترث الأنظمة العربية برأي الشعوب أم أنها تستخف بها إلى أقصى درجة ؟ وتبدو الإجابة معروفة لدا الجميع لكن الحال يختلف في نظم الحكم الديمقراطية الغربية وخير مثال ما جرى مؤخرا في فرنسا حين تقدم (جون ساركوزي)ابن الرئيس الفرنسي لعضوية هيئة حكم محلي في باريس فقامت الدنيا ولم تقعد مما اضطر ((جون ساركوزي)) إلى سحب ترشيحه تحت ضغط الرأي العام الذي رأى في ذلك استغلالا لمنصب والده رئيس الدولة ترى ماذا سيحدث ذلك في أنظمتنا العربية ؟ والى متى سيستمر الاستخفاف برأي شعوبها التي تذخر بالعقول والكفاءات السياسية والعلمية التي تفوق كفاءات الرؤساء والملوك والأمراء وأبنائهم ؟

سؤال تجيب عليه السنوات القادمة.