...

العبودية الجديدة


أسامة عبدالستار موسى الفرا 


التفاصيل

عند الحديث مع أحد الشباب قائلاً له :"لم تضيع وقتك سُدىً " فيرد بمقولتهم الشهيرة "هوا في حاجة نافعة في ها البلد"،وعند سؤاله: "كم مشروع أنشأته وفشلت فيه؟"فيطأطئ رأسه ويجري مسرعاً إلي حاسوبه أو جواله أو ساحره الجديد، وفي نهاية يومه لو عدت إليه وسألته: " ما انجازاتك في نهاية هذا اليوم؟"سيمنعه كبريائه من الحديث بينما تحدثه نفسه بنتيجة صفر من الانجاز اليومي.

تأخذ العبودية أشكالاً وأشكال ، فقديماً كانت العبودية قسرية بأن يأسر شخص ما شخص آخر ويجعله عبداً خادماً له ويسلبه حريته كاملة ويطلب منه ما يشاء وما يريد، فالعبد حينها مملوك لكافة أوامر سيده .

بعد ذلك وفي القرن الماضي ينتقد: د.مصطفي محمود قائلاً: " أجهزة التلفزيون والإذاعة والسينما وصفحات المجلات والجرائد ... تتبارى على شيء واحد خطير ..هو سرقة الإنسان من نفسه.

أما اليوم فالجيل أمام الأخطر بكثير إنها عبودية جديدة طوعية فهذا الجيل يذبح ويسرق نفسه من نفسه وبإرادته وحده ، إنها عبودية الانترنت ومواقع التنافر الاجتماعي ،هم إن لم يكونوا عبيداً على حواسيبهم فهم عبيداً على جوالاتهم،تتلاقى أجسادهم في الأرض وتبحر عقولهم في السماء في هذا العالم الافتراضي المريض،  طوال اليوم يرتفعون لأعلى الصفحة ثم ينزلون أسفلها،منتقلين من صفحة لأخرى ومن موقع لآخر بحثاً عن جديد، ولا جديد سوى إضاعة المزيد من الوقت.

هذا الجيل يضيع في عالم النسيان في عالم سرقة الوقت الثمين، فيزداد انحداراً بازدياد ساعات دخول الانترنت ، نزولاً إلي أعماق الجهل والفوضى والتخلف، قد تكون الكلمات قاسية ولكن يجب أن يفهم شباب هذا الجيل بأن أثمن ما يملك الإنسان على هذه الأرض الوقت ،فيجب استغلاله بالشكل الأمثل عن طريق الابتكار والإبداع بالتفكير خارج الصندوق ، وبناء المشاريع بالإصرار، والعزيمة ،وتكرار المحاولة، وخلق فرص النجاح لبناء الحضارة المكلومة منذ عقود، وعدم الركون إلي الظروف والواقع المرير فأسهل شيء يمكن تقديمه هي الأعذار والتبريرات ، هذه الخرافات يجب التحرر منها بالاستغلال الأمثل للوقت.

 على رسلكم أيها الجيل : فأنا لا أدعو لعدم الجلوس على الانترنت طبعاً فهناك من لا يعمل إلا بالانترنت، ولكن دعوتي لتحديد ساعات للجلوس، وبمراقبة أنفسنا وتصرفاتنا وأفعالنا جيداً مع هذه العبودية الجديدة، وبذلك أنصح وكل صباح القيام بعدة أمور وهي: (كتابة جميع الأنشطة المراد القيام بها وحسب الأولويات-تحديد الوقت المناسب للجلوس أمام الانترنت ويفضل ألا يزيد عن ساعة واحدة -  تخصيص وقتاً لتطوير العلاقات الاجتماعية بعيداً عن الانترنت).