الوطن بالعطاء لا بالأخذ
أسامة عبدالستار موسى الفرا
التفاصيل
تَقْطُر الأعين دمعاً لأحوالنا، فيسأل سائل ! لِم كل تلك المعاناة؟ ولِم المأساة ؟ ولِم الجوع والفقر ؟ لِم الأزمات ؟- أزمة الكهرباء والماء والحصار والجدار والانقسام والبطالة وغيرها-. ولِم قلة الرزق والعمل؟ لِم التشريد والتهجير؟ ولِم الحروب ؟! لِم نحن دون سوانا؟! والقائمة تطول من علامات الاستفهام في هذا الوطن.
إن حال لسان البعض منا كحال أحد المؤلفين اليونانيين ويُدعا (أريستوفان) إذ يقول: "أينما رُزق الإنسان فذلك موطنه".
بالقطع لا ، فكيف لنا أن نشعر بقيمة الوطن، إن لم نفهم ما يعنيه العيش بلا وطن ، فالعيش في وطن مُحتل ولّدَ خراباً وإعوجاجاً وتلف العقول والنفوس ، فأحياناً تكون الإعاقة في طريقة التفكير كما يقال.
يعتقد البعض منا أن المطلب في هذه الدنيا المتاع والأموال والقصور ورغد العيش، أقول لهم عود نفسك على أن تواجه الحقيقة المُرة وهي الموت، لا أن تركن إلى الوهم المريح وهي مَتاع الدنيا، لذا لمَ لا نعيش كما يجب؟ وأن نفهم جوهر الأشياء بفطرتنا لا أن نغوص في عالم الأوهام ، فأين تتجه عُقولنا اليوم؟.
الوطن الحقيقي موجود بداخل كل الأحرار والشرفاء وهم الواثقين بالله أولاً وبأنفسهم ثانياً ، ومن يعرفون أن هدفهم على هذه الأرض ليست لقمة العيش فقط فهم يتغذون بالحرية ويعتاشون بالكرامة ،ولا ينتظرون المساعدات والفتات من أحد ،فطريقتهم هي الاعتماد على الذات ومواجهة الكسل والجهل بالجد والعلم ،لتطوير مجتمعهم ويعرفون أنه بالإصرار والعزيمة والإرادة يتحقق ما يسمى المستحيل.
وعند التفكير في مفهوم جودة الحياة سواء المادي أو المعنوي نلاحظ التركيز على الجانب المادي - رغم أهميته- مقارنة مع الجانب المعنوي، علماً بأن معاني كثيرة كالصبر والقناعة والجهد والعلم والعمل والتضحية والإيثار وحسن الخلق والمعاملة بين البشر، وطَرْق أبواب الفقراء وتفقُد المحتاجين وزيارة المرضى وسد حوائج الناس ،والحب والاحترام المتبادل بين كافة أطراف الوطن، كل تلك المعاني من أهم أولويات جودة الحياة في أي وطن .
والقول الفصلْ: نحن لا نحتاج الكثير نحتاج فقط إلي وطن، تكون فيه قيمة الإنسان وكرامته بما يقدم هو للوطن لا بما يأخذ ويكسب من الوطن ، فالوطن في حاجة إلي العطاء والتضحيات والوفاء،وليس في حاجة إلي الكذابين والمنافقين والمتسلقين والمختلسين...