حماس صبر وعطاء .. مع من أساء
أسامة عبدالستار موسى الفرا
التفاصيل
حماس صبر وعطاء .. مع من أساء
بقلم: بلال عادل الفرا "أبو بكر"
24-9-2009
{ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ } لقد سمعت هذه الآية من فيهِ أحد الناس معترضاً على القرارِ الذي خرجت به وزارة الأوقاف من إغلاق المساجد فترة صلاة العيد, والصلاة في العراء امتثالا لسنة النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم, لقد غفل المسكين أو تغافل عن معنى الآية, والطامة التي تغافل عنها هي أن من فسّر آيات الله على هواه فقد وقع في ظل قول الله عز وجل {هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ م وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ }آل عمران7 فالذي يفسر القرآن على هواه فإن في قلبه مرض, ومع جهله أو تجاهله لمعنى الآية, هل فكّر فيمن تنطبق الآية التي رشق بها أسماعنا, هل نسي أنه بهذا الاتهام قد أوصل لنبي الأمة ورسولها اتهاماً له بأنه صلى الله عليه وسلم ظالم؟! حاش له وحاشاه؛ لأنه هو الذي سنّ سنة الصلاة في العراء ولم يثبت عن أنه صلى يوماً العيد في المسجد مع أن مسجده كان يطل على بيته, وترك المساجد فارغة, أم أنه ليس لرسولنا قدوة به؟!! أم ما معنى توجيه هذه الآية لحماس؟! وتفسير القرآن لا يأتي حرفياً, إنما يأتي من الآية التي قبل أو التي بعد أو حتى إكمال الآية نفسها, وللنظر إلى الآية كلها {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَـئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَآئِفِينَ لهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ }البقرة114 فالله الله, حماس التي كانت وما زالت تحاول تطبيق شرع الله بمنهجية وسطية كما جاءت, هي الآن بمنظور حزب لا يفقه في الدين إلا قليلا ظالمة وتسعى لخراب المساجد؛ وبالتالي ستكون العاقبة الخوف من دخول المساجد والخزي في الدنيا والعذاب العظيم في الآخرة, ولنترك المجال للتاريخ ليتحدث, من الذي جمّع الناس حول حِلَق العلم والمساجد؟ ومن الذي كان له الدور الريادي في إقبال الشباب على المساجد بعد أن كان الناس أشد ما يكون في الابتعاد عن طريق الله؟ وبعد أن كانت المساجد لكبار السن فقط, ألم يُقبل الشباب اليوم على المساجد بصورة حسنة؟ ألم يكن لحماس الدور البارز في ذلك, ونقول هو بفضل الله وبركاته ونعمه علينا أن منّ الله علينا بهداية الناس وإقبالهم على بيوت الله, واليوم هل أصبحت حماس بعد ذلك سبباً في خراب بيوت الله؟؟
والكلمة التي لا بد منها هي أن أولئك الناس لا يروق لهم شيئاً فعلته حماس, فالناظر لحالهم قبل برهة من الزمن, كانت المقولة الشائعة عندهم أن حماس التي جاءت بشرع الإسلام لا تطبق شرع الله, وهم اليوم يستنكرون عليها ما قامت به من تطبيق سنة من سنن رسول الله, والناظر أيضاً إليهم قبل وقتٍ قصير وتهجمهم على حماس بعد أن ضربت بيدٍ من حديد أولئك الذين أطلقوا على أنفسهم اسم جند أنصار الله -وأنا أشك في صدق هذا الاسم- وقفوا وبكل حزمٍ قائلين كيف لحماس أن يقتلوا رجلا أن يقول ربي الله؟!! مستنكرين على ما قاموا به مهاجمين كيف لحماس أن تقضي على جماعة حاولت إقامة الخلافة؟؟ وصدق الشيخ محمد العريفي حينما قال: "من قل علمه زاد اعتراضه" فلقلةِ إدراكهم بالواقع أطلقوا هذه الاتهامات لحركة أدركت فقه الحياة وشئون ديننا الحنيف, ولست في هذا المقال بصدد أن أفنّد ما فعلته حماس وأردَّ الشبهات عنها والتي أطلقتها عليها حركة أو أتباع حركة لم يعوا دين الإسلام حق الوعي فالشمس لا تغطى بغربال, إنما مقالي عن أولئك الذين لا تروق لهم حسنة ولا يعترفون بالجميل, فقالوا: "لسنا بمشركين ولستم بمرسلين" حينما أطلقت حماس العفو العام بعد الحسم, هذا بدل أن يحمدوا الله أن رزقهم بحركة حلمها أكثر من غضبها, تراهم يتهجمون ولا يرقبون في حماس إلاً ولا ذمة!! وإنكارهم لما تفعله حماس من تنظيم حركات المرور والشوارع فقالوا: "أن حماس لا تستقر على رأي, وأنها غلّقت الكثير من الطرقات التي كانت معتادة لدى السائقين" وتغافلوا عن الهدف الذي لسببه جعلت حماس الطريق باتجاه واحد ورفضت للاتجاه الآخر المرور, بأن الحوادث في مثل هذه الطرقات قد زادت بسبب مرور الاتجاهين, وتهجمهم على حماس التهجم الأكبر حينما فتحت المجال للمعلمين المساندين للتدريس فقالوا: "لقد أحضرت حماس لأبنائنا أساتذة لا يفقهون شيئاً في التدريس, وان حماس تريد الدمار لأبنائنا بإحضارهم معلمين صغار السن وغيرَ أكفاءٍ بالتدريس" أنسيتم ما سبب هذا يا ناكري الجميل؟! أنسيتم أن ما قامت به حماس هو لأجل ألا يتوقف التعليم يوماً واحداً وأن السبب في ذلك هو استنكاف أساتذة الفتح المبجلين؟!! رضوا أن يكونوا مع الخوالف فجلسوا في بيوتهم وأرسلوا أبنائهم ليتعلموا!! أي معادلةٍ هذه ؟؟ أتجلس ولا تعلم أبناء شعبك, بينما ترسل ابنك ليتعلم؟!! إنها ليست بعارٍ على من ينطبق فيهم مثل "إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت" , وليست هذه بآخر ما أطلتنا بها هذه الحركة وليست بأول الكلام, فهناك إشاعات مغرضة هدامة ومضحكةً أكثر منها مبكية من أمثال أن "حماس أسستها إسرائيل", كيف لا وإسرائيل نفسها جل ما تخشاه حماس, كيف لا والكلمة التي يخافها الجندي الإسرائيلي هي كلمة "حماس" أو "قسام" بكل تأكيد ستضحك لأن مثل هذه الإشاعات لا تلبث بأن تسمعها إلا وستعلم بعدها بأنها إشاعة وليست حقيقة, وإن شئت فاضحك أكثر واسمع هذه المقولة والتي عمّت القطاع والضفة: "حماس شيعة, أو ليسوا شيعة بل قتلة" خرجت هذه الإشاعة بعد أن زار رئيس الوزراء إسماعيل هنية إيران, ومع أنه لم يصلِّ صلاتهم وجلس ينظر إليهم ليثبت للعالم بأسره أنه لا يتنازل عن مبدأه لسببٍ دنيوي, إلا أنهم في تلك الحركة الخاسرة خرجت بهذه التفاهة والتي أردُّ عليها بدوري نعم إن حماس شيعة ولكن ليست الشيعة التي تزعمون, إنما شيعة من القرآن الكريم في قوله تعالى: {وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ }الصافات83 ومعنى الآية أن من أشياع نوح عليه السلام في منهاجه وملته نبي الله إبراهيم, وكذا نبي الله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم, وكذا الحركة الربانية حماس, فلم تأتي حماس بدعاً من الرسل, ولم يكن لها بأن تبتدع شيئاً محرماً, إنما جاءت تحمل بين يديها منهج ديننا الحنيف {وَقَالُواْ كُونُواْ هُوداً أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُواْ قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ }البقرة135, فلم تتنازل حماس عن مبادئها, ولقد أطلقها رئيسنا مدويةً: "لن تسقط القلاع, ولن تخترق الحصون, ولن ينتزعوا منا المواقف" مهما أرادت الفتح -التي آوتها حماس في القطاع ولم تتعامل معها كما تعاملوا هم معها من قبل أو في الضفة الآن- مهما أرادت وضغطت بكل الأساليب أو الطرق التي لا تخطر على بال عاقل منا أن نتنازل عن بعضٍ من مشروعنا العظيم, فهم من قالوا: اقبلوا بحلول إسرائيل وتنازلوا عن قضية العودة أو القدس, فيا سبحان الله, هل جئنا لنتنازل بعد التنازلات التي وجدناها أمامنا من سبقونا بالزعامة, وهل بعد الجهد الذي بذلناه في إطباق السيطرة على القطاع نأتي لنهدم ما بنيناه؟!! حماس ليست كفتح, نعم أؤكد ما قاله أحدهم بعد أن سألته الصحافة: لمَ لم تخطفوا الجندي الذي تاه طريقه في الضفة فتصبحوا قوة كحماس في خطفكم الجندي؟ فردّ قائلاً: "نحن لسنا كحماس" نعم لستم كحماس وليست حماس مثلكم ولو أصبحتم مثل حماس لاستقمتم, ولكنّ الاعوجاج طريقكم والضلال هدفكم, فكيف تكونون كحماس, ولله الحمد والمنة أن جعلكم مغايرين لحماس, فذهاب رئيسنا لإيران أولتموه شيعة, فكيف بتقبيل رئيسكم لكوندليزا رايس؟؟ وكيف أنتم بتقبيله لأولمرت؟ أم هو من باب حرص الرئيس على المصالح العامة للشعب؟!! أم أنكم ستؤولونه بأن هذا هو مسلك عباس ونهجه في رئاسته, أما حماس فنهجها مغاير؟!! نعم نهجنا ليس كنهجكم ولكننا لا نتخذ خطوة إلا ولنا في رسولنا أسوة حسنة, أما تقبيل اليهود والنصارى فهو لم يرد لا في كتاب ولا في سنة, ولا حتى في سيرة الصحابة من بعده صلى الله عليه وسلم, فأنتم ولا شك تضعون لقياداتكم مبررات, وتقتنعون بها, كمن يكذب كذبة ويصدقها, فلم نسمع يوماً أن أبناء الفتح خرجوا على عباس ينكرون تقبيله لأعداء الله!! أم أن المصالح الدنيوية تمنعكم من هذا؟!! أم أنكم اكتفيتم بمعارضة حماس, ولم تنتبهوا لأخطاء بل لكوارث حركتكم ؟؟
والمقولة الأخيرة التي من الممكن أن أقولها في هذا الصدد هي بيت الشعر الذي قاله المتنبي: إذا أتتك مذمتي من ناقص .. فهي الشهادة لي بأني كامل , فلتصنع فتح ما تشاء, ولتقل ما تريد, ولتتهجم كما تحب على الحركة الإسلامية, وليخفوا عيوبهم عن أبصارهم, وليغطوا أخطائهم بنظاراتٍ سوداء علّها تحجب الرؤية عمّا يريدون, وقول ربي في كتابه الحكيم هو خيرً شافٍ لما في الصدور حينما قال: {قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُتَرَبِّصِينَ }الطور31