هل بوسع الرياضة إصلاح ما أفسدته السياسة ؟
أسامة عبدالستار موسى الفرا
التفاصيل
هل بوسع الرياضة إصلاح ما أفسدته السياسة ؟ !!
بقـلم : أ. محمــد حسنــي الفــّرا
ما أجمل التفاؤل في زمن الشدائد, فرغم كل شيء ورغم أن الحياة تحمل في طياتها زخم كبير من المصاعب والمتاعب , فإن الرياضة تجمّع والسياسة تفرّق , وفي مجاهل التاريخ العربي الجاهلي لا ننسى الحرب الضّروس التي اشتعلت بين قبيلتين عربيتين ( قبل مجيء الإسلام) والمعروفة بأسم(( حرب داحس والغبراء)) والتي استمرت لمدة أربعون عامًا !! وكان سببها الأطماع السياسية !؟
*والجميع يذكر شعار ((نعم لكرة القدم لا للتعذيب)) , والذي تبنّته منظمة العفو الدولية . كرة القدم هذه الكرة المستديرة واللعبة الساحرة والأكثر إقبالاً من الجماهير بل هي معشوقة الملايين في كل أنحاء العالم فهي اصبحت فعلا ساحرة العقول والقلوب تقرّب الشعوب بعيدا عن السياسة, فمن خلالها قام منتخب فلسطين بفك الحصار عن الرياضة العراقية فمنذ العام 2002 وهناك حصارًا دوليًا مفروضًا على العراق باللعب على أرضه وبين جماهيره وكان منتخب فلسطين الفريق الأول والأوحد في العالم !الذي يتحدى هذا الحصار والتقى يوم الجمعة 10/7/ 2009 مع المنتخب العراقي في إقليم كردستان في أربيل ويوم الأحد 13/7 التقى معه في ملعب الشعب في العاصمة بغداد , وكان عرسًا بحق , فالعراقيون بجميع أطيافهم هتفوا لفلسطين ولشعب فلسطين (والكل يعلم ماذا حصل للفلسطينيين المقيمين على أرض العراق بعد الغزو الأول!؟) ورفعت شعارات بأنّ أبناء فلسطين في العراق في وطنهم وبين أهليهم, وحتمًا هذا التحدي سيفتح الأبواب مُشرعةً لقدوم دول أخرى للعراق لتحدي الحصار كما هو الحال مع حصار غزة ...
*مع الفارق و الاختلاف حيث ان حصار غزه للتجويع بغرض الركوع والإذلال . أما الحصارالرياضي للعراق فهو بحجه عدم توفر الأمن . وبالفعل بدأ العراق يجني ثمار كسر الحصارالرياضي عليه فقد وافق الاتحاد الاسيوي على استضافة العراق مبارياتها الدوليه على ملاعبها بعد ان اثبت المنتخب الفلسطيني للعالم عكس ماكانوا يظنون !!
- ونحن هنا لا نؤيد أن تستغل هذه الرياضة الشعبية الأولى عالميا كتخدير للشعوب لينسوا قضاياهم العادلة , بل ان الرياضة فرضت نفسها على السياسة حتى في العبارات المتداولة كأن نقول :
(الكورة الآن في ملعب حماس ! أو ملعب فتح!! ) وأصبح أوباما اللاعب الرئيسي في حل مشكله الشرق الأوسط !
حتى إن إسرائيل تسمي جيشها "جيش الدفاع الإسرائيلي" , والحقيقة هو جيش الهجوم الاسرائيلي ,اذن فالرياضه بين الشعوب والامم تعبر تماما عن الصراع الحقيقي والخفي بين التيارات السياسيه من اجل الانتصار والفوز على الخصم . حتى ان الاتحاد الدولي لكره القدم والذي يضم ما يقرب من مائتين دوله في عضويته يحاول دائما ان يتعامل مع الصراعات والخلافات السياسيه بين الدول بإيجابيه بناءه وبأقل الخسائر
*ولن ننسى ما فعله الفريق المصري و العراقي (منذ فتره وجيزة) يونيه2009 في كأس القارات و خاصه منتخب مصر مع منتخبي البرازيل وايطاليا وتفاعل الجماهير العربية والإعلام العربي على اختلاف أطيافها حيث وحدت الوطن العربي واعادت الزمن الجميل للأمه العربية ولسان حالهم يقول :
بلاد العرب أوطاني *** من الشام لبغدانِ
ومن نجدٍ إلى يمـــنٍ *** إلى مصرٍ فتطوانِ ..
*الجماهير العربيه متشوقه بل عطشى الى أنتصارات , الى اثبات وجود الى وضع قدم على الخارطه العالميه ولو من خلال البوابه الرياضيه .
ولا ننسى فوز الفريق العراقي ببطوله آسيا 2007 وهذا الانتصار جعل الشعب العراقي موحدا لأول مرة بعد الغزو الأمريكي , ولا ننسى أفضل لاعب في الدورة يونس محمود (التركماني من كركوك في شمال العراق) واحتضنه الشيعي والسني قبل الكردي ومن خلال هذا الإنتصار تجسدت الوحدة بين جميع طوائفه وأطيافه في صورة رائعة (سني, شيعي ,كردي, تركماني, مسيحي,صابئي,اشوري, كلداني !! ) ..
*ولاننسى فوز الفريق الإيراني على نظيره الأمريكي عام 98 في كأس العالم بفرنسا علمًا بأنه لاتوجد أي علاقات دبلوماسية أو سياسية بين البلدين, وبالفعل أزالت تلك المباراة حدة التوتر بين البلدين وكان ذلك في عهد (بيل كلينتون).
* والآن في عهد الرئيس أوباما .. هناك رغبة من الفريق الأمريكي لإقامة مباراة ودية مع نظيره الإيراني في العاصمة (طهران) خلال هذا العام 2009 , لعل وعسى أن تفعل مالم تستطع السياسة فعله وتقرب الطرفين بوتيرة أسرع !!وقد تؤجل أو تلغي الضربة الإسرائيلية القادمة لإيران !!؟ إنها رياضة كرة القدم المجنونة ومن خلال هذه البوابة يكون التطبيع بين الشعوب والدول..
*ولاننسى ايضا علاقة مصر و إيران , فبعد انقطاع في العلاقات أكثر من عقدين من الزمن فمنذ العام 79 وقيام الثورة الاسلاميه, ذهب وفد رياضي أيراني إلى مصر وشارك في بطولة دولية ودية في المصارعة.... وفازت بالمركز الثاني آنذاك بعد مصر ..
*وكذلك اشترك منتخب إيران لكرة القدم في بطولة دولية في مصر , ثمّ اشترك المنتخب المصري في دورتين وديتين في إيران مع أنّ العلاقات بينهما غير طبيعية سياسيًا ,واعتراض مصر على وجود شارع في طهران باسم خالد الاسلامبولي الذي اغتال الرئيس السادات , واعتراض إيران على وجود قبرشاه ايران (محمد رضا بهلوي ) بمصر
*يكفي الآن وجود رمزي صالح حارس منتخب فلسطين ابن نادي شباب جباليا والمولود في القاهرة(ومن قبله الكثير منهم مروان كنفاني..) ضمن صفوف النادي القاهري نادي القرن ونادي الشياطين الحمر وأقوى أندية افريقيا النادي الأهلي والذي جعل جماهير ومحبي الكرة الفلسطينية يتعاطفون ويشجعون , ووجود هذا الحارس زاد من تعاطف الجماهير المصرية ايضا مع شعب فلسطين ...
*ولن ننسى حضور رئيس الفيفا جوزيف بلاتر (السويسري الجنسية ) وبن همام (قطري الجنسية ) في أكتوبر 2008 لملعب الشهيد فيصل الحسيني في بلدة الرام القريبة من مدينة القدس ..
* ولن ننسى الجماهير الإيطالية وتعاطفها مع الشعب الفلسطيني بل الهتاف
(بتحرير فلسطين !) والفريق الإيطالي كان مهزومًا من الفريق الفلسطيني ,وعلقوا لوحة كبيرة على سور الملعب تقول :
(( بدون حريتكم لانشعر بحريتنا)) !!....
*ولن ننسى أنّ تشكيلة منتخب فلسطين وحّدت بين الضفة وغزة بل وفلسطينيِّ الشتات ويضم في صفوفه (6) لاعبين من غزة , (7) من الضفة _ (2 ) من الأردن _(1) من الكويت _(1) من فرنسا , وسابقًا من أمريكا الجنوبية (وخاصةً تشيلي التي يوجد بها اكبر فريق ونادي كرة قدم فلسطيني والذي فاز بالدوري مرتين وبالكأس مرتين ) ولعب منتخب فلسطين أولى مبارياته في أوربا في بروكسل العاصمة البلجيكية ولعب في أنقرة / تركيا وفي الشيشان وزاد تعاطف هذه الشعوب وغيرها كثيرًا مع القضية الفلسطينية من خلال الفريق الرياضي والتشجيع والهتاف لفلسطين من الشعوب الأوربية .. التي مازال البعض منها يجهل حقيقة قضية شعب فلسطين.
*هناك نيه ومساعي لاقامة مباراة لكرة القدم بين فريق غزاوي وفريق ضفاوي قد يكون لها تأثير علي تليين مواقف المتحاوريين في القاهرة!!
*وفي خليجي (19) تعاطف منتخب الكويت وتضامن مع غزة ووضع اللاعبون الكوفية الفلسطينية ..
* ولن ننسى الموقف العربي المتخاذل وبالذات الإتحادات العربية الكروية عندما ظهر علم إسرائيل في تصفيات كأس العالم 2006 وكان يحمله لاعب غانا ((بانشل))والذي كان يلعب لصالح (( مكابي تل أبيب)) في ذلك الوقت ..
مقارنة مع موقف الإتحاد الأوروبي بإستبعاد المنتخب اليوغسلافي عام92 عندما كانت( هناك حرب داخلية مشتعلة) من نهائيات يورو 92 وأدخلت بدلًا عنه الدنمارك ..
لم تستغل الاتحادات العربية انتفاضة 2001 , وحرب إسرائيل على لبنان 2006 ثم حربها المسعوره علي غزة 2007
وقيّض الله لنجم الكرة المصري والمحبوب والمعروف بـدماثة خلقه وتدينه ان يضع شعار على صدره (( تعاطفًا مع غزّة )) خلال كأس أفريقيا والذي فازت مصر ببطولته ..كرد اعتبار على حادثة علم سرائيل!!! ولفت انتباه للعالم على مايجري في غزة وجميعنا صفق وهتف له..
*لاننكر ان الاسرائيليون متقدمون على العرب في احتراف لاعبيهم دوليا لانهم يعرفون مدى تأثير الكرة المستديره على مشاعر الشعوب ...
لذا نجد لديهم لاعبون في ليفربول ومانشيسترسيتي وحارس مرمى في ريال مايوركا وفي تركيا وبلجيكا ونيجيريا وساحل العاج وغانا حتى مدربين لفرق اوروبية ؟! آجلا او عاجلا ومع السياسة القادمة للتطبيع مع العرب سيكون هناك صراعا بل وصداما رياضيا بين العرب واسرائيل , والمعروف ان الفرق الاسرائيليه حاليا تلعب ضمن ابطال دوري اوروبا ولكن مازال الرياضيون العرب ومعهم الشرفاء يرفضون مواجهة الجانب الاسرائيلي في المنافسات الدوليه ... ولكن الى متى ..وهناك دول عربيه ستقوم بتنظيم دورة الالعاب الاولمبيه لعام 2016وستشارك اسرائيل فيها..
الاسرائيليون يبذلون جهودا كبيرة لأقناع فرق عربية وبالذات المصريه باللعب في تل ابيب بل (والمضحك )ان انديتها على استعداد كبير لتمنح الفوز للفرق العربيه!!
لأن الاسرائيليون يدركون جيدا ان مباراة واحدة
في كرة القدم يمكن ان تحقق ماعجزت عن تحقيقه في المفاوضات العلنيه
والسريه لسنوات طويله !!!
فلماذا والحال هكذا لانستغل الاتحاد الدولي –الفيفا-( ونحن نملك وسائل ضغط كثيرة ) لصالح العرب ضد ممارسات العدو الصهيوني والذي بأستطاعته ان يصدر قرارا فعلا يدين اسرائيل بطريقه او بأخرى كحرمانها من .... فهو يستطيع عمل مالايستطيع عمله مجلس الأمن .
ومضة
يمكن للعـقـل ان يتــآكل من خلال الركـود
كمــا يتـــآكل الحــديــــد بسبــب الصــــــدأ
وذلك اذا لم يغذه صاحبه بالمعرفة المتجدده
للتواصل: