فتوى الحاخام
أسامة عبدالستار موسى الفرا
التفاصيل
فتوى الحاخام
إن دماءهم لا تساوي شيئاً عند الله، بهذه الطريقة يحرض حاخام مستوطنة "يتسهار"، المقامة على أرض قرية بورين جنوب مدينة نابلس، اتباعه على قتل الفلسطينيين، وطالما أن دماء الفلسطينيين لا تساوي شيئاً عند الله فمن البديهي أن تكون ممتلكاتهم ومزروعاتهم غنيمة للحاخام وأتباعه والعبث بها كيفما أرادوا، إعتاد المستوطنون الإعتداء على سكان قرية بورين وترويعهم وتدمير ممتلكاتهم ومزروعاتهم، ولم يسلم مسجد القرية من ارهابهم حيث تعرض للحرق أكثر من مرة، المهم أن المستوطنون يعودون بعد كل إعتداء إلى قواعدهم سالمين، ما تتعرض له قرية بورين يكاد يتكرر يومياً في العديد من القرى والبلدات الفلسطينية، ورد الفعل الفلسطيني الرسمي دوماً ما إكتفى ببيان تنديد وإستنكار، وفي بعض الأحيان يرافق ذلك تعهد الحكومة بإعادة إعمار ما دمره المستوطنون.
المهم أن التحريض على قتل الفلسطينيين وترويعهم وتدمير ممتلكاتهم من قبل حاخامات المستوطنات وأتباعهم يتم تحت سمع وبصر حكومة الاحتلال، بل أن إعتداءاتهم تتم في أغلب الأحيان تحت حماية جيش الإحتلال، والمؤكد أيضاً أن حكومة الاحتلال تغدق على المستوطنين بين فينة وأخرى بمكافأة تتمثل في بناء المئات من الوحدات السكنية، وهي تعلن صراحة رفضها لتجميد الإستيطان مقابل العودة من جديد إلى طاولة المفاضات، ولم تتمكن الإدارة الأمريكية بكل ما تملكه من أدوات ضغط على إجبار حكومة الاحتلال لوقف التوسع الاستيطاني الذي تشرف عليه حكومة الاحتلال.
قي ذات الوقت لدينا العديد من القرارات الدولية التي تؤكد على عدم قانونية المستوطنات، ورأي عام دولي يعتبر المستوطنات عبر شرعية وأنها عقبة في طريق السلام، وتصاعدت مؤخراَ حملة المقاطعة الدولية لمنتجات المستوطنات وبخاصة من قبل دول الاتحاد الأوروبي الذي بدأ في إتخاذ اجراءات بحق الشركات التي لها علاقة بالمستوطنات، وهدد مؤخراً بإمكانية أن يتخذ قراراً بمقاطعة البنوك الإسرائيلية التي تتعامل معا.
أمام ذلك لا بد أن تبني السلطة الفلسطينية استيراتيجية واضحة في التعامل مع المستوطنين وإعتداءاتهم المتكررة على المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم تستند على التالي:
أولاً: أن المستوطنات غير شرعية وغير قانونية وهو ما يتفق معنا فيه غالبية دول العالم، وبالتالي من يقيم فيها يقيم بشكل غير قانوني، وهذا يكفل لنا التعامل معهم بإعتبارهم مجموعات خارجة عن القانون، وأن الإرهاب الذي يمارسونه بحق شعبنا، من قتل وترويع للأمنين والإعتداء على الممتلكات ودور العبادة والمزروعات، يضعهم في خانة العصابات الإرهابية، ويجب التعامل معهم ضمن هذا المفهوم.
ثانياً: إن تصدي قوى الأمن الفلسطينية للمستوطنين بات ضرورة ملحة، ولا يقيدها في ذلك أي من الإتفاقيات الموقعة، فالمؤكد أن عربدة المستوطنين ما كان لها أن تستفحل لو تم مجابهة غطرستهم التي تزداد يومياً، ويجب ألا يوكل ذلك للمواطنين الأمنين بل هو من صلب عمل القوى الأمنية.
ثالثاً: إن اللجوء لمحكمة الجنايات الدولية لن يشكل رادعاً للمستوطنين بقدر ما يجب التركيز فيه على ملاحقة حكومة الاحتلال الراعي والحامي للمستوطنين، وفي ذات الوقت ما تتضمنه قرارات يمكن أن تصدر عن محكمة الجنائية الدولية من قاعدة قانونية تحفز المجتمع الدولي على إتخاذ قرارات أكثر جرأة فيما يتعلق بالسرطان الإستيطاني.
ما يجب الإشارة إليه أن الإكتفاء بالإدانة والإستنكار لما يقوم به المستوطنون جهارة نهارة لم يعد مقبولاً البتة، ونحن بحاجة اليوم لإستيراتيجية جديدة تكفل لنا ألا تتكرر من جديد مأساة محمد ابو خضير وعائلة دوابشة، ولن نصل إلى ذلك إلا عندما يدفع المستوطنون ثمن غطرستهم وإرهابهم وفتاوي حاخاماتهم.