قادة جيش الاحتلال: قطاع غزة ينهار اقتصادياً والساعة تقرع
قالت صحيفة هآرتس الاسرائيلية الصادرة اليوم الاثنين ان كبار قادة أجهزة الامن الاسرائيلية بات لديهم انطباع تام بان اقتصاد قطاع غزة في حالة انهيار تام.
وقال عاموس هرئيل الكاتب في صحيفة هآرتس في مقال نشره اليوم ان أولئك الذين يجتمعون مع كبار أعضاء الجهاز الأمني في هذه الأيام ، وليس فقط رجال منسق العمليات في المناطق، ولكن أيضا الجيش الإسرائيلي، وإلى حد ما حتى الشاباك ، يسمعون منهم انطباعا موحدا بشكل مدهش حول الوضع في قطاع غزة.
وأوضح ان كبار قادة الأجهزة الامنية الاسرائيلية اقتنعوا بان اقتصاد قطاع غزة في حالة انهيار تام "كالانخفاض من الصفر إلى ناقص صفر"، وتنهار معه ايضا، حالة البنية التحتية المدنية.
وأشار الكاتب الاسرائيلي الى ان مكانة حماس المتدنية اقتصاديا وسياسيا على حد سواء، تسهل على إسرائيل اتخاذ الخطوات اللازمة لتدمير مشروع الانفاق.
وكما ورد في التقرير، أمس، فقد تم قصف نفق رابع في قطاع غزة خلال أقل من ثلاثة أشهر (وفي حادث آخر، أصيب أحد نشطاء حماس في لبنان في انفجار لم يعرف مرتكبوه).
وأوضح هرئيل ان نهج القيادة السياسية، كما لو كان من الممكن مواصلة الضغط العسكري على حماس، من خلال مواصلة تجاهل الواقع الاقتصادي المتدهور في غزة، يثير القلق على المستويات المهنية ، وعلى المدى الطويل، يثير تدهور حالة البنية التحتية خطر حدوث انفجار لا يمكن السيطرة عليه.
قبل حوالي أسبوعين، أفادت صحيفة "هآرتس" أن عدد الشاحنات التي تمر عبر معبر كرم أبو سالم، من إسرائيل إلى قطاع غزة، قد انخفض بنسبة النصف تقريبا خلال الأشهر القليلة الماضية بسبب انخفاض القوة الشرائية لدى سكان غزة.
ووفقا للأرقام المحدثة، انخفض معدلها إلى نحو الثلث: ما بين 300 و 400 شاحنة يوميا فقط، وحوالي 95٪ من المياه في غزة غير صالحة للشرب ، إضافة الى تتدفق مئات الآلاف من الأمتار المكعبة من مياه المجاري يوميا إلى البحر الأبيض المتوسط وتصل إلى شواطئ إسرائيل.
واشار الى تعزيز إمدادات الكهرباء إلى حد ما، حتى ست ساعات يوميا، وذلك بفضل قرار السلطة الفلسطينية إعادة جزء من تمويل الكهرباء التي تشتريها من إسرائيل(..) مبيناً ان الخبراء يحذرون من تفشى الأمراض المعدية.
وتطرق هرئيل الى معدل البطالة في قطاع غزة الذي وصل الى 50% بل هو أعلى بين الشباب ، وقد تجاوز عدد سكان قطاع غزة، وفقا للتقديرات الحديثة المليونين نسمة ، وهؤلاء السكان محاصرون بين نظام حماس المتصلب وعدم القدرة الكلية على مغادرة قطاع غزة بسبب المعابر الحدودية المغلقة إلى إسرائيل ومصر.
وقال الكاتب الاسرائيلي :" عندما بدأت إسرائيل في بناء الحاجز ضد الأنفاق، قبل عام تقريبا، كانت هناك تقديرات بأن حماس قد تحاول تنفيذ هجوم عن طريق نفق هجومي على حدود قطاع غزة، قبل تدمير الأصول الاستراتيجية - مشروع الانفاق الذي استثمرت فيه مئات ملايين الشواكل على مدى العقد الماضي ، في هذه الأثناء، لم يحدث ذلك، على الرغم من أن الجرافات تتقدم ، وفي الوقت نفسه، تمكنت المؤسسة الأمنية، عبر مجهود استخباراتي وتكنولوجي، من تدمير أربعة أنفاق في الأشهر الثلاثة الأخيرة، كما أفادت التقارير.
وادعى الكاتب الاسرائيلي ان حماس أكثر فقرا وأكثر عزلة، وهي في فخ استراتيجي ،لان المنظمة تعتمد على مصر وتخشى غضب الجنرالات في القاهرة ، لكن يبدو ان تفسير سياسة احتوائها له علاقة باختيار يحيى السنوار كرئيس للمنظمة في قطاع غزة.
وقال هرئيل ان السنوار يسيطر على الجناحين العسكري والسياسي ، وإسماعيل هنية، الأعلى منه في التسلسل الهرمي، يقيم في غزة، على عكس سلفه خالد مشعل، الذي كان يعظ رجاله من على مقعده المريح في قطر ، ويقود هنية والسنوار خطا مدروسا نسبيا.
وأوضح أنه وفي عام 2014، عشية عملية الجرف الصامد، كان بمقدور السنوار تبني نهج أكثر قتالي من السياسيين في غزة واليوم أصبح احدهم.
وقال الكاتب الاسرائيلي ان لدى اسرائيل عدة مقترحات لتغيير السياسة المدنية تجاه قطاع غزة ، لكن وزير المواصلات والاستخبارات الاسرائيلي يسرائيل كاتس لا ينجح حتى الان حتى بإجراء نقاش جدي في مجلس الوزراء حول خطة الجزيرة الاصطناعية التي تواجه معارضة من قبل رئيس الوزراء نتنياهو ووزير الأمن ليبرمان.
وبين ان المقترحات الأخرى التي طرحها الجهاز الأمني، من تقديم التسهيلات وحتى إدخال آلاف العمال من قطاع غزة للعمل في بلدات غلاف غزة (التي تنطوي بالفعل على مخاطر أمنية)، فقد نوقشت ببطء واستغرقت المصادقة عليها عدة أشهر.
وأشار هرئيل الى ان الحرب الأخيرة في غزة اندلعت بسبب مجموعة من الظروف ، وزادت إسرائيل من الإجراءات العقابية ضد حماس في الضفة الغربية بعد اختطاف الشبان الثلاثة في غوش عتصيون ، وفي الوقت نفسه، وجدت حماس نفسها في أزمة اقتصادية بسبب نزاع مع السلطة الفلسطينية، التي أوقفت دفع الرواتب لموظفي الدولة في غزة ، وجاء الانفجار الأخير في كرم ابو سالم، عندما اشتبهت إسرائيل بأن حماس على وشك القيام بهجوم كبير عبر نفق.
وقال :" هذه المرة، ليست هناك نقطة واضحة تحدد أنه بلغ السيل الزبى من وجهة نظر حماس ، ويمكن لإسرائيل على ما يبدو ان تواصل التأثر بنجاحاتها التكتيكية، دون أن تقرر ما تريد أن يحدث في غزة ، ولكن كما هو الحال في الشمال، فإن ضبط النفس النسبي للخصم من شأنه أن يضلل القيادة الإسرائيلية ويقودها إلى حرب تقول بنفسها أنها لا تريدها.
الساعة تقرع
وأشار الكاتب الاسرائيلي ان تدمير نفق حماس على حدود قطاع غزة، ليلة امس السبت، عزز الاستنتاج القائل بأن إسرائيل نجحت في إيجاد حل دفاعي، وإن كان بعيدا عن الاكتمال، لكنه فعال جدا، لمواجهة تهديد الأنفاق الهجومية من قطاع غزة.
ويعتبر النفق الذي تم كشفه وتدميره بالقرب من معبر كرم أبو سالم، في المنطقة الحدودية بين اسرائيل وقطاع غزة ومصر، هو الرابع الذي تم الكشف عنه في غضون ثلاثة اشهر منذ تشرين الاول الماضي.
وأوضح هرئيل ان تدمير النفق يؤدي إلى تفاقم معضلة حماس في كيفية التعامل مع نجاح المؤسسة الدفاعية في حرمان الحركة تدريجيا من إحدى أصولها الهجومية الرئيسية ، ولا يرتبط كشف النفق الأخير مباشرة ببناء الحاجز ضد الأنفاق على طول حدود قطاع غزة ، وقد تم تحديده في مجال لم يبدأ فيه العمل بعد ، ولكن الجمع بين الوسائل - التكنولوجية والاستخباراتية والتشغيلية - وبناء الحاجز، الذي سيستكمل معظمه بنهاية هذا العام، يدل على أن الساعة تقرع بالفعل ضد حماس والجهاد الإسلامي (النفق الأول الذي تم تدميره يتبع للمنظمة الأصغر، الجهاد الاسلامي).
وأضاف :" من وجهة نظر قيادة حماس، قد يذهب عبثا كل هذا المشروع الاستراتيجي الذي استثمرت فيه مئات الملايين من الشواكل منذ ما يقرب من عشر سنوات، والذي عمل فيه على مر السنين آلاف الحفارين والناشطين العسكريين ، وحتى الآن، لم ترد حماس بشكل واضح على التحركات الإسرائيلية ، كما أن رجالها لم يشاركوا مباشرة في إطلاق الصواريخ على النقب، فبعضه جاء من قبل منظمات سلفية والبعض الآخر من الجهاد الإسلامي ، ويبدو أن امتناع حماس عن الرد على تدمير الأنفاق يعكس الفخ الاستراتيجي الذي وقعت فيه المنظمة التي تواجه صعوبة في توفير الاحتياجات الاقتصادية الفورية لسكان غزة البالغ عددهم مليوني شخص، فضلا عن علاقاتها المتقلبة مع مصر والتأخير في تنفيذ اتفاق المصالحة مع السلطة الفلسطينية".
وتابع الكاتب الاسرائيلي :" كمية الزبدة على رأس حماس أكبر هذه المرة من المعتاد ، فالأمر لم يقتصر على كشف نشاطها الهجومي المخطط في الأراضي الإسرائيلية، وكونها حفرت هذا النفق تحت معبر كرم ابو سالم - الشريان الرئيسي للبضائع إلى قطاع غزة (إلى جانب الأنابيب التي تزود الغاز والديزل إلى القطاع) - بل ان النفق مس بسيادة مصر أيضا، التي تعتمد حماس بشدة على جهودها الرامية إلى تخفيف أزمة غزة".
واوضح هرئيل ان حماس قالت في البداية ان الطيران الاسرائيلي قصف نفقاً مدنياً مخصصاً لتهريب البضائع ولم تكن تديره المنظمة ، لكن في اسرائيل يصرون على ان مقاتلي قوة النخبة في حماس وهي وحدة الانفاق فيها شاركوا في الحفر وان تشعب جزء من النفق تحت المعبر يشير الى نية مستقبلية لتنفيذ هجوم في الاراضي الاسرائيلية .
وقال هرئيل :"يمكن لاستمرار الحفر في اتجاه مصر أن يعكس خطة لتهريب الأسلحة من سيناء إلى قطاع غزة أو نية لإرسال مقاتلين لتعزيز الهجوم على المعبر الإسرائيلي من الجانب المصري.
وأوضح أنه ومنذ سنوات، تعتبر المنظمات الفلسطينية المعابر هدفا مشروعا بل مرغوبا لشن الهجمات، على الرغم من الأضرار التي قد تلحق بسكان قطاع غزة ، وهناك تاريخ طويل من التفجيرات واستخدام الأنفاق ضد معابر إيرز وكارني وكرم ابو سالم، منذ منتصف العقد الماضي.
وبين ان الوتيرة المتزايدة لنشاط الجيش الاسرائيلي في قطاع غزة تشير الى عملية مستمرة ضد الانفاق ، لا تزال نهايتها بعيدة.
وقال الكاتب الاسرائيلي ان أولويات اسرائيل في قطاع غزة واضحة ، فالمجهود الاعلى يركز على بناء الحاجز ضد الأنفاق، وتحديد وتدمير الأنفاق التي سيتم اكتشافها إلى أن يكتمل بناء الجدار ، ويمكن الافتراض أن الجيش الإسرائيلي يستعد أيضا، لإمكانية قيام إحدى المنظمات الفلسطينية بشن هجوم مفاجئ، من خلال نفق، قبل أن يتم كشف الأنفاق الأخرى وتدميرها.
واختتم مقاله قائلا:" إلى جانب الخوف من كارثة إنسانية في قطاع غزة، فإن الانشغال بالأنفاق ما زال يحد من الاعتبارات الإسرائيلية في مسألة الدخول في مواجهة عامة مع حماس في غزة ، حرمان حماس من سلاح الأنفاق الهجومية يطرح كأولوية عالية جدا، إلى حد استعداد القادة الاسرائيليين لتجاوز إطلاق الصواريخ من قطاع غزة، بشكل نسبي، حتى لو استمر ذلك لفترة طويلة، طالما لم تقع إصابات في الجانب الإسرائيلي".