القناة المائية ستبتلع "رفح"

غزة - يعتري سكان مدينة رفح الفلسطينية جنوبي قطاع غزة، الخوف من القناة المائية، التي تعمل السلطات المصرية على تدشينها على طول الحدود مع غزة البالغة 14 كم، في مسعى منها إلى القضاء على ظاهرة "الأنفاق الأرضية الحدودية".

مبعث هذا الخوف ليس بالأساس تدمير الأنفاق وما يلحق ذلك من خسائر فادحة، بقدر ما هي الخشية من "الكوارث" التي ستنتج عن الكميات الكبيرة لمياه البحر التي سيتم ضخها في القناة بعمق 20-30 متراً، التي حذر مراقبون وخبراء في الأمن البيئي من تسببها بانهيارات أرضية أسفل المنازل السكنية للأحياء الحدودية المتاخمة للأنفاق، فضلاً عن تدمير التربة وتلويث الخزان الجوفي.

أحد سكان "حي البرازيل" على الحدود، ويدعى "حسن أبو طه"، قال أن الانفجارات القوية الناجمة عن تدمير الجيش المصري المنازل والأنفاق في جانبه، تسببت بخلخلة أساسات منزله ومنازل جيرانه.

وحذر من أن إقدام الجيش المصري على ضخ مياه البحر بكميات كبيرة جداً، سيسهم في "جرف منازلنا"، على حد تعبيره، مطالباً الجهات المسؤولة في غزة بضرورة مخاطبة "المصريين" وبحث كل الوسائل الممكنة معهم لثنيهم عن ذلك، ومشدداً في الوقت نفسه على أن "الموضوع خطير جداً، ولا يمكن السكوت عليه".

- كوارث منتظرة

ويعتقد الجيش المصري بأن القناة المائية هي "أنسب الحلول" لمكافحة الأنفاق، بعد إجراءات عديدة اتخذها كان آخرها تفجير الأنفاق، وضخ المياه داخل فتحاتها وتجريفها، ومعاقبة كل من يتعامل بها من سيناء بالسجن المؤبد، إلى جانب تدمير المنازل على الحدود بعمق 1 كم، وإنشاء منطقة عازلة بطول 14 كم.

وبدوره، أكد صبحي أبو رضوان رئيس بلدية رفح، خطورة المشروع المصري الجديد على رفح الحدودية بأكملها، وقال إن القناة المائية ستهدد المستقبل العمراني للمدينة، وكذلك تدمير الأمن المائي والغذائي لها، وتقليص مساحة الأرض فيها.

وذكر أن رفح لم يسبق لها أن مرت بمثل هذا المشروع، الذي يبطن نتائج كارثية لرفح، "المدينة التي تربطها علاقة تاريخية وحياة مشتركة بأختها على الجانب الفلسطيني في غزة"، وفق تعبيره.

ونبه إلى أن الضخ التجريبي الذي أجراه الجيش المصري مساء الجمعة الماضية، تسبب بغرق مناطق على الشريط الحدودي، معتبراً ذلك "عينة مصغرة للكوارث المنتظرة".

وحذر من "انهيارات مفاجئة" في منازل السكان المحاذية للحدود، إذا ما استمر العمل بالقناة، وضخ مياه البحر إليها بكميات كبيرة.

- الأمن القومي المائي المشترك

من جانبه، دعا نائب رئيس سلطة المياه في غزة مازن البنا، إلى عدم إغفال الآثار الكارثية للقناة على الأمن البيئي لرفح، وقال ان "هذه القناة هي بحد ذاتها تهديد خطير على الأمن القومي المائي، للمصريين والفلسطينيين على السواء نظراً لاشتراكهم في الخزان الجوفي، الذي سيتأثر بمياه البحر المالحة للقناة".

وأوضح البنا أن "نسبة الملوحة المرتفعة لمياه البحر ستجعل التربة على الحدود غير صالحة للزراعة وتدميرها، الأمر الذي يهدد الأمن الغذائي لكلا الرفحين، بما يقود إلى تهديد الأمن الاقتصادي أيضاً".

وقال: "كل هذه النتائج على خطورتها، ليست أكثر كارثية من انهيار منازل المواطنين الآمنين، وما يتبعها من إفراغ المنطقة لاحقاً"، وناشد المسؤولين في غزة بضرورة التحرك سريعاً؛ لمعالجة القضية "قبل وقوع الكارثة".

تجدر الإشارة إلى أن حركة حماس في غزة أعلنت أنها تجري "اتصالات رسمية" مع القاهرة لوقف إقامة القناة المائية، مؤكدة رفضها هذا المشروع "الذي يمثل خطورة كبيرة على المياه الجوفية، وتهديداً لعدد كبير من المنازل على الجهة الفلسطينية"، كما قالت.

ومن المهم الإشارة إلى أن السلطات المصرية شددت من إجراءاتها الأمنية على حدودها البرية والبحرية مع قطاع غزة، منذ عزل محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب بمصر، في يوليو/ تموز 2013، وما أعقب ذلك من هجمات استهدفت مقار أمنية في شبه جزيرة سيناء، المتاخمة للحدود مع قطاع غزة، وطالت تلك الإجراءات حركة "الأنفاق" المنتشرة على طول الحدود المشتركة، مع إغلاق معبر رفح البري وفتحه استثنائياً على فترات زمنية متباعدة لسفر الحالات الإنسانية من المرضى والطلبة وأصحاب الإقامات والجنسيات الأجنبية.

ومنذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، والسلطات المصرية تعمل على إنشاء منطقة عازلة على طول الشريط الحدودي مع قطاع غزة، تحديداً في مدينة رفح، بعرض 2 كم بذريعة "مكافحة الإرهاب".

 

.

عدد الزوار 25273، أضيف بواسطة/ حسن عادل الفرا