...

عندما تغيب الرقابة والمحاسبة


أسامة عبدالستار موسى الفرا 


التفاصيل

عندما تغيب الرقابة والمحاسبة

بقلم الأستاذ/ يحيى نافع الفرا

رئيس نيابة رفح الجزئية

إن كل عمل يحتاج لمقومات ووسائل وصفات يجب توافرها في الشخص الذي يؤدي العمل وبذات العمل نفسه لضمان نجاحه واستمراريته وتلك الوسائل قد تزيد وتنقص على حسب العمل ومتطلباته من وسائل ومقومات وصفات ومن أهم الوسائل التي يجب أن تتوافر هي مبدأ الرقابة والمحاسبة والتي تعتبر وسيلة مهمة جداً ولا يمكن لأي مؤسسة سواء خاصة أو عامة أن تستغني عن تلك الوسيلة الهامة والضرورية والتي تضمن أداء العمل بكل شفافية وهي التي تساعد على زرع الثقة في نفوس المواطنين بأن مصالحهم واحتياجاتهم والخدمات التي يحصلون عليها ستكون في مأمن وبأيدي أمينة ، لا تعني وجود الرقابة أنه لا يوجد ثقة في الموظفين والعاملين لأن من حصل على فرصة العمل قد توافرت به شروط معينة ومن بينها حسن السيرة والسلوك وعدم وجود أية أحكام جزائية عليه في قضايا تتعلق بالشرف والأمانة ولكن ضغوطات العمل والاحتكاك المباشر مع المواطنين في شتى المجالات قد يفتن صاحبه ويوقعه في أخطاء قد تصل في بعض الأحيان لفساد ، وهنا يعني بالفساد في العمل الوظيفي مالياً وإدارياً ، وقد يكون خطأ غير متعمد ولكن يحتاج لرقابة حتى تصحح الأخطاء التي ولو كانت غير مقصودة إلا أنها تكون ظالمة بحق من وقع به الخطأ .


فالرقابة لا تعني التصيد ونصب الكمائن للموظفين بل أنها مراجعة وتدقيق لأعمال الموظفين لضمان سير العمل في الاتجاه الصحيح وخلوه من الأخطاء والتجاوزات التي تهدر من خلالها الحقوق العامة والخاصة .
 

إن أي مؤسسة تقوم بتفعيل مبدأ الرقابة والمحاسبة فهي تكون مؤسسة ناجحة تحرص على العمل بشفافية متناهية والاعتقاد الخاطئ الذي تعمل به بعض المؤسسات بإغلاق ملفات معينة خشية من اهتزاز اسم المؤسسة ومكانتها فإن ذلك الأمر يساعد في التمادي في التجاوزات والاستمرار في ارتكاب الجرائم لأن المحاسبة مغيبة بحجة أن المؤسسة تحافظ على اسمها وسمعتها وحتى لا يقال أنه يوجد لديها موظفين متجاوزين ومرتكبي جرائم فساد سواء إداري أو مالي فهذا النهج يساهم في انتشار الفساد ويعدم الثقة لدى أي مواطن له مظلمة معينة فسوف يصيبه إحباط مما رأى أو سمع في قضايا تسبق قضيته فيصمت عن تقديم مظلمته لانعدام الثقة لديه بأنه سوف ينال حقه ويتم إنصافه ومحاسبة المقصر والمتجاوز .


إن غياب الرقابة والمحاسبة يسبب في كثير من عدم الاستقرار الأمني وانتشار مرض ووباء وفساد في المؤسسة سواء إداري ومالي ، الفساد ليس مالياً فقط أو أخلاقياً ولكن الترهل الإداري وعدم وجود هيكلية إدارية سليمة ومن خلالها تؤدي إلى ضعف المؤسسة وعدم السيطرة على موظفيها واختلاط الاختصاصات والصلاحيات فهذا أيضاً يعتبر من أخطر أنواع وأشكال الفساد ، تجد كثيرا من الناس تنظر ببساطة نحو تأخير موظف عن عمله أو خروجه مبكراً أو بدون إذن أثناء ساعات الدوام وهي مقارنة لغيرها من التصرفات تعتبر بوجهة نظر البعض أنه شيء بسيط ولكن في حقيقة الأمر هي تعتبر البذرة الأولى التي من خلالها لو نمت وترعرعت سوف تصبح شجرة كبيرة وتحمل أغصان كثير ة ومتفرعة من أنواع الفساد الإداري .
 

لا بد لأي مؤسسة أن تهتم في تقوية وتنظيم عملها الإداري بالشكل السليم وان لا تكون مركزية في القرار لأنه يعتبر مظهر من مظاهر الفساد الإداري لأن القرار يكون بيد واحدة هي التي تتحكم بكل صغيرة وكبيرة وبالتالي من لديه مركزية بالقرار لا يمكن أن يفكر بوضع جهاز رقابي لكي يمارس صلاحياته ويتخذ قراراته دون أن يحسب أي حساب لأي جهة كانت .
 

كما أن نجاح أي مؤسسة يبدأ من جهازها الإداري وتنظيمه بشكل سليم وفقاً لمقتضيات العمل للمؤسسة وأن توزع الاختصاصات والمهام حتى يتمكن جهاز الرقابة والمتابعة من القيام بعمله وبالتالي يقوم بالمحاسبة الجادة والتي تحمل المعنى الحقيقي للمحاسبة وهي أن يكافأ المحسن والمجيد وأن يعاقب المخطئ والمسيء حتى نبني صرحاً ديمقراطياً وعمل مؤسساتي سليما خالياً من مظاهر الفساد والمحسوبية وعلى مبدأ المحاسبة والشفافية حتى تبنى الأعمال على ثقة والطمأنينة من أي قرار يؤخذ وأن يثق الجميع بأنه لا يشوبه أي محسوبية أو مؤثرات تجعل الحق باطل والباطل حقاً ، وألا نعيش في غابة من الظلم والظلام الدامس وأن يكون كل شيء في النور وان يبقى النهار مبصراً دون ليل مظلم يطغى على نوره ، وحتى يسود العدل والمساواة بين الجميع .