بالصور: أوتار سحرية تصنع بأيدي غزية
مألوف علينا أن نرى آلة العود يُعزف عليها في أحدى المناسبات أو نراها في يدِ أحد العازفين، لكن الأكثر جمالاً حين نراها وهى تُصنع على يد محترف ليس بالضرورة أن يكون ذاته العازف.
هذا ما رأيناه في الغرفة متوسطة الحجم التي يجلس فيها "حمزة أبو حماد" 59 عاما، من محافظة خان يونس مُحاطاً بأكثر من خمسين عودا في غرفة صغيرة، لا تتجاوز مساحتها 14 مترا.
لم يكن يهوى "أبو حمّاد" صناعة الأعواد ولكن سماع ترانيمها من أيدي أصدقائه العازفين الذين يجلسون لديه كلّ ليلة هو ما جعله يتجه إلى صناعتها، لعشقه صوت العود وتركه لمهنته الأساسية "البناء"، بسبب شح المواد التي تدخل القطاع وندرة فرص العمل المتوفرة لعمال البناء.
ورغم ان صناعة الأعواد ليس بالأمر السهل، في ظل حرفية شكلها وندرة الأدوات والمواد الخام المستخدمة في صناعتها، إلا أن اجتهاد أبو حماد فاق التحديات، واستثمر معرفته البسيطة في عالم الانترنت وبدأ بالبحث عن رحلةِ صناعة الأعواد ومعرفة مقاييسها وأصولها وأشكالها وأنواعها.
يقول أبو حماد، "في المرة الأولى لم اتمكن من إيجاد صناعة العود، وأكثر من 5 مرات حاولت ان أصنعه إلا انه محاولاتي فشلت وكررت المحاولة ، وهذا لأني لم استعن بعود قديم واكتفيت بالمقاييس من مواقع موسيقية متعددة على الانترنت".
ويمنع الاحتلال إدخال الكثير من المواد الصناعية إلى قطاع غزة منذ بدء الحصار قبل عشر سنوات، ومنها الأخشاب، إلّا من كميات قليلة تصل وتحت رقابة شديدة.
وعن إقبال المُهتمين على آلة العود التي يصنعها أبو حماد يقول "عليها إقبال من الداخل والخارج واستطعت ان أحقق شعبية كبيرة من خلال نشر أعمالي وتسويقها عبر الانترنت" لكن الحصار مازال يمنع فرص ارسال آلات العود إلى موسيقيين في دول الجوار.
ويضيف: "صانعو الأعواد معدودين على الأصابع في غزة، وآخرهم رجل كان يصنعها ومن ثم توقف عن العمل".
ويؤكد أصدقاء أبو حماد أن صديقهم تفوق على صانعي الأعواد في غزة بحرفيته وقدرته على التصليح واختيار الأوتار الموسيقية التي تناسب أذواقهم.
وفي سؤالنا حول سبب تواجد أبو حماد في غرفته الصغيرة داخل بيته وعدم الرغبة بانتقاله لمحل تجاري، قال "إن الوضع الاقتصادي لعامة المواطنين لا يسمح لهم بشراء الآلات الموسيقية والأعواد، إلا قله قليلة وغالباً يكونوا عائلات مهتمة بتدريس أبنائها أو فنانين متمرسين".
وينصح أبو حماد بالابتعاد على الأعواد رخيصة الثمن، ويؤكد انه يستخدم الخامات الخشبية الأصلية في صناعاته منها "الزان والمهاغوني"، ويستغرق في صناعة كل عود ما يقرب ال7 إلى 10 أيام.
ويستعين أبو حماد بأصدقائه العازفين بعد إتمامه لصناعة العود لعدم قدرته على ضبط النغمات الموسيقية.
وتتراوح أسعار الأعواد التي يصنعها أبو حماد من 1500 شيكل إلى 2000 شيكل، ويحدد السعر أيضاً نوعية الأوتار.
وتصل أسعار بعض القطع الأساسية (الأوتار والمفاتيح) لخمسة أضعاف سعرها الحقيقي لعدم توفرها بأسواق القطاع.
ويختتم أبو حماد القول أنه عاجز حالياً عن صناعة أيّ آلة جديدة لعدم وجود المواد، لكن بإمكانه صيانة بعضها.
وتعتبر آلة العود الشرقي آلة وترية تاريخها قديمة ، وتعني كلمة العود في اللغة العربية الخشب، وله خمسة أوتار ثنائية ويغطي مجاله الصوتي حوالي الاوكتافين ونصف الأوكتاف، ويمكن إضافة وتر سادس.