التشبث بالأرض يصارع هيمنة رأس المال في "وادي الشعير"

 بكل قوة، وبكلام لا يقبل التأويل، يؤكد المواطن محمد ملحم رفضه القاطع لبيع أرضه لصالح مشروع بناء أول مصنع إسمنت فلسطيني، متناغما مع التوجه العام لكافة أصحاب الأراضي في وادي الشعير الواقع بين نابلس وطولكرم شمالي الضفة الغربية المحتلة.

ويؤكد ملحم أن أرضه التي تحوي زيتونا روميا يرمز لهوية الأرض وتاريخها ليست للبيع ولا للاستملاك، وعلى أصحاب المشروع البحث عن مكان آخر فالأرض ليست للبيع.

وكانت شركة سند (المالك الحصري لتوريد الإسمنت لفلسطين) وهي أحد أذرع صندوق الاستثمار الفلسطيني طالبت مجلس الوزراء باستملاك مئات الدونمات من أراضي وادي الشعير من أجل بناء مصنع الإسمنت على مساحة كلية تصل إلى ألفي دونم، منها 1300 ستخصص لإنشاء محاجر ومقالع لاستخراج الحجر الجيري والحصى و700 دونم سيُقام عليها مصنع الإسمنت برأس مال 310 مليون دولار.

وبرى ملحم أن المشروع ضار بالبيئة وسيغير معالم المنطقة وطبيعتها، إضافة إلى أنه يتبع شركة خاصة وليس من حقها استملاك أراضي المواطنين.

ويمتد وادي الشعير على أراضي ست بلدات تتبع لمحافظتي نابلس وطولكرم هي عنبتا، بزاريّا، رامين، برقة، بيت ليد، وكفر رمان، وجميعها أراضي تزخر بكروم الزيتون واللوز والحمضيات.

إجماع على رفض المشروع

ويؤكد النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي حسن خريشة وقوفه مع الأهالي ضد قرار الاستملاك وإقامة المصنع، مشيرا إلى أن هذا المشروع يعزز هيمنة رأس المال على حساب المواطن البسيط المتشبث بأرضه. 

وقال "إذا كان المشروع وطنيا يجب البحث عن إقامته في منطقة ( ج) وفي الأراضي التي يجب أن نعزز التواجد الفلسطيني والبنى التحتية فيها".

وأكد أن هناك أضرارا بيئية جسيمة للمشروع في حال إقامته، ففي دول أخرى حدثت احتجاجات كبيرة على إقامة مصانع للإسمنت قرب مناطق سكنية ونقلت لأماكن نائية كما جرى في الأردن.

وأردف: "لقد استثمرت ملايين الدولارات في استصلاح أراضي وادي الشعير حتى غدا واحة خضراء، فلمصلحة من يتم تدمير كل ذلك لأجل إقامة مصنع".

وشدد على أن هناك حالة رفض عارمة ونحن واجبنا الوقوف إلى جانب الناس فيما تطرحه سيما إن تعلق الأمر بالدفاع عن الأرض والتمسك بها.

ونوه إلى أن أي عملية استملاك تطالب بها الشركة وصندوق الاستثمار هي غير قانونية، لأن القانون أجاز للحكومة الاستملاك فقط للمصلحة العامة وهذا مشروع خاص.

قلق بيئي كبير

وكانت المجالس البلدية في البلدات الست التي يمر منها وادي الشعير أصدرت بيانا للرأي العام ووجهت عريضة لرئيس الوزراء أكدت فيه رفضها للمشروع، كما نفذت خلال الفترة الماضية اعتصامات ولقاءات جماهيرية واسعة أكدت أن المشروع لن يمر.

ويشير الناشط محمد دغلس من بلدة برقة إلى أن الأخطار الناجمة عن المشروع لا تقتصر على تدمير الأراضي الزراعية بل تمتد لأخطار بيئية وعمليات تلويث ستمس المواطنين من سكان تلك المنطقة عبر الأبخرة والدخان المستمر والملوثات الكيماوية.

وهو ما يتساوق مع الناشط البيئي محمد السلمان، والذي يؤكد أن أهالي محافظة طولكرم لديهم حساسية مفرطة تجاه إقامة المصانع الكيماوية نتيجة معاناتهم من مصانع تجمع جاشوري الاستيطاني، وبالتالي لا يمكنهم القبول بمصدر آخر للتلويث في منطقة قريبة.

صندوق الاستثمار يدافع

وكانت لجنة برلمانية خاصة، عقت قبل أيام جلسة للاستماع إلى رئيس صندوق الاستثمار الفلسطيني محمد مصطفى وعدد من مدراء الصندوق وممثلي شركة "سند" التابعة له، حول مشروع الاسمنت الذي تنوي الشركة إقامته وسط تأكيد برلماني على رفض المشروع ورفض الاستملاك لصالح مشروع خاص.

وأكد مصطفى خلال الجلسة أن للمشروع أهمية كبيرة، وأن الهدف منه هو التخلص من الهيمنة الإسرائيلية على سوق مواد البناء الأساسية وبخاصة الاسمنت، وخاصة أن "إسرائيل" تستفيد بعائدات بمئات ملايين الدولارات ببيعها الاسمنت للسوق الفلسطيني، الأمر الذي يوضح أهمية وجود مصنع اسمنت فلسطين.

وأشار إلى أنه سيتم بناء المصنع وفقا للمعايير البيئية والصحية، حيث تم تخصيص مبلغ 25 مليون دولار لتوفير معدات تجعل من المصنع مصنعا صديقا للبيئة وانه سيكون أكبر مصنع للإسمنت في الشرق الأوسط بهذه المعايير الضخمة.

وأعاد محمد مصطفى التأكيد على أن صندوق الاستثمار وشركة سند ملتزمتان بقرارات مجلس الوزراء الفلسطيني، وبتطبيق كافة المعايير القانونية، وأنه لن يتم اتخاذ أية خطوات عملية إذا ما تبين علميا وعمليا وجود أي خطر بيئي أو صحي على البيئة والمواطنين.

وأشار إلى أن إنشاء المصنع لا يعني القضاء على الأشجار والأحراج الموجودة، بل سيتم زراعة المزيد من الأشجار، التي ستكون بمثابة حزام أخضر يدعم البيئة.

عدد الزوار 26960، أضيف بواسطة/ محمد صلاح الفرا