هديل الهشلمون.. تمسكت بنقابها ففازت بالشهادة

 حظيت الفتاة هديل صلاح الهشلمون بجنازة مهيبة شارك فيها الآلاف في الخليل جنوب الضفة الغربية اليوم الأربعاء بعد أن قضت شهيدة برصاص جنود الاحتلال الإسرائيلي على حاجز عسكري وسط المدينة.

وكان ثمن رفض الهشلمون (18 عاما) رفع نقابها استجابة لطلب جنود الاحتلال بالتفتيش على الحاجز العسكري أن تتلقى أكثر من 15 رصاصة قاتلة في جسدها.

إلا أن صورا تمكن من التقاطها نشطاء شباب في الخليل أثبتت أن الفتاة هديل جرى إعدامها بدم بارد، وسحلها الجنود بشكل مهين على الأرض بعد إصابتها، تعبيرا عن حجم الجريمة المرتكبة بحقّ الفلسطينيين.

وفصلت شهران فقط على ارتداء هديل لنقابها عقب التحاقها بكلية الشريعة في جامعة الخليل، فيما كانت تبذل جهودا لاستكمال حفظ بضعة أجزاء لتختم بها حفظ القرآن الكريم كاملا، لكنّ جريمة الاحتلال وقفت أمام تحقيق حلمها.

ولم يعلم الاحتلال بجريمته أنه يمنحه هديل الشهادة بأبهى صورها.

سلاح النّقاب

يقول والد هديل لوكالة "صفا" إنه هديل قبل شهرين ومع التحاقها بالجامعة طلبت منه هديل ارتداء النّقاب فوافق مباشرة على طلبها ودعا لها بالخير والتوفيق.

ولم يكن الوالد المكلوم يعلم أن النقاب سيكون كابوسا ترعب به ابنته هديل جنود الاحتلال لدرجة إطلاق الرصاص الحي عليها بشكل كثيف من دون أي مبرر.

ويقول عن ذلك: "رفضت هديل أمر الجندي بإزالة النّقاب، وحافظت على أمر ربها، وإذا كان النقاب سلاحا يخيف الاحتلال فسنلبس هذا النقاب رجالا ونساء لإرهاب هذا المحتل".

وينقل الوالد عن شهود العيان أنّ ابنته كانت تهم بعبور الحاجز العسكري، قبل أن يستوقفها الجنود بحجّة التفتيش، وطلبوا منها رفع نقابها، لكنّها رفضت، وطلبت إحضار مجندة للموافقة على عملية تفتيشها.

ويضيف أن الجنود لم ينصاعوا لطلب ابنته ولم يهتموا لمحاولات بعض المواطنين على الحاجز للتدخل وترجمة أقوالها، وحاصروها من كلّ جهة ثم أطلقوا وابلا كثيفا من الرّصاص عليها حتى بعد سقوطها على الأرض.

سنفرح بالعيد

ونزل خبر استشهاد هديل مثل الصاعقة على عائلتها قبيل يومين فقط من حلول أول أيام عيد الأضحى المبارك.

وبمعنويات حديدية يقول الهشلمون " سنفرح في هذا العيد رغم جريمة الاحتلال بحقّ ابنتي..." مضيفا: العيد شعيرة من شعائر الإسلام وجعله الله للفرح والمودة والسرور.

لكنّ غضب هذا الوالد الفاقد لابنته، ينصب على "اتفاق الخليل" المبرم ما بين السلطة ودولة الاحتلال، والذي وصفه بأنّه سبب في الحال البائسة التي تعيشها مدينة الخليل من خلال التّقسيم والحواجز العسكرية وعدم الإحساس بالأمان من جانب المواطن الفلسطيني.

وهو يطالب السلطة بالانسحاب من هذا الاتفاق على شاكلة ما نسفه الاحتلال من اتفاقات كثيرة، قائلا " لا مجال لاستمرار الخنوع والرّكوع والاستمرار في تقسيم البلد بأكمله"، لافتا إلى أن ما جرى مع ابنته يجب أن يكون درسا للجميع.

وكانت حكومة الوفاق الوطني طالبت بتشكيل لجنة تحقيق في حادثة استشهاد الفتاة الهشلمون في ظل الصور التي تؤكد زيف رواية الاحتلال بأنها حاولت طعن أحد جنوده.

غير أن الوالد الهشلمون يقول إنه لا يريد لجنة تحقيق في قضية ابنته لأن القضية باتت واضحة جدا، والصور التي وثقت الحادثة تكشف تفاصيل الجريمة، مشيرا إلى أن المطلوب أن يقر الاحتلال بارتكاب جنوده لجريمة.

ويعتقد أنّ الحلّ في التعامل مع الاحتلال فقط يكون عبر مقاومته حتّى الرّحيل، وأن المستهدف في الحادثة ليست ابنته على وجه الخصوص، بقدر ما كان يستهدف السكان القاطنين في شارع الشّهداء والبلدة القديمة، لإيصال رسالة خوف ورعب لهم من أجل إجبارهم على الهجرة والرّحيل.

تفنيد الادّعاء

ويؤكد منسق تجمع شباب ضد الاستيطان في الخليل عيسى عمرو لوكالة "صفا" أنّ نشطاء التجمع تمكنوا من توثيق حادثة إطلاق النار على الفتاة هديل، لكنّهم أخروا نشر الصور لحين الاستماع إلى رواية الاحتلال ومحاولته تبرير الجريمة.

ويشدد عمرو على أن صور توثيق حادثة إطلاق النار على الهشلمون كشفت حقيقة إعدامها بدم بارد ودون اكتراث بأي محرم.

كما يؤكد على ضرورة فضح انتهاكات وممارسات الاحتلال، وأن يجري محاكمة هؤلاء الضباط والجنود أمام المحاكم الدولية، معتقدا أنّ إعدام الفتاة الهشلمون يأتي كثمار لقرار حكومة الاحتلال تسهيل عملية إطلاق الرّصاص على الفلسطينيين سواء بالضّفة الغربية أو القدس.

عدد الزوار 24110، أضيف بواسطة/ محمد صلاح الفرا