في ذكرى اندلاع الانتفاضة الثانية..محللون عسكريون:بدأت بقوة وتراجعت باغتيال عرفات

 اندلعت "انتفاضة الأقصى" في 28 سبتمبر 2000 وتوقفت فعلياً في 8 فبراير 2005 بعد اتفاق الهدنة الذي عقد في قمة شرم الشيخ والذي جمع الرئيس الفلسطيني المنتخب حديثاً محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي أرئيل شارون، وتميزت هذه الانتفاضة مقارنة بسابقتها بكثرة المواجهات المسلحة وتصاعد وتيرة الأعمال العسكرية بين المقاومة الفلسطينية والجيش الإسرائيلي.

دنيا الوطن تُسلط الضوء على أبرز المحطات العسكرية والصراع العسكري بين اسرائيل والفلسطيينين في  انتفاضة الأقصى الثانية .

يقول المحلل العسكري اللواء يوسف الشرقاوي "أن أسلحة المقاومة الفردية قد تطورت في الانتفاضة الثانية فلم يعد هناك السلاح الأبيض الذي اختفى مع بداية هذه الانتفاضة فظهرت لدى المقاومة في غزة بعض المدافع وكلاشنكوف لكنها كانت قليلة، على عكس اسرائيل التي تمتلك سلاح الجو وسلاح الدروع الذي استخدمته لاحقا لتقتحم المدن والمخيمات الفلسطينية.

وتابع حديثه" اسرائيل لم تكن معنية مطلقا باستخدام السلاح ولا فتح جبهة اخرى قبيل الانتفاضة لكن تدحرجت اسرائيل وصولا إلى ما وصلت عليه ، مبينا أن اسرائيل تخشى كثيرا السلاح خصوصا في المخيمات الفلسطينية في الضفة ومع هذا فالمقاومة لم تقدر الموقف جيدا في البداية وهذا ما جعلها أهداف سريعة وفريسة لإسرائيل وبنك أهدافها.

وأضاف الشرقاوي "الذين قاموا بالانتفاضة هم جنود مجهولين قادوا السلاح لكنهم لم يكونوا منظمين مطلقا وتُركوا بدون أي غطاء سوى الغطاء الشعبي الذي التف عليهم بشكل كبير" .

وأكد الشرقاوي " أن التطور الفريد في أسلحة المقاومة غير وجه الانتفاضة الثانية وأكسب الفلسطينيين شيئا جديد ،مشيرا إلى أن أهم مظاهر هذا التطور تمثلت في اختراع الصاروخ المحلي الأول من نوع(صاروخ قسام) ثم تطورت الفصائل وصنعت صواريخ  كثيرة منها صاروخ (قدس 4) التابع للجهاد الإسلامي و(صمود) التابع للجبهة الشعبية ثم قامت كتائب شهداء الأقصى بصناعة صاروخ (أقصى 103) وتلاها كتائب المقاومة الشعبية التي قامت بصناعة صاروخ (ناصر) ".

وشدد الشرقاوي على أن "الزعيم أبو عمار كان وراء انتفاضة الأقصى الثانية ،حتى قياداته العسكرية أيضا لكن تقدير الموقف الفلسطيني كان سيئا وحينما شعرت اسرائيل أن أبو عمار يُشكل خطرا على الانتفاضة قامت باغتياله ، كذلك فان القيادات التي قامت اسرائيل باستهدافها سواء في غزة أو الضفة أضعفت بشكل أو باخر الانتفاضة الثانية" .

وعن أبرز العمليات العسكرية التي قادتها إسرائيل وغيرت وجه الصراع في الانتفاضة قال الشرقاوي "عملية السور الواقي التي  بدأتها  إسرائيل في 29 مارس آذار من العام 2002 وانتهت بتموز يوليو 2002، وحشدت لها 30 ألف جندي. جاءت هذه العملية العسكرية اثر اندلاع انتفاضة الأقصى، وقام  رئيس الوزراء الإسرائيلي  ارائيل شارون بمنح الضوء الأخضر لبدء العملية وجاء ذلك بعد حدوث عملية استشهادية في نتانيا في فندق بارك أدت إلى مقتل 38 إسرائيلي و جرح 146 أخرين في عيد الفصح اليهودي. 

في بداية العملية العسكرية قامت القوات الإسرائيلية بالتوغل في المدن الفلسطينية في الضفة الغربية وخصوصا مدينة نابلس ومدينة جنين ومدينة رام الله والبيرة، أو بعد اقتحام مدينة رام الله فرض الجيش الإسرائيلي حصار على مقر الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات المعروف بالمقاطعة وبقي الرئيس الفلسطيني محاصر في المقاطعة حتى اخر ايام حياته ولم يسمح له بالخروج الا للسفر لتلقي العلاج بعد أن تم تسميمه ومن ثم استشهاده  في عام 2004.

ونوه الشرقاوي إلى أن هذه العملية العسكرية قد أضعفت المقاومة في الضفة الغربية بنسبة 95% إلى جانب تصفية القيادات العسكرية من معظم الفصائل في المخيمات والمدن الفلسطينية في الضفة الغربية.

بينما أكد الدكتور اللواء كامل عيسى الخبير العسكري "أن اسرائيل كانت معنية بإثارة كل مسببات اندلاع الانتفاضة الثانية وكانت اللحظة الحاسمة اقتحام شارون للمسجد الاقصى ،فقد كانت حسابات ايهود بارك فاشلة إذ كان يعتبر أن اقتحام شارون للمسجد الأقصى سيورطه وسيرديه في الانتخابات الاسرائيلية آنذاك لكن شارون استغل هذا الاقتحام واعتبر نفسه بطلا لدى الاسرائيليين ورفع هذا الاقتحام وخوضه الانتفاضة الثانية أسهمه في الانتخابات وأسقط ايهود باراك من أمامه وفاز بها" .

وتابع عيسى "شارون عمل على تصعيد جبهتي غزة والضفة وما فعله في جنين وبيت لحم وفي غزة وإعادة احتلال مناطق واسعة في الضفة الغربية خير دليل أنه كان يُريد اسقاط اتفاقية أوسلو فاستغل نقطة أنه لا يريد أن تصل أوسلو لإقامة دولة فلسطينية ففتح باب المواجهات العسكرية على أشدها مع الفلسطينيين".

وأكد عيسى في حديثه الخاص لدنيا الوطن "أن اسرائيل تعتبر المدنيين الفلسطينيين حقل تجارب لترسانتها العسكرية فهي تجر الفلسطينيين للمواجهة حتى تجرب كل أسلحتها التي جاءت بها من الدول الكبرى "،مضيفا أنه لا يوجد أي توازن بين قوة اسرائيل النارية وبين المقاومة في ذلك الوقت .

وعن أبرز الاسلحة التي استخدمتها اسرائيل فقال "أن أهم الاسلحة هي الطيران المروحي الأباتشي بالإضافة الى سلاح الدروع في المدن في الضفة  فحجم النيران الاسرائيلية التي أُطلقت في الفترة ما بين 2000 إلى 2004 كان كبيرا في مقابل حجم النيران التي استخدمتها المقاومة ،ولا يوجد أي وجه مقارنة بين نيران اسرائيل و المقاومة وهذا سببه الأساسي عدم التنظيم العسكري المنضبط الذي كان موجود في صفوف المقاتلين سواء المنظمين ضمن فصيل عسكري أو الذين يقاومون بشكل فردي "،مشددا على "أن المقاتلين كان من حقهم أن يدافعوا عن أرضهم وكل أعمال المقاومة سواء من تصنيع الصواريخ المحلية في بداية الانتفاضة وغيرها هي حق مشروع مكفول من القوانين الدولية ".

ونوه عيسى "أن ياسر عرفات  هو الأب الروحي للانتفاضتين وحينما رفض قرارات اسرائيل قامت الاخيرة بمحاصرته في مقره بالمقاطعة ثم ضيقت الحصار حتى حاصرته في غرفة صغيرة إلى أن اغتالته بالسم لتتخلص منه، فشارون يعتبر عرفات عدوا لدودا له" ، لكنه أكد ان أبرز العمليات التي قامت بها اسرائيل هي معركة جنين التي سماها أبو عمار "بصمود الأبطال"، كذلك عملية حصار كنيسة بيت لحم ومقر المقاطعة برام الله .

وختم حديثه بالقول "أن انتفاضة الأقصى الثانية من الصعب الحديث عن وقت انتهائها الحقيقي فهي بدأت بشكل منظم ثم تراجعت وتقدمت ومن ثم تراجعت ،فقد كانت عبارة عن موجات غير متواصلة من القتال وبالتالي لكنها عمليا بدأت تضعف بعد عام 2003، شهدت خلالها الأراضي الفلسطينية بطولات فردية متواصلة وكذلك بطولات تنظيمية لكن هذه البطولات احتاجت إلى تنظيم وليست لعشوائية ولذلك ضعفت الانتفاضة الثانية برحيل القيادات ورحيل أبو عمار .
 

عدد الزوار 21063، أضيف بواسطة/ محمد صلاح الفرا