الاخلاق تصنع تاريخ اللاعبين

نماذج الأخلاق مختلفة في أسلوبها ، مجتمعة في أهدافها ، وصدق أمير الشعراء "أحمد شوقي" عندما قال في احدى قصائده "إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا"، والأخلاق عبارة عن المبادئ والقواعد المنظمة للسلوك الإنساني ، والاختلاف بالاسلوب تقصد به أن الاخلاق أحيانا ترتبط بالطابع الديني ، وأحيانا ترتبط بالطابع الانساني نفسه .

 

 

هذه المقدمة تقودني للحديث أكثر عن لاعبي كرة القدم بالوقت الحالي ، فخلال تجربتي الرياضية المتواضعة في السنوات العشرين الماضية رصدت تصرفات وسلوك العديد من اللاعبين المحليين ، وما ينطبق على لاعبي الوطن ربما ينطبق أيضا على حالات مماثلة خارج الوطن سواء السلبية أو الايجابية ، والتي نفتقدها في بعض الاحيان .

 

 

العديد من الأندية تشتكي اليوم من تصرفات العديد من اللاعبين ، وسأتحدث هنا بجزأية خاصة بعد تطبيق نظام الأحتراف في المحافظات الشمالية ، والحديث يدور عن قصور لدى اللاعب لغياب الروح والانتماء والمثابرة وعدم الالتزام بالشؤون الادارية أو الفنية بفعل تواضع الامكانات المادية أحيانا ، أو عدم قدرة الاندية على وضع أنظمة وقوانين احترافية تقلل من حجم التمرد الذي يحدث أحيانا عند البعض خاصة الذين يفكرون بالمال أولا قبل الأداء الفني ، أو استغلال ظروف لها علاقة بالاستقرار الفني او الاداري لدى المؤسسات الرياضية .

 

 

وعندما تم تطبيق نظام الاحتراف كان هدفه ليس الاستغلال أو تحقيق المكاسب ، لكن هدفه بان يكون جزء فاعل في منظمومة رياضية فلسطينية تسعى لترجمة نفسها في كيان وطني وإنساني ، واللحاق بعجلة التقدم الكروي وتحديدا في قارة آسيا ، والحصول على العديد من المميزات التي تجعلنا نخرج للعالم بمنتخبات نستطيع من خلالها تحقيق انجازات رغم المعاناة ، وصوولاً الى ايصال رسائل وطنية للعالم الخارجي بان فلسطين متواجدة في كافة المحافل ، وتستطيع أن تطبق نظام الاحتراف رغم ويلات الاحتلال ، وضعف الامكانات ، وفي نفس الوقت الحفاظ على حقوق اللاعبين ورعايتهم مع مراعاة الامكانات المتوفرة .

 

 

من حق اللاعب الحصول على حقوقه المشروعة ، وربما أصبح الاحتراف عند البعض مصدر رزق حقيقي ، لكن في نفس الوقت يجب أن يفكر اللاعب أكثر بطريقة احترافية ، وأهمها تقديم الأفضل فنيا حتى يستطيع تقديم نفسه بشكل مميز ، والدفاع عن ألوان فريقه واسعاد جماهيره ، والحافظ على مستواه بغض النظر عن الظروف التي تمر بها الاندية التي من الممكن ان تكون قصرية وخارجة عن الارادة بسبب الظروف الصعبة التي يعلمها الجميع ، دون اغفال قصور بعض الاندية لكن يظل العقد الاحترافي واتحاد الكرة هو الفيصل للحصول على الحقوق ان وجدت حسب الانطمة والقوانين ، وفي نفس الوقت تصرفات اللاعبين لا يمكن تعميمها على الاطلاق ، فهناك من يمتلك الثقافة الرياضية التي نفتقدها كثيرا في هذه الايام ، ويراعي الظروف المحيطة ويتصرف باحترافية ، ويبتعد عن الاستغلال أو الابتزاز الذي يستخدم أحيانًا كرد سلبي داخل المستطيل في حال عدم الحصول على حقوقه بالوقت المناسب ، أو التقاعس بالأداء الفني في حال حصول اللاعب على حقوقه مقدماً وضمانها .

 

 

ويذهب البعض الى المقارنة بين مدارس الاخلاق في الزمن الماضي الجميل ، عندما كان اللعب من اجل المتعة وتحقيق الذات ، والعطاء والانتماء والمحبة دفاعا عن الفانيلة التي يرتديها اللاعب ، وهذا أمر نتغنى به لصدقه وجماله ، وفي نفس الوقت لا يعني عدم وجود أمور سلبية في ذلك الزمان ، لكن وان اختلف الحال عن الزمن الحالي لا نريد أن نجلد أنفسنا فهناك ظروف قد اختلفت ، ولا يمكن أن نفتقد الاخلاق بسبب الواقع الحالي ، فما زال هناك من يمتلك الاخلاق والانتماء والثقافة والعطاء الراقي داخل المستطيل الاخضر بطريقة مجتمعة لتكوين شخصية الرياضي المثالي لصناعة لاعب وطني ، وهؤلاء نرفع لهم القبعات لأن التاريخ سيسجل مكارم أخلاقهم ، ومن لا يسلك هذا الطريق لن يذكره أحد مهما ارتفع شأنه ، وان طال الزمان أو قصر ،،،

عدد الزوار 27276، أضيف بواسطة/ محمد صلاح الفرا