الاحتلال يطفيء نور 'الأضحى' ليضيء 'الغفران' في القدس

لم تكن مستغربة إجراءات الاحتلال الإسرائيلي المشددة؛ التي أعلنت عنها مساء أمس، وشرعت في تطبيقها في ساعات الليل وصباح اليوم، عشية عيد الأضحى المبارك الذي يتزامن مع ما يسمى عيد الغفران العبري.

ويخيم ضباب كثيف على الساحة المقدسية منذ عدة أسابيع، في ظل خطوات استهداف مبرمجة تتقاسم الأدوار فيها: حكومة الاحتلال ومنظمات الهيكل المزعوم وبلدية القدس العبرية، تُقابلها هبّة شعبية عمّت كل أرجاء المدينة، ومواجهات غضبٍ بسبب استهداف الاقصى، وصولاً الى اتخاذ قرارات قاسية وغير مسبوقة بحق المشاركين في المواجهات ضد الاحتلال، اعتقد رئيس حكومة الاحتلال نتنياهو أن بإمكانها إخماد انتفاضة وهبّة المقدسيين.

وكلما اقتربت الأعياد اليهودية، يبدأ اهل المدينة المقدسة يتساءلون: كيف سيمضي اليوم الأول على الأقل من عيد الاضحى بعد غد الخميس في القدس؟ وهل بإمكاننا الوصول الى أحبابنا لتقديم التهاني بالعيد بسبب اغلاق الشوارع والطرقات؟ وهل بإمكاننا المشاركة في صلاة العيد برحاب الاقصى المبارك؟ وهل وهل؟!.

المواطن وديع عودة قال لـ'وفا'، إن الأحداث متلاحقة في القدس، ولا يستطيع المرء أن يزعم ان الأجواء في القدس طبيعية واعتيادية، أو أن هناك أجواء عيدٍ حقيقية في المدينة بعدما حولها الاحتلال الى ثكنة عسكرية، وحاصرها ونشر المئات من عناصره في كافة مفاصلها وشوارعها.

ولفت عودة الى أن الاحتلال يعمل ومنذ شهر تقريبا على ملاحقة المقدسيين، خاصة النشطاء من الجنسين، بدءا بملاحقة النساء واصدار ما أطلق عليه المقدسيون 'قائمة النساء' الممنوعات من دخول الاقصى في فترة اقتحامات المستوطنين وتضم أكثر من خمسين سيدة وفتاة وطالبة، ثم منعت الشبان والنساء الذين تقل أعمارهم عن (25 عاما) من الدخول الى المسجد المبارك، وما تبع ذلك من قرارات بملاحقة المشاركين في المواجهات ضد الاحتلال وغيرها.

الأعياد اليهودية محل شؤم للمقدسيين، بسبب ما يسبقها ويتبعها من اجراءات قاسية بحق أهل المدينة.

وكانت اجراءات مشددة فرضتها قوات الاحتلال قبل أسبوع تزامنا مع عيد 'راس السنة العبرية' وما صاحبه من تعديات على المسجد الاقصى وروّاده وحراسه.

ومع اقتراب (عيد الغفران)، الذي سيبدأ مع غروب شمس اليوم الثلاثاء، تزداد التخوفات من تصعيد الأحداث في القدس والمسجد الأقصى بسبب اجراءات الاحتلال المشددة في المدينة، رغم أن اليهود يكتفون بأداء طقوسهم بباحة حائط البراق فقط.

وعن الوضع الاقتصادي والحركة التجارية في المدينة يقول التاجر سميح الخطيب من القدس القديمة لـ'وفا'، إن أسواق المدينة، على اختلافها، سواء في البلدة القديمة أو خارجها، تشهد ركودا لم يكن متوقعا، وإن حركة التسوّق ضعيفة بسبب حصار الاحتلال للمدينة، وفرضه اجراءات أمنية مشددة فيها، خاصة داخل البلدة القديمة بهدف حماية آلاف المستوطنين المتوجهين الى حائط البراق.

ولفت الى أن المواطن المقدسي بات يفضل التسوّق من خارج المدينة؛ سواء من رام الله أو بيت لحم، أو حتى من المجمعات التجارية اليهودية غربي القدس المحتلة، ما يزيد من معاناة تجار المدينة الذين لا يكادوا يرفعون رؤوسهم من هول الضرائب المتعددة التي تفرضها أذرع الاحتلال المختلفة عليهم وعلى متاجرهم.

ويلجأ الاحتلال في 'عيد الغفران' العبري إلى اغلاق كافة الطرق الرئيسية الواصلة بين المدن، ما يتسبب بإعاقة حركة الفلسطينيين، ويؤدي الى حالة غضب عندهم كون 'عيد الغفران' يتزامن مع وقفة يوم عرفة وعشية عيد الأضحى الذي تشتهر فيه هذه الفترة بارتفاع أعداد المسلمين في الأسواق لشراء متطلبات العيد.

السيدة محاسن محمد علي، من سكان القدس، تقول لمراسلنا إنها وأولادها الصغار لا يشعرون بأي بهجة لعيد الاضحى هذا العام رغم أنه العيد الأكبر لديهم، معللة ذلك بسبب سيطرة الحالة العسكرية على المدينة وشوارعها، والتواجد المكثف للمستوطنين في المدينة خلال ذهابهم وايابهم من والى حائط البراق.

وتساءلت: كيف سيمر عيد الأضحى في القدس في ظل اجراءات الاحتلال المشددة التي أفرغت الأسواق والشوارع من المواطنين؟ فضلا عن حرمان أبناء المحافظات الأخرى من الوصول الى القدس.

وأوضحت أنها ستمضي سريعا بالخروج من أسواق القدس القديمة لتتوجه الى رام الله للتسوق وشراء ما تبقى من احتياجات لأبنائها ولمنزلها، وقالت انها تشعر بمرارة لأنها اعتادت التسوق من البلدة القديمة وفي نهاية جولتها تؤم وعائلتها المسجد الاقصى للصلاة والراحة، واليوم لا.

عدد الزوار 33837، أضيف بواسطة/ حسن عادل الفرا