شعر اللاجئ الفلسطيني نافذ البواب بـ"الصدمة" حينما أخبرته موظفة بأحد مراكز توزيع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) بمدينة غزة بضرورة "العمل" مقابل الحصول على مخصصات بدل الإيجار التي يتقاضاها.
والبواب واحد من آلاف المتضررين اللاجئين الذين يتقاضون مخصصات كبدل إيجار من وكالة الغوث بعد تدمير منازلهم خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة صيف 2014.
ويقول: "عندما جاءتني رسالة من الوكالة بخصوص بدل الإيجار ذهبت إلى مكتب الشاطئ؛ فأعطتني الموظفة ورقة مكتوبة بضرورة العمل مقابل أخذ بدل الإيجار".
ويضيف لوكالة "صفا" "قالت لي: إذا لم تعمل لن تأخذ بدل الإيجار. وكان هناك ملصق كبير بنفس المعنى على بوابة المكتب".
ولم يقتصر الأمر على الرجال، وفق البواب، إذ يقول إن امرأة متضررة كانت بجانبه لنفس الغرض، فأخبرتها الموظفة بضرورة العمل "مع العاملات" لكي تحصل على بدل الإيجار.
وفي ردها على استفسارات المتضررين بهذا الشأن، قالت الموظفة إنها غير مسئولة عن القرار، وفق المتضرر اللاجئ.
ولا يبدي الرجل معارضة للعمل، لكنه يقول إن مقابل العمل يجب أن يكون غير مخصصات بدل الإيجار، "فلا يعقل أن أعمل 30 يومًا مقابل الحصول على إيجار منزلي الذي هدم خلال العدوان".
والبواب حاصل على شهادة جامعية، وكان يملك محلًا تجاريًا أسفل بيته الذي دُمّر بالكامل، وفقد مصدر دخله على إثر ذلك.
ويضيف "العمل المطلوب في الوكالة غير معروف، ولكن الصورة كانت تشير إلى عامل يقوم بأعمال حفر".
ويلفت إلى أن وكالة الغوث كانت ومازالت تؤكد أن إغاثة اللاجئين مسئوليتها التي لن تتخلى عنها، بما في ذلك بدل الإيجار، "لكننا نرى الآن تغير هذه الأفكار".
ويطالب وكالة الغوث بالإسراع في إعمار منزله المدمر، وبعدها قطع مخصصات بدل الإيجار.
وتصرف "أونروا" مساعدات نقدية كبدل إيجار للاجئين الذين هدمت منازلهم كليًا أو غير صالحة للسكن بفعل العدوان لأخير على غزة، وتتراوح بين 200- 250 دولارًا شهريًا.
ليس إجباريًا
واعترفت وكالة الغوث بتنفيذ "مشروع تجريبي" للمساعدات النقدية للمساكن مقابل العمل، وقالت إن الأسر المستحقة غير مجبرة أو ملزمة بالمشاركة، لكنها استدركت بأن "تمويل مخصصات بدل الإيجار التقليدية غير مضمون للفترة المتبقية من عام 2015".
وتعتبر الوكالة أن المشروع- الذي بدأ مطلع سبتمبر الجاري- "جزء من الجهود المتواصلة التي تبذلها لتأمين الأموال اللازمة للاستجابة لاحتياجات الإيواء للأسر الفلسطينية اللاجئة في غزة".
وتشير- في بيان وصل "صفا"- إلى أن جميع الأسر اللاجئة التي حصرت أونروا مساكنها على أنها غير صالحة للعيش تُعد مستحقة للمشاركة في فرصة عمل اختيارية لمدة ثلاثة أشهر، ويمكن للأسرة الواحدة الاستفادة من فرصتي عمل.
وتضيف "سيكسب الأفراد المشاركون 266 دولارًا شهرياً، وهو أكثر قليلاً من قيمة مخصصات بدل الإيجار الشهرية".
وتبين أنها استحدثت المشروع "استجابة للعجز الضخم في برنامجها لإعادة إعمار غزة الذي تبلغ تكلفته 720 مليون دولار أمريكي، حيث وصلت قيمة العجز فيه حالياً إلى 493 مليون دولار أمريكي".
لكن "أونروا" وفي تهديد مبطن تقول: "إن على هذه الأسر أن تعي أنه على الرغم من استمرار الأونروا في سعيها الحثيث لتأمين تمويل إضافي للاستجابة الخاصة بالإيواء الطارئ، فلا يمكن للوكالة ضمان توفر المزيد من التمويل لمخصصات بدل الإيجار مستقبلاً".
وتُكمل "وفيما تم تأمين التمويل لهذا المشروع التجريبي، فإن تمويل مخصصات بدل الإيجار التقليدية غير مضمون للفترة المتبقية من عام 2015".
قرصنة وفضيحة
ويقول مختصون في قضايا اللاجئين إن مخصصات بدل الإيجار "حق مكفول" للمتضررين لا يجوز لوكالة الغوث مساومتهم عليه.
ويشير رئيس دائرة شؤون اللاجئين في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عصام عدوان إلى أن الدول المانحة- مصدر الأموال- لم تشترط على "أونروا" عمل المتضررين مقابل الحصول على بدل الإيجار.
ويقول لوكالة "صفا": "الوكالة ليست مصدر الأموال بل هي وسيط من المجتمع الدولي لإيصال الأموال لمستحقيها، وليس من حقها إضافة أي شروط".
ووفق المختص بشئون اللاجئين، فإن "أونروا" تأخذ 15% من الأموال القادمة إليها كبدل خدمات إدارية، "وإذا أصرت على إجبار المتضررين على العمل، فهذا قرصنة وفضيحة أمام المجتمع الدولي".
ومن جهة أخرى، فإن عدوان يرى أن "أونروا" تريد استثمار قرار المفوض العام لها بمنح الموظفين إجازة بدون راتب، للاستغناء عن المئات منهم، مقابل عمل المتضررين بدلًا منهم.
ويشدد على ضرورة أن يرفض المتضررون قرار أونروا بشكل جماعي، معتقدًا أن الوكالة "لن تجرؤ على قطع بدلات الإيجار إذا كان الموقف جماعيًا".