نظرًا للظروف الاقتصادية الصعبة في غزة - حملة سامح تؤجر

“سامح تؤجر، ومن عفا وسامح فأجره على الله”.. عبارة اجتاحت غزة خلال حملة انطلقت دون تخطيط مسبق لها، بل بشعور التجار والمحامين والمقتدرين بأن غزة تحتاج للمسامحة والتكافل، نتيجة الحصار الذي جعل القطاع يعاني من ظروف اقتصادية قاهرة وصعبة بعد 11 عامًا من هذا الحصار.

أحد المبادرين في هذه الحملة أسامة أبو دلال صاحب معرض للأحذية في مخيم النصيرات، نشر على صفحته بأنه سامح جميع زبائنه ومن يتعامل معه من سداد الديون نظراً للوضع الاقتصادي الصعب الذي يعيشه المواطنين في قطاع غزة، قال لـ”قدس الاخبارية“: “أنا أعيش مع الناس وفي المخيم وأرى حياة الناس ومعاناتهم، لذلك أردت فعل أي شيء كبادرة خير لشعبنا، لذا وجدت هذا الفعل الصغير وقلت بأنه لربما يسد جزء بسيط من جميل زبائني وأصدقائي وأحبائي”.

“لا أحد يكبر بدون وجود الناس بجانبه، وهؤلاء  الناس سامحتهم  فمنهم من عليه دين شرعي وهناك بعض الديون لمؤسسات وأخرى لموظفين و زبائن، بالإضافة الى تجار أصدقائي وأصحاب محلات،  فقلت أن أسامح وأصفح لعل الله يعوضني خيرًا”.

 وأضاف: “أهم شيء هو العفو والتسامح، ونحن نحتاج إلى التكافل والتسامح لننهي هذا الانقسام البغيض وننهي آثار الحروب التي ظلت في نفسيتنا حتى الآن، نحن محتاجون للحب والتسامح ونحتاج إلى أن حاضنة شعبية متينة، يكفي أن كل العالم ضدنا”.

التاجر محمد المصري من بيت حانون صاحب محلات لبناشر السيارات، بادر هو الاخر بمسامحة كافة الزبائن ممن عليهم ديون، حيث أخبر مراسلة “قدس الاخبارية” بموقف حدث مع أحد الزبائن: “مساء أمس في وقت متأخر صدمت بأن أحد زبائني من السائقين جاء ليطلب مني نقودًا لشراء خبز لأبنائه، وعندما نظرت الى دفاتر الديون التي لدي وجدت انها متراكمة منذ فترة طويلة، لهذا السائق فبادرت بالعفو عن جميع زبائني من السائقين ليكون مساعدة بسيطة مني لأبناء شعبي”.

“نحن على وشك مجاعة حقيقة في غزة فهناك أصحاب ذمم مالية في السجون وأبنائهم يتسولون… نسعى لنكون طرفاً في تخليص هذه الذمم المالية والمساعدة في تخفيفها، والمبادرة أمر جميل جداً، حيث لاحظت بأن هناك أطباء وأصحاب محلات أيضا سامحوا زبائنهم بالديون، بالإضافة الى تقديم عروض مجانية أو مخففة للمحتاجين والفقراء منهم”.

“أنا واحد من هالشعب ما يقع علي يقع على الناس” بهذه الكلمات بدأ المحامي أنس درويش من مخيم النصيرات حديثه مع “قدس الإخبارية” كونه أحد المحامين الذين انضموا لمبادرة سامح تؤجر: “نحن نرى ما يحدث في قطاع غزة من حروب وبطالة وفقر، ونظراً للوضع الاقتصادي الصعب والتزاماً منا بتعاليم ديننا لقول رسول الله (من لم يهتم لأمر المسلمين فليس منهم) ولأن المحاماة هي رسالة وليس مهنة فقط، أعلنت عبر صفحتي على الفيس بوك بأني جاهز لتنظيم أي عقد ايجار أو أي عقد آخر بشرط أن يكون أحد المستفيدين غير مقتدر أي أنه فقير، فاذا أراد أن ينشئ مصلحة له لكن إمكانياته بسيطة نحاول بقدر المستطاع أن نخفف عنه وعن شعبنا من هذه الآلام والصعوبات التي تواجهه وتواجهنا جميعاً”.

ويشير درويش: “الوضع في غزة صعب جداً لدرجة لا يمكن أن يتصورها أحد خارج القطاع، والذي يتحمل مسؤولية ذلك الأنظمة العربية والحكومات المتعاقبة في فلسطين، وقضية “التمكين” التي خرجت لنا مؤخرًا كعقبة في طريق المصالحة، نحن كنا سعداء باتفاقية المصالحة، لكن الأمور تجاوزت حدودها الآن، فالمعابر مغلقة ومواد التموين لا تدخل غزة والعمال لا يوجد لهم سبيل، بالإضافة الى طلاب الجامعات الذين لا يستطيعون دفع الرسوم، والخصومات على رواتب الموظفين،  فهذه الأمور جعلت غزة على وشك الانفجار”.

اما عن أمل درويش بمشاركة جميع المقتدرين في غزة بهذه المبادرة  يختم حديثه لـ “قدس الإخبارية“: “أهل غزة هم من يشعرون ببعض لهذا بادرنا بذلك لنتحمل المصاب  ونصبر عليه الى حين الفرح ان شاء الله، ونحن شعب غيور وسبّاق للخير لذا أتوقع أن أصحاب الامكانيات القادرة سوف تشارك في هذه الحملة فان أهل الخير موجودين بكثرة في غزة”.

المحامي أحمد جبريل  بادر مثل زملائه في هذا التكافل وقال لـ”قدس الاخبارية“:  “زملائي سبقوني في هذه المبادرة وأحببت أن أنضم لهم، نحن كمحاميين من واقع عملنا يمكن أن نكون أكثر أشخاص نلامس الوضع الاقتصادي السيء، فالذمم المالية والقضايا التنفيذية الموجودة في المحاكم، ونرى أن تجار لهم أسماء معروفة لديهم شيكات صرف مرجعة، فالوضع الاقتصادي السيء والمبادرة بدأها بعض التجار واحببنا أن نكون جزء من حملة التكافل الاجتماعي في غزة، فنحن شعب متكافل ومتعاضد تجاوز حروب ثلاثة وصبر على حصار 11 عاماً، وهذا أقل شيء نقدمه لأبناء شعبنا”.

لم يقتصر الأمر على التجار والمحامين إنما امتدت للأطباء وأصحاب محلات الأطفال والعديد من الأشخاص، ويذكر أن قطاع غزة يشهد حالة سيئة من الوضع الاقتصادي غير المحتمل، والذي كشف جهاز الاحصاء المركزي الفلسطيني عن عدد العاطلين عن العمل البالغ 207 فرداً هذا الأمر زاد سوء من الحياة المعيشية وأثر على سوق التجار، مما جعل المواطنين يخرجون بمظاهرات تطالب بالعيش الكريم وتوفير متطلبات الحياة الاساسية والتي انطلقت من مخيم جباليا الاسبوع الماضي.

عدد الزوار 15026، أضيف بواسطة/ عبد الله إبراهيم الفرا