حفلات تراثية تعيد غزة لعبق الماضي

خان يونس–هاني الشاعر - صفا

نظمت عشائر بدوية فلسطينية-كان معظمها يقظن جنوب فلسطين المحتلة "النقب"-حفلات تراثية شعبية قرب الحدود الشرقية لقطاع غزة مع الأراضي المحتلة عام 1948، في محاولة منها لإعادة عبق الماضي الذي عاشه الآباء والأجداد قديمًا، خاصة ما يتعلق بالحياة البدوية.

وأقيمت إحدى تلك الحفلات في أرضٍ زراعية تعرضت للتجريف عدة مرات على مدار الانتفاضة من قبل آليات الاحتلال، كونها لا تبعد سوى (1 كم) تقريبًا عن الشريط الحدودي، لبلدة القرارة الواقعة على الحدود الشرقية لمحافظة خان يونس جنوب القطاع.

الحفل التراثي الذي أقامته عشيرة "السميري" التابعة لقبيلة "الحناجرة" إحدى القبائل البدوية الممتدة في قطاع غزة وخارجه، تخلله العديد من الفقرات التي كان يُجسدها الفلسطينيون قديمًا في أفراحهم ومناسباتهم السعيدة وحياتهم اليومية.

وتسابق 30 خيالا، وقدموا مع الهجن رقصات استعراضية مع الأهازيج التراثية، ونغمات اليرغول التي أداها عدد من شباب عشيرة "السميري" أمام "بيوت الشعر".

وتجمع المئات من سكان بلدة القرارة الحدودية لمشاهدة الحفل، وسادت على قسمات وجوههم السعادة والفرح، لمشاركتهم برقصة الدّحيّة، وفيما التقط آخرون صورًا للخيل والجمال أثناء مشاركتها في السباق والعروض.

إحياء التراث

وتكافح الكثير من العائلات البدوية التي تسكن قرب الحدود لتنقل لأجيالها الجديدة عاداتها وتقاليدها أمام تغييرات الحياة المدنية، وقد نجحت في الحفاظ على بعض العادات اليومية، وحتى أنها نقلت فرقها البدوية لإحياء ليالي الأفراح في مختلف المدن.

عادل السميري أحد وجهاء عشيرة "السميري"، قال لمراسل "صفا": "للعام الثاني على التوالي نقيم حفل تراثي بمناسبة عيد الأضحى المبارك، هدفه الرئيس الترفيه، والترويح عن نفوس الناس، وإحياءً لتراثنا القديم، وعادات وتقاليد الآباء والأجداد".

وأضاف: "تخلل الحفل، إقامة بيوت شعر؛ التي كانت تستخدم كمسكن وبتنا نستخدمها في حفلاتنا ومناسباتنا، وأمامها "بَكْارِج" القهوة العربية والشاي، التي تُقدم للضيوف".

ولفت إلى أنهم يضعون بعض الجمال والنوق أمام "بيت الشعر"، الذي يفرشونه بفراش عربي ليجلس عليه زوار الحفل؛ وهم يشاهدون العروض التي يؤديها الهجانة (الخيالة)، على مدار ساعات الحفل".

ويستذكر السميري (53 عامًا)، حياته وهو صغير، ويقول: "كنا نُحيي حفلات كهذه في الأفراح وأيام عيد الأضحى المبارك، وسنبقى نُحييها ونُجسدها واقعًا في حياتنا، رغم الآلام التي نعيشها بفعل الاحتلال.

بدوره، قال أحد هجاني الحفل وهو ممتطٍ لجواده قال لمراسل "صفا": "نشارك اليوم بهذا الحفل، لنُحيي ماضينا العريق، ولنؤكدَ أحقيتنا بالعيش على هذه الأرض، وأننا لن نفرط بها".

وأضاف: سنتحدى الاحتلال، الذي يعلم أننا أصحاب الأرض والحق والماضي والتراث، وسنعيش مع أبنائنا كما عاش أجدادنا وآبائنا.

التمسك بالأرض

كما أحيت قبيلة "الترابين"-التي تضم عشرات العائلات البدوية في فلسطين وخارجها-، حفلًا تراثيًا مماثلًا في مدينة دير البلح وسط القطاع، بمشاركة المخاتير والوجهاء، وعشرات الهجانة وراكبي الإبل، مع عروض شيقةٍ لها، بجانب فقرات من الدبكة الشعبية، والدحية.

وأحاطت القبيلة بحفلها الذي أقيم على مساحة 20 دونمًا، خمس بيوت من الشعر، وأحاطتها بـ 2000 كرسي، التي امتلأت مع بداية الحفل بجمهور تواق لمشاهدة الفعاليات التراثية، الذي تخلله فقرات شعرية بدوية قديمة، ومديح، وعزف على "اليرغول" والعود.

ويوضح خالد العمور (34 عامًا)، أحد أفراد قبيلة "الترابين" أن مهرجانهم التراثي يأتي بمناسبة عيد الأضحى، ولتجسيد الحياة البدوية و"رسالة للمجتمع الفلسطيني-خاصة الشباب-، الذين ندعوهم للتمسك بالتراث، لأنه ماضينا وحاضرنا ومُستقبلنا".

وأضاف العمور لوكالة "صفا": "المهرجان رسالة تمسك بالأرض، التي طردنا الاحتلال منها، وكلنا أمل أن يكون التحرير على يد هؤلاء الشباب".

عدد الزوار 15635، أضيف بواسطة/ جمعة عبدالحكيم الفرا