في رمضان .. عمال غزة يقلبون ليلها نهار

تحول هدوء وسكون الليل خلال أيام شهر رمضان المبارك إلى حالة من النشاط والحيوية لفئة من العمال الهاربين من حرارة الشمس الحارقة ومشقة صيام الشهر الفضيل لإتمام أعمالهم الشاقة حيث البناء والطوبار والقصارة.

ويتوجه العمال لأعمالهم الشاقة بعد أدائهم لصلاة التراويح فيما يُفضل آخرون للتوجه إلى العمل بعد صلاة الفجر حتى الساعات الأولى من الصباح مستغلين ساعات الإفطار وبرودة الطقس.

وتتعرض فلسطين هذه الأيام إلى موجهة حر شديدة تصل درجتها في مدينة غزة إلى أكثر من 32 درجة مئوية بينما في مدينة رفح إلى 33 درجة وتتوافق موجهة الحر مع صيام أيام شهر رمضان، وتفاقم أزمات قطاع غزة وخاصة أزمة الكهرباء.

ويعاني قطاع الانشاءات من كساد كبير نظراً للظروف التي يعيشها قطاع غزة من حصار خانق وعدم دخول مواد البناء بكميات كبيرة.

عملي يتطلب العمل في الليل تحت ضوء القمر والكشافات..

العامل أبو ساجد البالغ من العمر 45 عاماً، يقول: " الدنيا صيام والجو حار جداً ولا أحد يستطيع تحمل العمل الشاق وقت النهار".

وأضاف :"أذهب للعمل بعد أداء صلاة التراويح برفقة عمال أخرين حيث تنتظرنا السيارة وتقلنا إلى مكان العمل بمدينة غزة"، مشيراً إلى أنه يشرب الماء بكثرة خلال ساعات العمل ويتناول بعض من التمر".

وأشار أبو ساجد إلى أنه يتناول السحور مع العمال في المنزل الذي يعمل به ويقومون بشراء السحور على حسابهم الشخصي كونهم يعملون في منزل دمر خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة.

ولفت إلى أنهم يستغلون أيام شهر رمضان من أجل انهاء العمل بسرعة للانتقال إلى عمل أخر، مبيناً أن الكثير من العمال يفضلون الجلوس في شهر رمضان وهذا ما يعطينا فرصة للحصول على عمل أخر ربما نفتقده في أيام الإفطار.

وعن خطورة العمل في الليل قال أبو ساجد: "نقوم بوضع كشافات للإضاءة خشية من الانزلاق، وإذا كانت الكهرباء قاطعة نقوم بتشغيل ماتور الكهرباء".

ومن الجدير ذكره أن العمل في قطاع غزة غير مستقر فإذا استمر شهرين متتاليين ربما يتوقف لأشهر عدة بسبب منع الاحتلال الإسرائيلي دخول الأسمنت بكميات كافية للقطاع متحججاً بأن الاسمنت يذهب للمقاومة الفلسطينية التي تبني الأنفاق.

أتوجه للعمل بعد السحور لا أريد أن أحرج نفسي وعمالي..

بينما أكد العامل "أبو محمود" البالغ من العمر 40 عاماً، أنه يتوجه إلى العمل عبر سيارته برفقة عماله بعد صلاة الفجر ويعود إلى منزله قبل آذان الظهر حيث ذروة الحرارة الشديدة.

وقال أبو محمود: "عملي (الطوبار) شاق جداً ويحتاج لتناول الماء بكثرة لذلك قررت العمل بعد تناول السحور وأداء صلاة الفجر".

وعن عدم ذهابه إلى العمل بعد الإفطار، أكد أنه يعمل في منازل مدمرة بشكل جزئي ولا يريد أن يحرج نفسه وأصحاب المنزل لطلب الماء والسحور والقطايف، قائلاً: "أحاول قدر الإمكان أن أشبع بطني بكل ما يشتهي في منزلي ثم التوجه للعمل بكل راحة وهدوء".

وأضاف: "أنا لا أحب أن أترك صلاة التراويح وصلاة الفجر في جماعة"، مشيراً إلى أن شهر رمضان فرصة ثمينة للحصول على أكبر عدد من الحسنات لذلك لا يستطيع أبو محمود أن يترك هذا الكنز الايماني وفقاً لقوله.

وتابع أبو محمود قوله: "العمل في شهر رمضان فرصة ثمينة للحصول على أعمال إضافية لم تكون في أيدينا خلال أيام الإفطار لأن الكثير من العمال يجلسون في منازلهم بسبب الصيام والحر الشديد لكن أصحاب المنازل المدمرة جزئياً يريدون إتمام منازلهم للسكن فيها لذلك نستغل تلك الفرصة خاصة وأن العمل في قطاع غزة غير مستقر بسبب الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة".

ننزعج من العمال لكن لا حولا ولا قوة الله يعينهم..

وعن ما يسببه العمال من إزعاج للسكان والجيران يقول المواطن محمد صلاح: "جاري يؤسس بيته منذ حوالي أسبوع، وكل العمل بالمنزل فقط فترة المساء والليل لأن نهار رمضان حر جداً ، صحيح هناك إزعاج لي ولأسرتي، لأنني أيضاً أعود متعباً من يوم عمل شاق في النهار وأحتاج إلى الراحة والنوم، ولكن أعذر جاري فهو مغلوب على أمره ولا يستطيع العمل في نهار رمضان وأرجو من الله يعينه ويقدره".

وكان الاحتلال الإسرائيلي قد سمح بدخول كميات قليلة جداً من الأسمنت وفقاً لاتفاقية روبرت سيري وتم تخصيص الأسمنت لأصحاب المنحة الكويتية والمتضررين من الحرب.

عدد الزوار 19199، أضيف بواسطة/ عبد الله إبراهيم الفرا