الميركاتو الشتوي.. وسيلة لدغدغة عواطف جماهير الأندية بالضفة

 

بعد أيام مجنونة، أوصد سوق الانتقالات الشتوية بابه في دوري "الوطنية موبايل" للمحترفين في الضفة الغربية المحتلة حيث حمل مفاجآت تصل حد الكوارث.

إدارات الأندية ركضت للتعاقد مع اللاعبين سواء من الداخل المحتل، وهو السوق الذي بات مفضلا للفرق أو من الضفة بعد تعذر جلب لاعبين من قطاع غزة بفعل عراقيل الاحتلال الإسرائيلي.

وارتفعت نسبة اللاعبين القادمين من الداخل المحتل إلى "25%" من إجمالي لاعبي الدوري موزعين على "12" فريق، فيما بلغ إجمالي اللاعبين المقيدين في كشوفات اتحاد الضفة "240" لاعبا.

مغالاة وهجوم

الرياضي الكبير والإداري السابق في هلال القدس "ناصر السلايمة"، قال في حديثه: أن "الأندية غالت في الميركاتو الشتوي الحالي وشنت هجوما شرسا على اللاعبين من أجل خطب ودهم وهذا كلف خزائنهم الخاوية كثيرا".

وأكد السلايمة أن الانتقالات الشتوية بالأساس شرعت من أجل سد الثغرات التي تكتشف في الدور الأول من عمر الدوري، مستدلا أن أندية المقدمة يتعين عليها الاستعانة بلاعب لسد عجز معين بالفريق أو تقوية دكة البدلاء لضمان إحداث الفارق عند الحاجة إليه.

وبين أن جلب أكثر من لاعب يحمل نوعاً من المبالغة والمخاطرة في آن واحد، مضيفا أن الاستعانة بلاعب مميز ضمن صفقة انتقال حر غير ممكن في الشتاء كونه الأندية تحاول الاحتفاظ بنجومها.

دغدغة عواطف الجماهير

وكشف السلايمة في حديثه أن معظم الصفقات التي أنجزتها الأندية عادية للغاية، منوها أن أربعة أو خمسة لاعبين فقط مميزون ويستطيعون تقديم الإضافة لأنديتهم.

وأشار إلى أن الاعتماد على أبناء النادي واللاعبين الشبان شيء رائع، ولكن هذا الأمر مستحيل في ظل دوري محترفين يعتمد بالأساس على اللاعب الجاهز والاستقطاب من الفرق الأخرى.

وأضاف السلايمة أن تدعيم الفرق بهؤلاء الناشئين في أوقات معينة من المباريات سيفيد، ولكن في حال الاعتماد عليهم بشكل كلي سيفرض على الأندية الانتحار العلني وغير المدروس وقتل لمواهب ربما ستكون رائعة إذا وظفت بشكل صحيح والدليل أن الأندية التي خططت للاعتماد على أبناء النادي لم تنجح في ذلك وهي تحتل اليوم مراكز متأخرة في جدول الترتيب.

ولفت إلى أن هذه الأندية سعت إلى التعاقد مع أكثر من ستة لاعبين بما يعد نسفا لخطة الاعتماد على أبناء النادي التي وضعت منذ بداية الموسم، مما يعطي اعتراف ضمني بفشل خطة "ابن النادي".

عقليات إدارية اللامهنية

ويرى السلايمة أن المناخ العام جيد إلى حد كبير، حيث أن منظومة كرة القدم في فلسطين تطورت بدليل صعود المنتخب الوطني إلى نهائيات كأس آسيا رغم النتائج القاسية التي جمعها في المشاركة الأولى، ولكن علينا أن نتنبه للعقليات الإدارية اللامهنية بالأندية التي قادت فرقها إلى مؤخرة الدوري وأسهمت بهبوط فرق أخرى لها باع طويل في الرياضة الفلسطينية.

وأوضح أن الفرق بالضفة الغربية تعاني من التخبط الإداري باستثناء فريق شباب الظاهرية الذي حافظ على كيانه ووجوده في معادلة الكبار منذ تطبيق نظام الاحتراف في فلسطين، منوها إلى مشكلة خطيرة بدأت تطفو على السطح تتمثل بالعزوف الجماهيري وخلو المدرجات من الجماهير.

وذكر السلايمة أنه لن يعود إلى العمل الإداري بالهلال في الفترة القادمة رغم أنه لم يترك الفريق ولازال يدعمه ويشجعه في كل الأوقات، مؤكداً حرصه على إعطاء الفرصة لإبداعات جديدة وكفاءات يزخر بها الهلال.

خطط فاشلة

 بدوره، قال المدرب والمحلل "سمير عيسى" أن أغلب فرق دوري المحترفين تعول بشكل أساسي على عناصر التعزيز، بالمقابل هناك من واصل الاعتماد على الكادر الموجود بفريقه وعمل على تقوية نقاط الضعف بلاعب أو اثنين على أكثر تقدير.

وأرجع عيسى هذا الأمر إلى تسرع إدارات الأندية في وضع خطط غير ملائمة من خلال البناء على لاعبي الشبيبة الذين يفتقدون إلى الخبرات ثم يعودون إلى تعزيز فرقهم بشكل جنوني، مبيناً أنه يجب بناء خطط واضحة الأهداف وبعيدة المدى تتبنى الفكر الاستراتيجي في العمل الرياضي المتكامل.وبين في حديثه أن فشل دمج الفئات العمرية في الفرق الرياضية يعود إلى كونها لم تعد وتجهز بالشكل المطلوب، لافتا إلى أن ليس كل من ارتدى قميصا رياضيا ولمس الكرة أصبح لاعبا.

وطالب عيسى الجهاز الفني للمنتخب الوطني بالتواصل مع مدربي الفرق للإطلاع على مستويات اللاعبين، كون أن لاعب المنتخب يقضي 90% من وقته مع ناديه فيما يتواجد لبعض الوقت في معسكرات المنتخب التي تهدف إلى التحضير للاستحقاقات الكروية.

الحال في غزة يختلف

وفي المقابل، كشف الإعلامي فادي  حجازي أن سوق الانتقالات الشتوية في قطاع غزة كان ضعيفا للغاية هذا الموسم, كون جميع الأندية أبقت لاعبيها المميزين في صفوفها ولم تسمح لهم بالرحيل, وبالتالي هذا الأمر انعكس بشكل سلبي على مستوى النشاط والحركة في الانتقالات.

وذكر حجازي في حديثه أن نادي التفاح أكثر الأندية المستفيدة من عقد الصفقات الجيدة نوعا ما, نظرا لقانون الانتقالات في دوري الهواة بعدم انتقال اللاعب لنفس الدرجة, وبالتالي هذا الأمر منح التفاح الأفضلية في التعاقد مع أكثر من لاعب مميز.

ولفت إلى أنه من الطبيعي جدا أن يكون الاختلاف كبيرا في قيمة الانتقالات بين دوريي الضفة وغزة, كون الضفة فيها محترفين وغزة ليس إلا هواة, وهذا سيختلف بالتأكيد في حال تطبيق دوري المحترفين بغزة، مشيرا إلى أن الأمر الأبرز الذي يعيق تطبيق دوري المحترفين بغزة هو ضعف البنية التحتية الرياضية وهذا الأمر بالتأكيد يعني أنه في حال تطبيقه ستفرز غزة مواهب شابة مميزة, بدليل أن جميع اللاعبين الغزيين يبدعون في دوري الضفة.

وأشار حجازي إلى أن أندية المحترفين معنية بمدى استفادتها من اللاعب بشكل كبير, بغض النظر عن منطقة سكنه سواء من الداخل أو غير ذلك، لكن بالحديث عن الأمور المالية فإن هذا الأمر يضر بشكل كبير كون اللاعب من الداخل يتقاضى أموالا طائلة لا تساوي شيئا مقابل اللاعب الضفاوي أو الغزي.

وبالنهاية لا بد من وقفة جادة لاتحاد كرة القدم لتقييد نهم الأندية الرياضية والعمل على تخفيض الرواتب المرتفعة للاعبين، كون الاحتراف الفلسطيني لا زال وليدا ويحتاج إلى قرارات صارمة في الفترة المقبلة، إضافة إلى زيادة الاهتمام بتفريخ اللاعبين الشبان في الضفة وغزة لضمان مستقبل زاهر لرياضتنا الفلسطينية.





عدد الزوار 16439، أضيف بواسطة/ عبد الله عبد المعين الفرا