المبادئ السعودية.. وما لا يفهمه الرجوب

  بداية لابد من التأكيد على حق الفلسطينيين المطلق في إقامة مباريات منتخبهم الوطني على أرضه مثل بقية منتخبات العالم، خصوصاً وأن اللعب على الأراضي الفلسطينية يحمل أبعاداً مختلفة، إذ يعزز حق الشعب الفلسطيني بأرضه ودولته رغم كل محاولات سلطات الاحتلال من أجل اختطاف هذا الحق الذي لطالما كانت المملكة بقيادتها وشعبها أكبر وأهم داعميه تاريخياً ولا تزال، وستبقى على هذا النهج حتى يستعيد الشعب الشقيق حقوقه كافة.

 

غير أن ذلك يصطدم بمبدأ سعودي غير قابل للتفاوض، يتمثل باستحالة ترك المجال لمرور المواطنين السعوديين عبر المعابر في الأراضي المحتلة وبالتالي احتكاكهم بممثلي سلطات الاحتلال ولو مصادفة، ما يدفع للمطالبة بعدم إقامة مباراة منتخبنا السعودي أمام نظيره الفلسطيني على ملعب فيصل الحسيني في رام الله، إذ سيكون احتكاك اللاعبين السعوديين بجنود الاحتلال في المعابر مرفوضاً، وعدا ذلك فالسعودية هي أول من يلعب على الأراضي الفلسطينية وأول من يدعم الحق الفلسطيني التاريخي.

 

من الواضح أن قرار (فيفا) بإقامة المباراة على الأراضي الفلسطينية عقّد القضية ووضعنا في موقف صعب ربما يترتب عليه الانسحاب والحرمان من إكمال التصفيات المزدوجة المؤهلة لكأس العالم وبطولة أمم آسيا انتصاراً لمبادئنا، ما يعني أننا أمام اتخاذ قرارين لا ثالث لهما، إما اللعب في فلسطين أو العزلة الكروية، وهنا لابد من الإشارة لمواقف رئيس الاتحاد الفلسطيني اللواء جبريل الرجوب الذي اتخذ مواقف لا تخدم العلاقة التاريخية بين البلدين.

 

ولمن لا يعرف اللواء الرجوب، فهو أحد الشخصيات السياسية والأمنية المثيرة للجدل قبل استلامه مفتاح قيادة الكرة الفلسطينية، إذ لطالما كانت مواقفه في بعض المناسبات تجاه قضية العرب الأولى تثير التساؤلات والغضب في الداخل الفلسطيني خصوصاً أن له تصريحات ومواقف وُصفت ب"المرنة" مع المحتل، وهذا ربما أحد الأسباب التي تجعله لا يدرك جيداً الموقف السعودي الحازم، وإن حاول التملص عبر أحاديثه حول تلويح بعض أعضاء اتحاد بلاده بالاستقالة في حال لم تُلعب المواجهة في رام الله.

 

لا يفهم الرجوب صلابة موقف السعودية تجاه القضية الفلسطينية رغم تاريخه السياسي الطويل، والأدلة على ذلك كثيرة، فهو من سحب في مايو الماضي الطلب الفلسطيني بتعليق عضوية الكيان المحتل في (فيفا) رغم كل ما فعله المحتلون ببلده ورياضة بلده، ورغم كل الدعم العربي والإعلامي من أجل تسجيل انتصار تاريخي للشعب الفلسطيني، وهو الذي لا يستوعب تمسك السعودية بموقفها الراسخ حين غادر الأمير طلال بن بدر القاعة التي احتضنت اجتماع "كونغرس" الاتحاد الدولي فور صعود رئيس اتحاد اللعبة "الاسرائيلي" للمنصة.

 

أمام كل هذه المواقف والتعنت الذي يبديه رئيس الاتحاد الفلسطيني، أصبح لزاما أن يتدخل كبار المسؤولين الفلسطينيين ليتخذوا قراراً بوقف عبث الرجوب، وعدم السماح لهذه القضية أن تأخذ أبعاداً لا تحتملها، فالبلدان الشقيقان يتمتعان بعلاقة مميزة لا يمكن أن تخدشها حادثة عابرة، وتهور مسؤول غير مدرك لقيمة المبادئ التي ترفض كل ما يمكن أن يفضي إلى شرعنة الاحتلال ولو من قبيل الصدفة، وهو التدخل المنتظر حدوثه في المقبل من الأيام.

عدد الزوار 21309، أضيف بواسطة/ جمعة عبدالحكيم الفرا