عنـدما تُـمارس الوطــنــية من خلال الـريـاضـة ...


لقد مر الشعب الفلسطيني والذي يُكابد الاحتلال منذ أكثر من قرن من الزمان بمراحل متعددة ومتنوعة (اجتماعية ،سياسية ،رياضية ،ثقافية ) ،وكان للشباب الرياضي دورًا بارزًا في أن تظل القضية الفلسطينية العادلة حاضرة في كافة المحافل الدولية و الرياضية بالتحديد ،و كان للرياضيين الفلسطينيين صولاتٌ وجولات في معظم البطولات العربية والقارية و نتائجهم مميزه وأحيانا دون المتوقع ،ولكن البوصلة كانت دومًا تشير إلى أن هناك شعبٌ محتل يُمارس الرياضة وينافس دولًا على الألقاب والمراكز رغم الظروف القهرية التي يعيشها منذ زمن الاحتلال الإنجليزي وصولًا للاحتلال الإسرائيلي ،وفي خضم هذه المراحل المتعددة ومع دخولنا للقرن الواحد والعشرون وفي الوقت الذي مازالت تُصارع القضية الفلسطينية فيه الاحتلال ، فمن الطبيعي أن تبقى الرياضة الفلسطينية وباعتبارها جزءً من معاناة شعب بأكمله مازالت تعاني وتخوض حروبًا متنوعة مع الاحتلال لن تكون آخرها مباراة السوبر(الشجاعية وأهلي الخليل ) وتثبيت الحق بالملعب البيتى ،ورغم ذلك فقد أصبح لدنيا منتخبات وطنية مميزه وشخصية ومنظومة رياضية في تطور مستمر مقارنة مع منتخبات محيطنا العربي والقاري أصحاب الدول المستقلة والذين لديهم أموال طائلة تخصص للرياضة ، وبعد هذا التمهيد الذي لابد منه وهو مقدمة لموضوع حيوي يتلخص بأن العمل الرياضي بفلسطين هو عمل وطني بامتياز رغم الظروف القهرية والمعقدة والتي سببها الأول والأخير الاحتلال ..
إن أي عمل سواءً كان رياضي أو اقتصادي أو تنموي يجب أن تتوفر له البيئة المناسبة والتي تساعد على نجاحه وتكفل له بالاستمرارية والتطور ،ولعل المنظومة والحركة الرياضية والتي خاضت حروبًا ومعارك بالمحافل الدولية من أجل أن تبقى فلسطين حاضره بالمشهد الرياضي العربي والقاري والدولي (وبالمناسبة هذه المعارك التي لا تقل عن معاركنا الوطنية بنابلس والقدس و رام الله وغزه هذه الأيام )، هذه الحركة الرياضية وقيادتها ومن خلفها كافة الرياضيين بمختلف أماكن تواجدهم ومستوياتهم وأعمارهم ، دومًا كانت ومازالت لسان حالها يردد أن الرياضة الفلسطينية هي عنوان أصيل من مجموع نضالات الشعب الفلسطيني وطريقاً من أن أجل تحرير بلاده من الاحتلال الجاثم على أرضه منذ زمن بعيد ،ولعل العدو الصهيوني فَهم وأدرك خطورة ذلك مبكرًا (استراتيجيًا ووجوديًا ) ،حيث أن ذلك يَمس بمشروعيته ويكشف عنصريته ويطرح تساؤلات عن حق هذا الشعب الذي يرسخ تحت الاحتلال ،وخير دليل على ذلك ممارسته اليومية بمنع تنقل اللاعبين والمدربين بين المحافظات الجنوبية والشمالية ،وفي المقابل يمسح لأكثر من 1500تاجر أو رجل أعمال بالمرور يومياً بكل سهوله عبر حاجز بيت حانون ( ايرز) وهي رسالة ضمنيه أن الرياضة وممارستها كأفراد ومنتخبات يجب أن تُعرقل وأن تبقى تحت الضغط لكي لا تحقق أهدافها الوطنية ،ومن هنا تأتى العزيمة الفلسطينية والتي تقود الرياضة الفلسطينية سواءً رؤساء اتحادات أو أندية وغيرهم من كافة عناصر المنظومة الرياضة ،حيث أنهم جميعًا متسلحين بهذا الفهم العميق والذي في جوهره أن أي خطوه رياضية يخطونها (رغم صعوبتها ) هي عملٌ نضالي ووطني بامتياز ،و أي عرقله لن تحبطهم وتنال من عزيمتهم وعليه يجب أن يكون الجهد مضاعفًا والعزيمة تكون في أعلى مستوياتها ،فهذا ميدان شرف وفرصة مثالية لكي يكون لهم دور في بناء الوطن والارتقاء بشبابه وأطفاله ،وعليهم أن يتذكروا دوماً أنهم تحت احتلال ..احتلال لم ولن يمسح بذلك التطور وسيضع العراقيل والصعوبات بهدف إحباط كل المنظومة الرياضية وتفتيت قاعدة ممارسيها الكبيرة .
ختامًا :إن العمل الرياضي الفلسطيني والذي يعمل بالضفة الغربية بين الحواجز الإسرائيلية وبغزه بحصار مطبق ومن بينهم شتات المخيمات ودول الاغتراب هو عمل غاية بالصعوبة ولكنه شرف وواجب وفرصة رائعة لممارسه الوطنية ولن يفوتنا أنه يجب أن يكون هذا العمل مرتكزًا على أسس علمية قابلة لتتطور وللتقييم ..وقابلة للنقد البناء ..رياضة جامعة لكل مكونات الشعب الفلسطيني بمختلف تنوعاته وهذا يحتاج لمقال آخر .
 

عدد الزوار 26019، أضيف بواسطة/ جمعة عبدالحكيم الفرا