أنقاض المنازل المدمرة تشهد عيدها الرابع
تعلو أصوات تكبيرات العيد على أنقاض المنازل المدمرة التي تراوح مكانها مع مرور العيد الرابع عليها، في حين يشكو أصحابها المنكوبين تشردهم وتهجيرهم. ويأمل أصحاب المنازل المدمرة في أن يستطيعوا قضاء عيد العام المقبل وقد انتهوا من اعادة بناء بيوتهم بعد عام ونيّف من انتهاء العدوان على غزة. ووسط أجواء العيد، زار مراسل "الرسالة نت" منازل مدمرة، في بلدتي خزاعة والزنة شرق خانيونس التي تقع جنوبي قطاع غزة، في مشهد تداخلت فيه المشاعر بين حزن وألم ممزوج بالتفاؤل وانتظار اعادة البناء. "أين يقع هذا العيد؟" تتساءل الأربعينية أم أحمد النجار وهي تجلس أمام ما تبقى من ركام منزلهم -الذي كان يتكون من ثلاثة طوابق- تُلملم جراحها بطريقتها الخاصة، حيث تُجهز منزلهم المؤقت "الكرفان" الذي لا يقي حر صيف ولا برد شتاء، لقضاء أيام العيد هي وعائلتها المكونة من سبعة أشخاص. وتستحضر أم أحمد في حديثها، أولى الأعياد التي قضتها بين جدران منزل العائلة الذي بنته عائلتها حجراً بحجر، واصفة أجواء الأعياد السابقة حين كانت العائلة في المنزل المدمر، بأنها الأجمل على الإطلاق، "فلا شيء يُضاهي جَمْعة الأحباب والفرحة معهم". في حين، هنّأ محمد عادل من منطقة شرق خانيونس (الزنة)، المدمرة منازلهم -وهو أحدهم-، بقوله: "كل عام وأنتم في بيوتكم بين أهلكم وجدرانكم، بعيدا عن الحروب والمعاناة"، وهي رسالة أمل وتفاؤل بأن الأعياد المقبلة ستكون المنازل المدمرة قد أتمت الاعمار وتحققت المطالب. ويمر عيد الأضحى على المدمرة منازلهم وهو العيد الرابع عليهم، دون أن تتم عجلة الاعمار بشكل يرتقي لتضحياتهم أو ما قدموه من شهداء وجراح في العدوان الأخير، مُتسائلًا بعضهم: "من أين سيأتينا الفرح بين الركام؟". ورغم حال الضنك الذي لا يزال يعيشه هؤلاء، إلا أننا نجد صمودًا وكرمًا أسطوريًا من الكثيرين ممن باتوا بلا مأوى، فأكثرهم آثر إلّا أن يرسم الفرحة على وجوه الأطفال، "فهم سيلعبون بين المنازل المدمرة وكرفانات الايواء، مع قليل من الألعاب الخفيفة التي يُمكن لها أن تُشعرهم بأنهم يعيشون العيد". فليس غريبًا أن تجدَ أم أمجد التي فقدت طفلها ومنزلهم، تستبق لحوم الأضاحي من أهل الخير لتقدمه في مشهدٍ عفويّ يعبر عن مدى كرم وطيبِ عيش هؤلاء البُسطاء الذين أذاقتهم (إسرائيل) الأمرّين خلال عدوانها المتكرر على غزة. "كل عيد قبل الحرب كنّا نجيب أضحية وأواعي للأولاد، بس العيد هاد كسابقه ما فيه شيء، أصلًا فرحتنا منقوصة"، هكذا استقبلت أم الأمجد العيد. وما أن ينغمس الجميع في ذبح الأضاحي وتمتلئ بيوتٌ بما لذَّ وطاب من اللحوم، وتتزين بيوت أخرى بالورود، فإن المدمرة بيوتهم لا يزالوا ينتظرون أن تدخل عليهم "عجلة الإعمار" الفرحة في عيدهم الذي عبرّت قلوبهم قبل شفاههم عنه "بأيّ حال عُدت يا عيد".
عدد الزوار 22938،
أضيف بواسطة/
حسن عادل الفرا