ما مصير السلطة الوطنية والمجلس التشريعي في حال إعلان دولة تحت الاحتلال؟وكيف ستصبح صلاحيات الرئيس؟
منذ اللحظات الأولى لإعلان نية الرئيس الفلسطيني محمود عباس تفجير قنبلة في خطابه المفصلي الذي سيلقيه في مقر الأمم المتحدة نهاية سبتمبر الحالي، أصبح الشغل الشاغل للنخب الفلسطينية من سياسيين ومحللين وخبراء هو توقع فحوى خطابة الهام ونسج سناريوهات مستقبلية لما سيترتب على خطابة هذا.
تسريبات نسبت لمسؤول في السلطة الفلسطينية لم يكشف عن إسمه تحدث خلالها عن بعض النقاط التي سيتضمنها خطاب الرئيس الفلسطيني حيث كان البند الأكثر إرباكاً وغموضا للشارع هو احتمالية إعلان الرئيس لدولة فلسطينية تحت الاحتلال ، لتولد لديهم الكثير من التساؤلات.. ماذا تعني دولة تحت الاحتلال ؟ ما مصير السلطة الوطنية الفلسطينية والمجلس التشريعي؟ هل ستلغي الاتفاقيات الدولية وعلى رأسها أوسلو ؟
وكان السؤال الأهم والأقوى هل سيقوم الرئيس الفلسطيني محمود عباس بتلك الخطوات فعلا أما أنها مجرد فقاعة ونوع من الضغط على إسرائيل لتحسين شروط المفاوضات ودفع أمريكا للعودة إلى مفاوضة الرئيس كما يرى البعض ؟ التقت " دنيا الوطن " بالعديد من القانونيين والمختصين بالشأن الدولي لتجيب على كل تلك التساؤلات.
بين الدكتور أحمد الخالدي رئيس لجنة صياغة الدستور ووزير العدل السابق أن إعلان دولة تحت الاحتلال يعني أن القانون الدولي هو الذي سيطبق على فلسطين وبهذا يتم تحميل الأمم المتحدة مسئولية العمل من أجل الاستقلال والاعتراف بالسيادة الفلسطينية. هو نوع من نقل المسؤولية إلى الأمم المتحدة عن الأراضي المحتلة في دولة معترف بها من قبلهم.
كما أضاف الخالدي أن هذا الإعلان لن يغير شيء على أرض الواقع حيث ستستمر المؤسسات الفلسطينية بتأدية عملها وإذا ما اعترضتها القوات الإسرائيلية يرفع الأمر للأمم المتحدة فورا .
اما عن المجلس التشريعي فرأى وزير العدل السابق أنه سيستمر في أداء مهامه أيضا إلى حين انتخاب مجلس جديد، وهذا أيضا سينطبق على التمثيل الدبلوماسي للبلاد على حد قوله.
وبالنسبة لشكل التعامل العالمي والدولي مع دولة فلسطين تحت الاحتلال فيقول الدكتور أحمد الخالدي لـ دنيا الوطن " كل الدول التي كانت تعترف بدولة فلسطين سيستمر في ذلك ويتم العمل من أجل جعل الدول الكبرى بأنها دولة كاملة السيادة لإنهاء الاحتلال وتبني مشروع الانسحاب من الأراضي الفلسطينية ".
أما أ.د عبد الرحمن أبو النصر أستاذ القانون الدولي في جامعة الأزهر فقد أعتبر أن إعلان دولة تحت الاحتلال هو وضع فلسطين تحت رعاية الأمم المتحدة وبالتالي كافة الالتزامات تُحمل للأمم المتحدة بما فيها المسئولية الدولية والقانونية.
وأستدرك دكتور عبد الراحمن خلال حديثه مع مراسلة دنيا الوطن فائلاً وهذا أيضا يعتبر إنهاء لكافة الاتفاقيات الدولية السابقة على رأسها اتفاقية أوسلو وإعطاء مركز جديد لفلسطين.
وأضاف أبو النصر " يترتب على إنهاء الاتفاقيات الدولية، إنهاء السلطة الوطنية الفلسطينية، وإن أرادت السلطة الاستمرار بتحمل مسؤوليتها في ما يتعلق بالرواتب وتسير الأعمال يمكنها ذلك ولكن تحت مسمى دولة تحت الاحتلال وليس بمسمى السلطة".
وأكد الدكتور عبد الرحمن أبو النصر أن كل ما ترتب على اتفاقيات أوسلو سوف ينتهي مثل المجلس التشريعي والهيئات، ولكنها مرحلة سيكون لها ما بعدها في ترتيبات داخلية وترتيبات خارجية على حد وصفة.
وفي سياق متصل رأى الدكتور محمد شلالدة أستاذ القانون الدولي في جامعة القدس أنه وضع ليس جديد على فلسطين لقد كنا شخص من أشخاص القانون الدولي تقوم به منظمة التحرير الفلسطينية كحركة تحرر تحت الاحتلال وبهذه الوضعية القانونية الجديد أصبحنا شخص من أشخاص القانون الدولي الذي تقوده دولة غير عضو في الأمم المتحدة تحت الاحتلال.
وأوضح شلالدة أن هذا الوضع القانوني الجديد يترتب عليه التزامات في القانون الدولي مثل أحقية دولة فلسطين التي تقع تحت الاحتلال بالانضمام إلى كل الاتفاقيات الدولية.
أضاف الدكتور محمد شلالدة لـ دنيا الوطن " هذه الخطوة أيضاً ستلقي بظلالها على الأمم المتحدة والاحتلال الإسرائيلي لتحمل مسؤولية اتجاهنا لأن انتقالنا من السلطة أو من منظمة تحرير إلى دولة تحت الاحتلال التي تعتبر شخص من أشخاص القانوني الدولي .
اما عن حل السلطة الوطنية الفلسطينية أو إلغاء الاتفاقيات الفلسطينية السابقة فكان لدكتور شلالدة رأي مختلف في هذا الملف موضحاً أن ذلك الموضوع يتم طرحه على المجلس الوطني الفلسطيني أو على الأجهزة الدستورية في حال تم إعلان دولة تحت الاحتلال وهو من يقرر إن كانت المصلحة العليا تحتم وجودهم أو الغائهم وحلهم.
وبالنسبة لصلاحيات الرئيس الفلسطيني محمود عباس فأشار أن إعلان دولة فلسطين سيزيد من صلاحيات الرئيس لآنه سيصبح رئيس دولة على المستوى الدولي وعلى المستوي الدستوري الداخلي في الانتقال من حركة تحرر إلى دولة تحت الاحتلال، ويجبر الاحتلال الإسرائيلي على احترام كل القرارات الدستورية للرئيس.
وفي الجهة المقابلة فأكد الدكتور علاء أبو طه أستاذ العلاقات والقانون الدولي أن الرئيس لن يقدم على هكذا خطوة وهي مجرد فقاعة إعلامية الأمر مجرد مناورة سياسية من قبل القيادة الفلسطينية عدلها تعيد شروط التفاوض وإعادة الجانب الأمريكي إلى المفاوضات معها، هو مجرد تحريك للمياه الراكدة.
وأضاف أبو طه لـ دنيا الوطن " هذا الموضوع ليس له علاقة بالقانون هو أمر سياسي بحت، هو محاولة من الرئيس للتقرب من المجتمع الدولي للخروج من المأزق، لا نستطيع كدولة أن نمارس حقوقنا وسيادتنا في وجود الاحتلال ".
تضاربت التحليلات القانونية حول معنى دولة فلسطينية تحت الاحتلال ويبقى السؤال الأهم إذا كان ينوي الرئيس بالفعل أن يعلن دولته دولة تحت الاحتلال فإن التساؤل الاهم هنا مصير الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية؟